المجاعة الطاقوية والهروب من السؤال المحوري !!!

بقلم: عبد الرحمن سعيدي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يزور منطقة تدريب للجنود الاحتياط وسط تصاعد النزاع مع أوكرانيا 1.jpg
  • بقلم:سعيدي عبدالرحمن
  •  كاتب جزائري_برلماني سابق وسياسي


تتعرض أوروبا إلى مجاعة طاقوية من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية
 حيث أمسكت روسيا غازها  وطاقتها عن أوروبا بعد ان فرضت أوروبا عقوبات اقتصادية ومالية على روسيا  مع أمريكا وانحيازها الى اوكرانيا ودعمها بالسلاح والمنظمات الدفاعية في مواجهة الروس وإنفاق الملايير من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتصمد اوكرانيا أمام الاتحاد الروسي .

ومع مرور أكثر من ثمانية أشهر على الحرب وتنفيذ العقوبات على روسيا تضررت أوروبا من العقوبات أكثر من روسيا  وقد حذر الخبراء والمختصين وكبار الاقتصاديين من تداعيات العقوبات على أوروبا بالاتجاه المعاكس وصدق من وصف العقوبات بالشخص الذي يطلق النار على قدميه من بندقيته .


ومع اقتراب فصل الشتاء سيكون صعبا"  ازدادت الحاجة للطاقة وصارت مكلفة  وتضاعف سعرها اثخنت خزائن دول الأوروبية وتعطلت آلة الصناعات والإنتاج واحدثت تضخما رهيبا يصل إلى 10 بالمئة لأول مرة ومع هذه المجاعة الطاقوية تحرك وقود الاضطرابات الاجتماعية في بعض العواصم الأوروبية  بمظاهرات ومواجهات وتشكلت  طوابير كبيرة عند محطات الوقود وارتفاع الأسعار لكثير من المواد الغذائية والخدمات وتقلصت وانكمشت الرفاهية عند الشعوب الأوروبية .


 وكشرت عن أنيابها الحياة القاسية مع بوادر فصل الشتاء وهرع الناس إلى الوسائل التقليدية للطاقة وبدأ التفكك في الاتحاد الأوروبي والذهاب إلى روسيا بالعزف الفردي مثل المجر ودخلت الأزمات السياسية على الخط من استقالة رئيسة الوزراء بريطانيا من زعامة الحزب وممكن من الحكومة والبروز السياسي في الساحة لليمين المتطرف الذي يعزف على وتر المحلية والمصلحة القومية ولا يشاطر الاتحاد الأوروبي نظرته وسياسته .


وتزداد وتيرة الاحتجاجات وتنتشر بشكل لافت ونجحت روسيا بمواقفها وتصلبها ومكاسبها الميدانية  في ارض اوكرانيا واستعداداتها الاقتصادية والمالية وتحالفاتها  المختلفة من اختراق الصف الأوروبي وجبهته الاجتماعية وما يخشاه الاتحاد هو أن تتجه الشعوب الأوروبية إلى السؤال المحوري هو لماذا اقحمت الحكومات الأوروبية شعوبها دون الرجوع إليها بشكل شفاف وديموقراطي؟

 ورهنت مستقبل شعوبها بحرب لا تعود عليها بالاستقرار والعيش الكريم ؟


السؤال المحوري الذي يجب أن تتجه إليه الشعوب الأوروبية

لماذا هذه التبعية السياسية  التى تسىلكها  أوروبا مع الولايات المتحدة الأمريكية في كل النزاعات العالمية من العراق الى أفغانستان واليمن وغيرها ؟ دون استقلالية وسيادية ؟


لماذا لم تعمل أوروبا على  الابتعاد من التبعية الطاقوية عن روسيا وظلت رهينة أكثر من 40% من حاجياتها الطاقوية من روسيا ?


لماذا لم تستشار الشعوب بشكل ديموقراطي وشفاف في مواجهة الحرب والانخراط فيها ?
اين الفعل الديموقراطي في بناء جبهة اجتماعية داخلية في تقدير المصلحة والمفسدة
أوروبا بالاليات القديمة والموضوعة لها من بعد الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة لا يمكنها أن تستقل عن القرار الأمريكي الذي يواجه خصومه دائما في الساحات  الدولية خارج ساحته الداخلية


 ويخوض حروبا بالوكالة في العالم بأقل تكلفة مالية وبشرية .


أوروبا تعاني في كل الاتجاهات  وتتفكك وتنهار اقتصاديا وماليا وكثرت ديونها وخسائرها
وهناك دول أوروبية خسائرها فادحة بحكم قلة الخيارات أمامها وضغط شعوبها وفيها من يعمل على خرق العقوبات ويتمرد عنها
 ويطالب بالاستقلالية لأنه تضرر كثيرا كما يحدث في المجر والتشيك وإيطاليا حيث تم تلصيق ملصقات تقول "بروكسيل دمرتنا عقوباتك " .


أوروبا أمام تحديات وصعوبات ليست اضطرابات اجتماعية وانما دخلت حربا بالتبعية والوكالة عن امريكا وتورطت ولا خروج منها إلا بالعودة إلى القرار الوطني السيادي يراعي المصلحة الوطنية والبحث عن إخراج الوضع في اوكرانيا بالمفاوضات والعودة للحل الديبلوماسي وفك الاشتباك ومطالبة الطرفين بالجلوس إلى المفاوضات ...


المجاعة الطاقوية لا تنتهي إلا  بالعودة إلى المسار الطبيعي مع روسيا والحل السياسي والديبلوماسي كحل وتصريحات الأخيرة للرئيس فلاديمير بوتين لا يمانع من ذلك .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت