في جلسة عقدها لنقاش مسودة تقرير حول "واقع ممارسة القطاع الخاص للمسؤولية الاجتماعية في فلسطين في ضوء المعايير الدولية"

الفريق الأهلي: التوجه الحكومي أو المؤسساتي للمسؤولية الاجتماعية للشركات ما زال ضعيفاً وبحاجة الى خطة استراتيجية لمأسسته محليا

عقد الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، جلسة نقاش حول مسودة تقرير بعنوان: "واقع ممارسة القطاع الخاص للمسؤولية الاجتماعية في فلسطين في ضوء المعايير الدولية"، يهدف إلى تقديم توصيات عملية لصناع القرار لتعزيز إدارة وحوكمة موضوع المسؤولية الاجتماعية بشكل عام ونحو مساهمة القطاع الخاص في الجهود الوطنية لمكافحة الفساد بشكل خاص.

 

استهلت الجلسة بكلمة من هامة زيدان، مديرة العمليات في ائتلاف أمان، والتي أبدت أن اهتمام ائتلاف أمان نابع من الحرص على الاستثمار الافضل لمساهمات القطاع الخاص الفلسطيني المتأتية من مسؤوليته الاجتماعية وذلك وفق رؤية مجتمعية واضحة وممأسسة، وذات أثر طويل الأمد، مضيفة أن التقرير قام بفحص واقع المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص الفلسطيني بأبعاده الاجتماعية والمالية والحقوقية في ضوء المفهوم والمعايير الدولية المعتمدة، ومؤشرات الحوكمة في إدارة هذا المجال، وتقديم الدعم للفئات المهمشة ودور القطاع الخاص في المساهمة في تعزيز النزاهة ومحاربة كافة أشكال الفساد.

يتباين تعريف المسؤولية الاجتماعية مع عدم وجود خطة استراتيجية في هذا المجال

فيما استعرضت الباحثة ايمان سعادة التقرير، معرفة مفهوم المسؤولية الاجتماعية في السياق الفلسطيني، والذي لم تتوافق بشأنه جميع الشركات، حيث ما زال مفهوم المسؤولية الاجتماعية يساء تطبيقه أو غير واضح لدى كثير من شركات القطاع الخاص حيث يتداخل المفهوم مع أنشطة أخرى مثل العلاقات العامة والترويج للشركة في كثير من الأحيان أو لتحسين صورة الشركة وغيرها من الانشطة، كما أن أغلب الدعم المقدم من شركات القطاع الخاص يقدم في اغلب الاحوال بناء على طلبات فردية من الأفراد أو المؤسسات من جهة، إضافة أن اختيار القطاعات قد يخضع لاجتهادات الادارة التنفيذية لكل شركة بناء على تقديرها للأولويات من جهة أخرى، إذ ليس هنالك خارطة حكومية أو اقتراح من مؤسسات حقوقية أو من المجتمع المدني حول الأولويات التنموية الوطنية، ومن غير الواضح وجود برامج محددة ضمن خطة استراتيجية لدى غالبية الشركات والتي يتم التقدم لها من قبل الأفراد أو المؤسسات للحصول على التمويل لتنفيذ مبادراتهم أو مساعدتهم.

ضعف الشركات في تطبيق مسؤولية الاجتماعية في سياسات التوظيف

اشتمل التقرير على بعض المؤشرات التي اعتمد عليها، مستندا بذلك لبعض الاحصائيات المذكورة في مسح الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني لعام 2009، والذي أطر المسؤولية الاجتماعية بوصفها "ثقافة الالتزام بالمسؤولية ضمن أولويات التخطيط الاستراتيجي للمؤسسات، وتوفير الدعم والمساندة تجاه التنمية المستدامة بأبعادها الثلاث، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. المسؤولية الاجتماعية للشركات هي نهج استراتيجي للقيام بالأعمال التجارية في مجتمعنا بطريقة مستدامة ومسؤولة".

أظهر المسح عدة نتائج منها أن 57.7% فقط من الشركات في الأراضي الفلسطينية لديها معرفة كافية بمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات (61.4% في الضفة الغربية، و47.8% في قطاع غزة). ومن ناحية مسؤولية الشركة الاجتماعية في سياسات التوظيف فتبين من نتائج هذا المسح أن 78% من الشركات لا توظف ذكور ذو اعاقات، و85% من الشركات لا توظف إناث ذو اعاقات (لم يتوفر تحديث أو أي مسح آخر حديث يتعلق بهذه الجوانب).

طابع الدعم المقدم من الشركات "إغاثي" وغير مرتبط بأهداف التنمية المستدامة 2030

أما حسب مجال الدعم، في الغالب يكون إغاثي، وغير مرتبط بالعمل المستدام المرتبط بالتنمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، فالنسبة الأكبر من الشركات تساهم في مجال القضايا الاجتماعية وبالغالب هي مساعدات اجتماعية ذات طابع إغاثي 56% من الشركات بشكل عام. وعلى وجه الحصوص فإن قضايا الفنون والثقافة حظيت على نسبة 28% من الشركات باهتمام بدعمها، قضايا التعليم حوالي 40% والتي قد تكون على شكل منح ومساعدات للطلاب المحتاجين أو بعض مبادرات ومسابقات التعليم، وقضايا الرياضة تهتم بها ما نسبته 30% من الشركات، و13.4% فقط لقضايا البيئة، وذلك بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2011).

نموذج وقفة عز شائك وغير موفق بعكس المسؤولية الاجتماعية

عرج التقرير على مثال وقفة عز، كونه نموذجا للمسؤولية الاجتماعية، دعت الحكومة الفلسطينية لتأسيسه في محاولة للتكاثف والتضامن الاجتماعي في مواجهة أثار جائحة كورونا الاقتصادية والاجتماعية والصحية على المجتمع الفلسطيني، حيث يمكن اعتباره بمثابة تقييم عملي لسياسات المسؤولية الاجتماعية للشركات حيث اعتمد الصندوق على تبرعات القطاع الخاص المحلي بشكل أساسي. حيث بلغت قيمة تبرعات الشركات الفلسطينية للصندوق قرابة 50 مليون شيكل وشكلت 81% من إجمالي ما تمكن الصندوق من جمعه، على الرغم من أن الصندوق حدد هدفا بجمع قرابة 100 مليون شيكل، إلا أنه لم يتمكن من جمع تبرعات سوى بقيمة 62.1 مليون شيكل من كافة المتبرعين (يشمل الشركات) حتى تاريخ 4/7/2020. وعند مقارنة ما تم جمعه من تبرعات لصندوق وقفة عز من خلال بعض شركات القطاع الخاص مع الإعفاءات الضريبية التي تحصل عليها الشركات الخاضعة لقانون تشجيع الاستثمار، نجد أنه لم يتجاوز عدد الشركات التي تبرعت للصندوق 95 شركة. كما أن النسبة الأكبر من التبرعات جاءت من الشركات غير الخاضعة لقانون تشجيع الاستثمار وهو ما يعد مفارقة وخللا في الدور الاجتماعي لهذه الشركات، بالأخص خلال فترات الطوارئ، مقارنة مع ما تحصل عليه من تسهيلات للعمل في هذا المجتمع، وهو ما يحقق لها أرباح مالية مرتفعة.

 

عدم بلورة واعتماد مؤشرات وطنية لتقييم المسؤولية الاجتماعية

بين التقرير عدم وجود نص قانوني أو تشريع يلزم الشركات بالإنفاق في مجال المسؤولية الاجتماعية، إنما تلتزم الشركات بالإفصاح المتفاوت عن سياسات وأنشطة المسؤولية الاجتماعية التي تنفذها، كما أنه لم يتم إلى اليوم بلورة واعتماد مؤشرات وطنية لتقييم المسؤولية الاجتماعية للشركات أو تنفيذ مسح للمسؤولية الاجتماعية يتضمن هذه المؤشرات ويظهر تطورها بشكل سنوي. كما بين أيضا أن التوجه الحكومي أو المؤسساتي للمسؤولية الاجتماعية للشركات ما زال ضعيفاً، ومن غير الواضح أن هناك وثيقة حكومية تمثل مرجعية حول التعامل مع المسؤولية الاجتماعية للشركات، أهميتها، أو أهم القطاعات التي يمكن أن يعمل القطاع الخاص على توجيه مبادراته إليها لعلاقتها بأهداف التنمية المستدامة 2030 وأهداف وأولويات الأجندة الوطنية.

يتوجب على الجهات الحكومية المساهمة برسم خارطة للأولويات في فلسطين مع أهمية التركيز على الفئات المهمشة

أوصى التقرير برفع الوعي لدى شركات القطاع الخاص بمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات وهو ما يخلق مساءلة مجتمعية للشركات ويلزمها بالالتزام بواجبها اتجاه المجتمع، إضافة الى توصية الجهات الحكومية أخذ دورها في رسم خريطة للقطاعات التي بحاجة لدعم والأهداف التي تسعى لتحقيقها ومجالات تدخل القطاع الخاص من خلال المسؤولية الاجتماعية في هذه القطاعات مع التركيز على الفئات المهمشة والضعيفة مثل ذوي الإعاقة والنساء والفقراء، إضافة الى دعوة الشركات وتوجيهها نحو الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، الحفاظ على البيئة، الالتزام بحقوق أصحاب العلاقة المختلفين، وأهداف التنمية المستدامة.

مطلوب من الشركات اعتماد سياسة واضحة بخصوص المسؤولية الاجتماعية ومجالاتها

كما على شركات القطاع الخاص اعتماد سياسة واضحة لسياستها في المسؤولية الاجتماعية ومجالاتها، وتعزيز توجه شركات القطاع الخاص في إعلانها عن القطاعات والمشاريع والمبادرات التي تعنى بتوجيه المسؤولية الاجتماعية اتجاهها وبالتالي تسهيل التواصل مع الشركات حسب اهتماماتها والقطاعات التي توجه مسؤوليتها الاجتماعية لدعمها، وتعزيز تعزيز توجيه سياسات المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص نحو تقوية ودعم المبادرات والمشاريع المعنية بتمكين النساء.

أمان: تم ذكر المسؤولية الاجتماعية في مدونة قواعد الحوكمة ومدونات سلوك خاصة بالقطاع الخاص

عقب الدكتور عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد، مستذكراً أنه لم يكن بند المسؤولية الاجتماعية موجودا في قانون الشركات القديم للعام 1964، وحين شكلت الحكومة لجنة ترأسها هيئة سوق رأس المال، بصفتها جهة رقابية على الشركات وتحديدا الشركات المسجلة في السوق المالي، إضافة الى سلطة النقد وجمعية البنوك، وبعض ممثلي الشركات أو الاتحادات الكبيرة في مجلس تنسيق القطاع الخاص، ناقشت أمان وضع بند المسؤولية الأخلاقية ضمن مدونة أخلاقيات العمل في القطاع الخاص وقواعد الحوكمة فيه، على أن تنقل بعض الأحكام من المدونة الى القانون، حينما تنضج وتكون الظروف مؤاتية.

وأشار الشعيبي أن التقرير طرح مفهوماً واضحا حول المسؤولية الاجتماعية، بعد أن كانت فكرة غير متفق عليها لغاية اللحظة بين الحكومة، والشركات، ومؤسسات المجتمع المدني على حد سواء، فهو ليس تبرعات أو فزعات أو معونات، وانما يتوجب أن يكون مفهوم وطني تنبع من مسؤولية القطاع الخاص تجاه المجتمع حسب احتياجه، ما يترتب على الحكومة إعداد خطة وطنية للاحتياجات، مع مساهمة أمان في تطوير المفهوم من جهة وتضمين المساهمة في جهود مكافحة الفساد كأحد الاولويات، وفلسطنته وفقا للاحتياجات والأولويات والآليات مع سوق رأس المال، يتبعها بلورة لمؤشرات متفق عليها لقياس ما تقدمه الشركات، واتفاق على إطار واضح للعمل.

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله