- الاستاذ عبدالرحمن سعيدي برلماني سابق وسياسي
في 15 نوفمبر عام 1988 دخلت منظمة التحرير الفلسطينية إلى الجزائر واعلنت من خلالها مجلسها الوطني قيام الدولة الفلسطينية المستقلة واعترفت بها العشرات من الدول ذلك بعد سنوات من الثورة التي انطلقت عام 1965 ولم يكن الاعلان وقتها ميسورا وسهلا حيث لم يجد الرئيس الراحل القائد ياسر عرفات ابوعمار مكانا لعقد اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني وكان الكيان الصهيوني يهدد ويتوعد الفلسطينين ومن يحتضن مجلسهم فانبرت الجزائر وتقدمت وقتها منحت الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الموافقة واحتضنت لقاءات المجلس الوطني رغم التهديد والوعيد الصهيوني واستعدت الجزائر لهذا الحدث بحكم أن الجزائر دولة ثورية وتعي جيدا معاناة الثوار و حجم التجاذبات السياسية من الخارج في ساحتهم ومدى تأثير تلك التجاذبات على قرارهم واستقلاليتهم
وكانت تدرك حجم المخاطر المحدقة بها لكنها تصدت لها واعدت نفسها لذلك وبكل الوسائل حتى الوسيلة العسكرية وانعقد المجلس الوطني والجزائر أعلنت حالة الطوارئ لكل قواتها العسكرية خاصة الجوية والبحرية والدفاع عن الاقليم "الرادارات والرصد" وقتها واعلن الزعيم الراحل أبوعمار قيام الدولة الفلسطينية المستقلة من الجزائر وشارك الرئيس الجزائري شاذلي بن جديد رحمه الله تعالى الشعب الفلسطيني ومختلف فصائله الاعلان التاريخي
بعد هذا الاعلان استهدفت القوة الغربية مع الكيان الصهي_وني هذا الاعلان بمشاريع عديدة عملت من خلالها على توسيع الهوة وتعطيل قيام الدولة واختلفت وجهة نظر الفلسطينين ومواقفهم خاصة بعد مشروع أوسلو وعزة واريحا
و كيفية وضع الدولة الفلسطينية على الأرض ومشكلة التنسيق الأمني وتوالت الأحداث منها الانتفاضة الأولى والثانية والانتخابات التي حدثت وتوسعت الهوة أكثر إلى حد الانقسام الصف الفلسطيني وعملية توسيع العضوية في منظمة التحرير والمجلس الوطني ونسب المشاركة فيها والمقاومة وتغيير الخريطة على الأرض ووجود مراكز القوة وعدم توازنها بين الغزة والضفة الغربية واختلاف إلى درجة أن الشعب الفلسطيني ظل بدون مؤسسات منتخبة شرعيا وكل مرة تتأجل الانتخابات وما زاد في تشتت الصف الفلسطيني المواقف العربية المبعثرة في ساحة المقاومة والتطبيع والمشروع صفقة القرن وغطرسة الكيان الصهيوني وعدوانيته وتماديه وسياسات الاستيطان التي باتت تتوسع ولم تتوقف وهجرة اليهود إلى فلسطين المحتلة وعمليات تهجير الفلسطينين والاعتداء على القدس وحرم الأقصى المبارك
وامتد الانقسام من 2007 إلى اليوم وصار عقبة كبيرة لتوحيد الصف الفلسطيني بشكل لا يسمح بتحديد التصورات والرؤية للنضال الفلسطيني واسترجاع حق الشعب الفلسطيني وتحقيق السلام
مع مطلع سنة 2022 انبرت الجزائر مرة أخرى بعد رفضها لمشاريع التطبيع التى انخرطت فيها بعض. الدول معتقدة أنها تحقق بها السلام المنشود و زاد ضاعت القضية الفلسطينية على المستوى الدولي والإقليمي وتدحرجت أكثر في سلم الأولويات في القضايا العادلة العالم
في هذه اللحظة الحرجة مع انقلاب موازين في العالم أدركت الجزائر تحت رئاسة عبد المجيد تبون المدعوم بموقف الشعب الجزائري وكل المؤسسات الجمهورية الجزائرية نحو العمل على جمع الفصائل الفلسطينية المختلفة والموجودة على أرض فلسطين إلى ثلاثة مرتكزات النضال الفلسطيني
اولها ..الحوار واللقاء والتشاور والجلوس إلى طاولة واحدة ولا يتحقق ذلك إلا بإزالة كل العراقيل والعوائق امام هذا الاجتماع وذلك بالاستماع إلى كل الأطراف الفلسطينية وما لديها من خلافات مع الآخرين دون تحفظ
ثانيها ...المصلحة المشتركة وهي حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية ورفع الغبن عنه وحمايته من العدوان
ثالثها ... تمثيل الشعب الفلسطيني والتعبير عنه بصوت واحد وعدم الاختلاف عن الراية الجامعة والشرعية للشعب الفلسطيني وهي منظمة التحرير مع الاحتفاظ داخل هذا الإطار بحق المخالفة والرأي الآخر والتعايش السلمي والتوافق على اشكال وأطر وأساليب النضال من أجل استرجاع الحق الفلسطيني
والجزائر بعد استماعها ومشاوارتها مع كل الأطراف والفصائل طيلة شهور قامت بإعداد أرضية من المقترحات والانشغالات والقضايا المختلف فيها من مختلف الفصائل وعمدت إلى تضمين رؤيتها كل ما تم التوافق عليه سواء بين حركة فتح وحماس على المستوى الثنائي اكبر فصيلين وسائر الفصائل الفلسطينية و الوثائق والاتفاقات التي تمت في كثير من الجولات والعديد من اللقاءات في دول عربية منها مصر
والتحقت كل الفصائل الفلسطينية بالجزائر وفي قاعة المؤتمرات بالعاصمة الجزائرية يتم إنهاء صياغة اعلان الجزائر بالمشاورات الأخيرة لإنهاء الانقسام الفلسطيني وفق رؤية فيها الكثير من القواسم المشتركة منها الحفاظ على إطار منظمة التحرير كممثل شرعي للشعب الفلسطيني مع وجود كل الفصائل بها والتمثيل في المجلس الوطني وعضويته بالانتخاب العودة إلى حكومة وحدة وطنية يشارك فيها كل الأطراف مع عودة الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتعود المؤسسات لتمثيل الشعب مع وضع ورقة سياسية متوافق عليها في عملية النضال من أجل استرجاع حقوق الشعب الفلسطيني
وبذلك سيخرج من الجزائر اعلان الجزائر لإنهاء الانقسام
وقد وفرت الجزائر كل الجهود لهذا المؤتمر الذي سيكون مقدمة ناجحة للقمة العربية حيث ستجد القمة العربية أمامها ورقة فلسطينية متوافق عليها بين كل الفصائل الفلسطينية وهذا يساعد كثيرا على اتخاذ قرارات مهمة في شأن القضية الفلسطينية مستقبلا على مستوى الجامعة العربية
وقد صرح كل القيادات الفلسطينية بجودة الورقة الجزائرية وأنها جمعت اغلب المشترك بين الفصائل الفلسطينية دون استثناء
وان ظروف المؤتمر جد إيجابية ومواتية للخروج بهذا الإعلان
وقد شارك الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الفصائل الفلسطينية جزء من اشغالهم
وما يبقى الا وضع الخطوات والمراحل لتحقيق ورقة الجزائر وهي أمام تحديات وتهديدات في الداخل والخارج
الاستاذ سعيدي عبدالرحمن برلماني سابق وسياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت