- بقلم الإعلامي والكاتب: فراس الطيراوي
- عضو الأمانة العامة للشبكة العربية للثقافة، والرأي، والإعلام/ شيكاغو.
جَسَّ الطبيبُ خافقي وقال لي: هَلْ ها هُنا الأَلمْ ؟ قلتُ له: نَعَمْ، فَشَقَّ بالمِشرَطِ جيبَ مِعْطفي، وأخْرجَ القَلَمْ، هَزَّ الطبيبُ رأسَهُ.. وَمالَ وابتَسَمْ، وَقالَ لي: ليسَ سِوى قَلَمْ، فَقلتُ: لا يا سيّدي، هذا يَدٌ.. وَفمْ، رَصاصةٌ.. وَدَمْ، وَتُهمَةٌ سافِرَةٌ.. تَمشي بلا قَدَمْ ! ، إنتهى كلام المناضل والشاعر احمد مطر وانني وغيري كثر لأشد إيماناً بلافتته هذه بالذات لان «صوت القلم» أقوى من صوت الرصاص أحيانا.فالأقلام هي الدينمو والمحرك الرئيسي للشعوب والأقوام ، كان يتحرك القوم ببيت من شعر ، والبعض الآخر يسير جيوشاً بقصيدةٍ أو بنثر، ويدرك دون أدنى شك المحتل الصهيوني الجبان بأنه رصاصة ودم منذ القدم ، فأغتيلت الأقلام على الساحات في السر والعلن!!! فلهذا أقدم جهاز الموساد الصهيوني في التاسع من أكتوبر عام ١٩٨١باغتيال القائد والكاتب المبدع والوطني الغيور ماجد ابو شرار عضو اللجنة المركزية لحركة" فتح" ، ومسؤول الإعلام المركزي الفلسطيني أثناء مشاركته في فعاليات مؤتمر عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في روما. لينتقل إلى باريه ويعتلي بتاريخه المجيد ذاكرة الناس من فلسطينيين وعرب، وعجم وأجانب.
حقاً لقد صدق العرب قديماً عندما قالوا : لكل امرئ من إسمه نصيب،، ماجد كثير المجد، السخيّ، الأصيل، الشريف، ذو المروءة، الحسن الخلق، الخَيِّر، السد المنيع. لقد قضى الشهيد الماجد جل حياته في النضال، في جميع المجالات وفي المقدمة منها السياسية، والأدب والإعلام من اجل خدمة أعدل قضية على وجه البسيطة. كان القائد ماجد نبراساً مضيئاً، ورجلاً شجاعاً، وقامة شامخة كشموخ جبال الخليل الشماء.
كان يحلم بكنس الاحتلال الصهيوني الغاشم، وقيام دولة فلسطينية ديمقراطية خالية من الإظطهاد والقمع، مستقلة موحدة يعيش في ظلالها أبنائها المخلصين بعز ورفاهية وكرامة. ولذلك عمل راحلنا الكبير على أن تتصف جميع سلوكيات حياته العامة والتفصيلية بما ينسجم مع احلامه،بل كان الماجد دائم التفكير بالطرق والوسائل التي تحقق حلمه الكبير، ففي مجال العمل الصحفي والكتابة كان له باع طويل في هذا الخصوص. ولم يغفل العمل النضالي، فقد شارك في كل معارك الثورة الفلسطينية وكل النشاطات السياسية التي تصب في مسار تحقيق أحلام شعبنا الفلسطيني. وبهذا النمط من الحياة التي عاشها، وبهذه الروح المضحية أصبح أبا شرار أحد الرموز الوطنية المعروفة ليس في حركة فتح والساحة الفلسطينية والعربية فحسب، وانما في الساحة العالمية ايضا. الحديث عن القائد الشهيد ماجد ابو شرار وتاريخه المشرف وسجله الناصع طويل وذا شجون، واهم ما في هذا التاريخ إخلاصه لفلسطين وأهله وشعبه طيلة حياته التي عاشها،. هذا السجل المشرف لا يمكن اختزاله في كلمات او عبارات او صفحات قليلة،. فهو يعد من القادة الوطنيين المهمين في الحركة الوطنية وحركة التحرر الوطني العربية والعالمية حتى اصبح مثالا يحتذى به في التمسك بثوابت فلسطين الوطنية والقومية العربية،. مثلما كان مثالا رائعا ومشهودا في صلابة مواقفه الوطنية والقومية ورفضه التنازلات والمساومات على حساب الوطن واهله،أبدع الشهيد أبو شرار في زرع الأفكار النضالية وكسب محبة الجميع، وحدد المؤيدين والمقاومين لفكره، وهزم فكرة الانشقاق في بداياتها بشكل عام وفي اليسار الفتحاوي بشكل خاص، مثلما رفض العروض والمغريات من اجل جره الى الخندق الموالي للدول الاقليمية وعلى رأسها سوريا او بالأحرى النظام السوري في تلك الحقبة من الزمن. فالراحل الكبير كان يؤمن بان طريق التنازلات والسير به تحت اية ذريعة قد يؤدي الى تدمير المشروع الوطني، وقد يصل باصحابها حد الخيانة الوطنية.
نعم كان مثالا للوطني والمناضل الحر، عرف عنه الشهامة والكرم والنقاء والطهر الثوري، كان محبا للجميع ومخلصا لهم، كان رقيقا رغم صلابته في المواقف الصعبة والمحن. في حين كان قويا ومتماسكا بالقيم والمباديء، كان امينا وصادقا وعفيفا. وذو شخصية قوية وخصال حميدة واخلاق عالية، اضافة الى إخلاصه لفلسطين وقضيتها العادلة وثوابتها الوطنية والقومية. كان مستعدا للتضحية بحياته وهذا ما حدث من اجل كل القضايا التي كان يؤمن بها.
كانت فلسطينيته اصيله وعروبته راسخة ومتجذرة في اعماق الارض،هكذا كان على الدوام حتى ساعة رحيله.
ختاما : أيها الشهيد الماجد كل ما عندي من بقايا قول هو انك برحيلك لم يفقدك اهلك واصدقائك ومحبيك فحسب، وانما فقدتك الحركة الوطنية وحركات التحرر العالمية، وفقدك شعب فلسطين كونك ابنه البار والمخلص. فنم قرير العين يا ماجد، فحين تتحرر فلسطين سيرتفع إسمك عاليا كونك أحد من وضع اللبنات الاولى في تشيد صرح فلسطين المحررة والموحدة والقوية الواعداة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت