- المحامي علي ابوحبله
لا يمكن لاي شعب في العالم التسليم بأمر الاحتلال ولا حتى القبول بممارساته وعدوانيته ، كيف الحال مع احتلال إحلالي يغتصب الارض ويوسع الاستيطان ويطلق العنان لمستوطنيه ويؤمن لهم الحماية في وضع اليد على عقارات المقدسيين وتدنيس حرمة المسجد الأقصى ويسعى لفرض التقسيم ألزماني والمكاني ، ويطلق لجيشه العنان لقتل الفلسطيني لمجرد الاشتباه ضمن سياسة ما يعرف باستباحة الدم الفلسطيني ، هذه الممارسات التي تقوم بها حكومة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني تدفع الفلسطينيون لإعلان ألانتفاضه الثالثة
يستخدم الإسرائيليون منذ سنوات مصطلح "جزّ العشب" للإشارة إلى عملياتٍ متكرّرة متتالية لقمع المقاومة الفلسطينية، في غزة، والضفة الغربية، والواقع أنّ جزّ العشب، عادةً يحدُث لترك الأرض والعشب الأخضر، متناسقاً منظّما ، على الفلسطينيين مسؤولية فهم الواقع الراهن، فيما يتعلق بالمقاومة، فهي أولاً خيارٌ يفرضه استمرار الاحتلال، لكن السؤال: هل يمكن تطوير فهم شامل فعلاً، ضمن استراتيجية سياسية مقاوِمة، أم سيبقى الأمر في إطار المبادرات الشعبية التي تحصل على حاضنة جماهيرية، لكن لا تحصل على الإسناد الحقيقي المطلوب سياسياً، وتنظيمياً، واستراتيجياً؟
إنّ المقاومة الشعبية التي يؤمن بها هؤلاء الشباب هي "الرد بالمثل"، أي أن الجنود يأتون بالرصاص، فالمقاومة الشعبية هنا بالرصاص، ووفق مفهوم المقاومة الشاملة التي تقتضي تكامل أنواع المقاومة، من أنماط الشيخ جرّاح وبيتا، مع مواجهة دخول الجنود بالقوة .
إن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف الفلسطينيون وتضيق الخناق عليهم والاقتحامات أليوميه والتغول في استباحة الدم الفلسطيني والاعتقالات والاستيطان والتوسع الاستيطاني ومصادرة الاراضي والترحيل القسري لسكان القدس قد أيقظت في نفوس الفلسطينيون وخاصة جيل الشباب وبغالبيتهم الفئة العمرية بعد ألانتفاضه الثانية مشاعر جديدة تؤكد أن إسرائيل غير راغبة بالسلام وان هدف إسرائيل الأرض ليس إلا والتضييق على الفلسطيني ضمن ممارسة سياسة الفصل العنصري
إن الانتخابات الاسرائيليه للكنيست الإسرائيلي الخامسة والعشرون المقررة في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر القادم ، أظهرت ان المجتمع الإسرائيلي يميل للتطرف والتعصب وان قوة اليمين الإسرائيلي جاء ليؤكد ان إسرائيل غير راغبة بتحقيق السلام ، وان ما تقوم به حكومة لابيد من أعمال وما تتخذه من قرارات وإجراءات تهدف جميعها لمحاصرة الشعب الفلسطيني وتضييق الخناق عليه ضمن محاولة إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وجعلها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبها الفلسطيني وذلك ضمن ما تسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي لتحقيقه من توسع استيطاني ومصادره للاراضي واستهداف للمسجد الاقصى والقتل اليومي هدفه ، إضعاف العلاقة ما بين المواطن والسلطة الوطنية الفلسطينية وذلك من اجل الدفع بالفوضى والعبث بالأمن ضمن ما تسعى حكومة الاحتلال لتحقيقه بما يؤدي إلى وضع مريح لحكومة الاحتلال يمكنها من تنفيذ مخططها الهادف لاستكمال تقسيم الضفة الغربية إلى دويلات
إن تجاهل القضية (الفلسطينية) والتنكر للحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني ، بسبب اليأس أو الجبن السياسي، أو عدم كفاءة القيادة الاسرائيليه وعدم فهمها لحقيقة وجوهر الصراع لن يجعلها تختفي ، ومن تداعيات هذه السياسة تصاعد المقاومة ضد الاحتلال ، تَبيتُ إسرائيل كل ليلة، تقريبا، على أنباء عمليات إطلاق نار على جنود ومستوطنين إسرائيليين، وتستيقظ على نتائج اشتباكات مسلحة مع فلسطينيين بالضفة الغربية.
الظاهرة المتكررة، في الأشهر الماضية، وبخاصة في منطقة شمالي الضفة الغربية، دفعت الكثير من الإسرائيليين للتساؤل عمّا إذا كانت إسرائيل على عتبة اندلاع "انتفاضة فلسطينية جديدة".
وعادت كلمة "انتفاضة" إلى البرامج الإذاعية الصباحية، ونشرات الأخبار المركزية المسائية في إسرائيل ، ويقول الفلسطينيون إن ما يجري هو رد على الاقتحامات الإسرائيلية اليومية للمدن والمخيمات الفلسطينية بالضفة الغربية، ولكنّ إسرائيل تعتبر أنه ناتج عن ضعف السلطة الفلسطينية.
وفي مارس/آذار الماضي أطلق الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية بالضفة الغربية أسماها "كاسر الأمواج"، ومنذ ذلك الحين يقتحم الجنود الإسرائيليون المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية ليلا، لتنفيذ عمليات اعتقال فقد ، ، أعلن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، في تصريح مكتوب، اعتقال 1500 فلسطيني حتى الآن في إطار هذه العملية.
ويرى خبراء إسرائيليون، أن جوهر المشكلة الفلسطينية "سياسي"، وليس أمنيا، وناجم عن غياب "الأفق السياسي"، جراء إغفال السياسيين والأحزاب في إسرائيل للقضية الفلسطينية وعدم وجود أي رؤية "سياسية" للتعامل معها.
وتوقفت المفاوضات السياسية بين الفلسطينيين وإسرائيل عام 2014، جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان، وتنصلها من خيار "حل الدولتين ، وترفض غالبية الأحزاب الإسرائيلية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتؤيد استمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
ويحذر سياسيون ومراقبون إسرائيليون من أن استمرار الوضع الحالي، قد يقود في النهاية إلى قيام "دولة ثنائية القومية".
يرى آفي يسسخاروف، المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن إسرائيل أمام "حالة جديدة" لا تشبه الانتفاضتين السابقتين اللتين اندلعتا في عامي 1987 و2000.
ويقول يسسخاروف لوكالة الأناضول: "لا أستطيع أن أصف ما يجري بأنه انتفاضة، لأن الانتفاضة كما شهدناها في العام 1987 وعام 2000 تتميز بأنها عمل جماهيري واسع...نحن بلا شك أمام حالة جديدة".
وأضاف، الخبير الذي غطى الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة لسنوات: "ما نشهده الآن هو وجود جيوب لمسلحين فلسطينيين خاصة في نابلس وجنين (شمالي الضفة) يشتبكون كل ليلة تقريبا مع الجيش الإسرائيلي أو يطلقون النار على أهداف إسرائيلية ، وتابع: "في كل مرة تدخل فيها القوات الإسرائيلية إلى مدن أو مخيمات في جنين ونابلس تحديدا، لتنفيذ عمليات اعتقال أو هدم منازل منفذي عمليات، يحدث اشتباك مسلح وإطلاق نار وهناك جرحى وقتلى".
واعتبر يسسخاروف أن هذا "شيء جديد لم نشاهده منذ الانتفاضة الثانية التي بدأت عام 2000".
وقال: "اليوم هناك مسلحون فلسطينيون في كل شارع بمدن ومخيمات الضفة الغربية وبخاصة شمالي الضفة، وصحيح أن الجيش الإسرائيلي ما زال يُحكم سيطرته، ولكن لا ندري ماذا سيحدث غدا "
وقال يسسخاروف: "إسرائيل تتجاهل القضية الفلسطينية، هي تتمنى لو أنه ليست هناك قضية فلسطينية، ولكن الوضع الذي نشهده في الضفة الغربية حاليا يقول أمرا آخرَ ، وأضاف: "إذا ما كانت إسرائيل تتجاهل القضية الفلسطينية، فهذا لا يعني أنها غير موجودة أو أن الفلسطينيين غير موجودين".
وكان قائد الجيش الإسرائيلي كوخافي، قد اعتبر أن جزءا من الزيادة في الهجمات "ينبع من ضعف أجهزة الأمن الفلسطينية، ما أدى إلى غياب الحكم في مناطق معينة من يهودا والسامرة (الضفة الغربية ))".
ويتفق يسسخاروف جزئيا مع هذا التحليل، ولكنه يشدد على ألا تعفي إسرائيل نفسها من المسؤولية.
وقال: "جزء مما قاله رئيس الأركان صحيح، ولكن السؤال المركزي هو لماذا السلطة الفلسطينية ضعيفة؟، أولا، بسبب عدم وجود انتخابات فلسطينية وعدم وجود إصلاحات فلسطينية، ولكن إسرائيل مسئولة أيضا، إن إسرائيل مسئولة بنسبة 50٪ على الأقل عن هذا الوضع".
وأضاف مفسرا: "إسرائيل تقول إنه ليس هناك شريك فلسطيني وترفض المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي، وتحتجز جزءا من الأموال الفلسطينية، وهو ما لا يمكّن السلطة الفلسطينية من دفع رواتب موظفيها، بمن فيهم عناصر الأمن، بشكل كامل .".
وكان مسئولون من الحكومة الحالية قد التقوا مع مسئولين من السلطة الفلسطينية بمن فيهم الرئيس محمود عباس، ولكنهم شددوا على أنها اجتماعات ذات طابع اقتصادي وحياتي وأمني، ولا علاقة لها بالجانب السياسي.
وتتعامل الحكومة الإسرائيلية مع الفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة، من منطلق أن الهدوء سيُقابل بعدد أكبر من تصاريح العمل وتسهيلات الحركة على الحواجز الإسرائيلية.
وأشار يسسخاروف إلى أن غياب الأفق السياسي للحل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هو جزء من المسؤولية عن الوضع ، وقال: "ليس هناك، ولو مسئول إسرائيلي واحد، لديه رؤية لحل سياسي حقيقي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي".
وأضاف: "ليس هناك رؤية للحل لا لدى رئيس الوزراء يائير لابيد، ولا لدى وزير الدفاع بيني غانتس، ولا رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، وإذا ما كانت لدى أي منهم رؤية فليتقدم بها".
ومن جهته، ينقل الباحث في معهد دراسات الأمن القومي التابع للجامعة العبرية عوفير شيلح عن مسؤولي الأمن في الجيش وجهاز الأمن العام "الشاباك" قولهم إن الوضع في الضفة الغربية "قد يتدهور في أي لحظة".
وأضاف في مقال نشره بصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية يوم الثلاثاء: "هذا هو نتيجة مجتمع (فلسطيني) محبط، مليء بالأسلحة النارية ويخضع لسلطة السلطة الفلسطينية الضعيفة، لكن هذا مجرد جزء صغير من الصورة الكاملة لأن خبراء الأمن لا يتابعون سوى الجانب العسكري للقضية، أو بعبارة أخرى العدو))".
وتابع: "إذا سُمح لهم بالتعبير عن إدراكهم في الجانب الإسرائيلي، فمن المحتمل أن يشيروا إلى عدم مبالاة الجمهور الإسرائيلي وصناع القرار " وأكمل شيلح: "إذا كانت هناك قضية واحدة لا تحظى باهتمام كلا جانبي الساحة الحزبية (اليمين واليسار)، فهي الشعور بأن المشكلة الفلسطينية لا تهم أحداً، لا تحظى بأي اهتمام في الحملات الانتخابية، وهذه ليست مصادفة: في الاستطلاعات العميقة لمختلف الأحزاب السياسية في إسرائيل، هذا موضوع يقع في أسفل قائمة البرامج الانتخابية " وأردف: "قد يُغيّر الشكل الجديد للانتفاضة القادمة الصورة كاملة".
إن تجاهل حكومات الاحتلال الصهيوني للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في ظل غياب أي أفق للسلام وجمود العملية السلمية وتوقف المفاوضات في ظل الممارسات الصهيونية وعربدة المستوطنين و المأزق السياسي الداخلي الإسرائيلي بفعل الصراعات الاسرائيليه تدفع الجيل الفلسطيني الناشئ للانتفاضة الثالثة وهي بلا شك غير الانتفاضات السابقة .
ان تنامي الشعور الفلسطيني بضرورة مواجهة الاحتلال وتفعيل العمل المقاوم تأتي في ظل تنامي الشعور لمواجهة ممارسات ومخططات الاحتلال في ظل انعدام أي أفق للحل السياسي وفي ظل موقف دولي لا مبالي وانعدام اتخاذ أي إجراءات تحول دون المخططات الاسرائيليه الهادفة إلى تهويد الأرض الفلسطينية ، إن الحصار الاقتصادي الخانق وتحكم حكومة الاحتلال بالموارد الوطنية الفلسطينية وتحكمها بالاقتصاد الفلسطيني بموجب اتفاقية باريس ألاقتصاديه وحجب الموارد المالية وحجزها والتحكم فيها والضغط الأمريكي الممارس على العديد من الدول لحجب مساعداتها عن الفلسطينيون في ظل سياسة تتعمد كسر إرادة الصمود الفلسطيني أصبحت جميعها تدفع الجيل الناشئ للانتفاضة الثالثة ضد الاحتلال
على المجتمع الدولي أن يدرك مخاطر وتداعيات السياسة الاسرائيليه التي تهدد امن وسلامة المنطقة وأن حالة الإحباط واليأس تدفع الجيل الشاب للتمرد والثورة ضد الاحتلال ورفض سياسة الأمر الواقع ورفض كل الإغراءات ، ما يعانيه الفلسطينيون بفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي يزيد من معاناتهم يوما عن يوم وما لم يشرع المجتمع الدولي بتطبيق قرارات الشرعيه الدوليه فان المنطقه باتت مفتوحه على كل الاحتمالات
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت