يعتزم لبنان تسليم الوسيط الأميركي آموس هوكستين يوم الثلاثاء رداً يتضمن ملاحظات على العرض الخطي بشأن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وفق ما أعلن مسؤول لبناني معني بالتفاوض، آملاً الحصول على جواب نهائي قبل نهاية الأسبوع.
وتسلم رؤساء الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة المكلف نجيب ميقاتي يوم السبت من السفيرة الأميركية لدى بيروت دوروثي شيا عرضاً أميركياً حول ترسيم الحدود البحرية، من شأن التوصل الى اتفاق بشأنه أن يتيح للبلدين المتنازعين استثمار مواردهما النفطية.
وقال نائب رئيس مجلس النواب الياس أبو صعب، المكلّف من رئيس الجمهورية بمتابعة ملف التفاوض، إثر اجتماعين تقني وسياسي عقدا في القصر الرئاسي، إن ثمة ملاحظات من الجانب اللبناني تمّ توحيدها في تقرير، على أن يتم إرساله إلى هوكستين "كرد على الطرح الأخير" يوم غد الثلاثاء "على أبعد حد".
ولم يفصح أبو صعب عن مضمون الملاحظات، مكتفياً بالقول إنها "قانونية ومنطقية".
وأضاف "نحن اليوم لا نعطي جواباً رسمياً بل نعطي ملاحظات على الطرح".
وتابع "نتأمل أن نأخذ الجواب النهائي منه قبل نهاية الأسبوع" لافتاً الى أن موقف لبنان الموحّد "يصدر عندما نستلم التقرير النهائي".
وترأس عون الإثنين اجتماعاً للجنة التقنية المكلفة متابعة ملف الترسيم، قبل أن يلتقي بري وميقاتي وتنضم إليهم اللجنة التقنية.
وقال ميقاتي إثر الاجتماع إن "الأمور تسير على الطريق الصحيح"، مؤكداً أن الموقف الرسمي "موحد لما فيه مصلحة لبنان".
ولم يتمّ الإفصاح رسمياً عن مضمون العرض الأميركي. لكن المواقف الصادرة عكست تفاؤلاً بإمكانية التوصّل الى اتفاق. وقد صدر أبرزها عن حزب الله الذي قال أمينه العام حسن نصرالله السبت "نحن أمام أيام حاسمة في هذا الملف (...) نأمل أن تكون خواتيم الأمور جيدة".
وأشادت إسرائيل بدورها بالاقتراح الأميركي الذي يعزز وفق رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد "أمن إسرائيل واقتصادها"، موضحاً أن مقترح هوكستين سيخضع للمراجعة القانونية قبل عرضه للحصول على الموافقة النهائية للحكومة.
- "لا شراكة" -
وتسارعت منذ بداية حزيران/يونيو التطورات المرتبطة بالملف بعد توقف لأشهر، إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش تمهيداً لبدء استخراج الغاز منه. وتعتبر بيروت أنه يقع في منطقة متنازع عليها، بينما تقول إسرائيل إنه ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.
وهدد حزب الله، العدو اللدود لإسرائيل والمدعوم من طهران، خلال الأسابيع الأخيرة إسرائيل بالتصعيد العسكري، محذراً إياها من الإقدام على أي نشاط في حقل كاريش قبل التوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية.
وانتقل هوكستين الذي تقود بلاده منذ عامين وساطة بين لبنان وإسرائيل، مراراً بين البلدين خلال الأشهر القليلة الماضية، قبل أن يقدّم عرضاً مكتوباً.
وكانت المفاوضات بين الجانبين قد توقفت في أيار/مايو 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها، إذ اقتصرت المحادثات عند انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعا تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خريطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخريطة استندت الى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعا إضافية تشمل أجزاء من حقل "كاريش" وتُعرف بالخط 29.
وبعد وصول منصة استخراج الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية، دعا لبنان هوكستين لاستئناف المفاوضات، وقدم عرضاً جديداً لترسيم الحدود لا يتطرق الى كاريش، ويشمل ما يُعرف بحقل قانا.
ويقع حقل قانا في منطقة يتقاطع فيها الخط 23 مع الخط واحد، الذي أودعته إسرائيل الأمم المتحدة، ويمتد أبعد من الخط 23.
وقال لابيد في تغريدة الإثنين إن إسرائيل ستحصل "على 100 في المئة من احتياجاتها الأمنية و100 في المئة من كاريش وحتى بعض أرباحها من الخزان اللبناني"، في إشارة واضحة إلى حقل قانا.
لكن عون نفى الإثنين "أي شراكة مع الجانب الإسرائيلي".
وأكد أبو صعب من جهته أن الاتفاق يضمن للبنان "الحصول على كامل حقوقه في حقل قانا".
وفي حال التوصل الى اتفاق نهائي، لن يوقع لبنان على اتفاقية أو معاهدة مع إسرائيل، باعتبار أن البلدين في حالة حرب. وسيكتفي على الأرجح بتوجيه رسالة الى الأمم المتحدة.
ومن شأن التوصل الى اتفاق لترسيم الحدود البحرية أن يسهّل عملية استكشاف الموارد النفطية ضمن مياه لبنان الإقليمية.
وتعوّل السلطات على وجود احتياطات نفطية من شأنها أن تساعد البلاد على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي المتمادي منذ نحو ثلاثة أعوام.