من هي مجموعة "عرين الأسود" المسلحة الفلسطينية الناشطة في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية؟ والتي باتت تشغل الخبراء وقادة الأمن الإسرائيليين على حد سواء.
ظهرت "عرين الأسود" علنا في عرض عسكري مطلع سبتمبر/أيلول الماضي في البلدة القديمة بنابلس، وينتمي أفرادها لمختلف الفصائل الفلسطينية.
وأصبحت "عرين الأسود" واحدة من أبرز المجموعات المسلحة في الضفة الغربية ، فيما يعتبر القضاء على هذه المجموعة أحد أبرز أهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي في ظل تصاعد قوتها العسكرية وحاضنتها الشعبية.
نبذة عرين الأسود:
كانت نابلس تشهد تجمعاً لعدد من المسلحين من أبناء المدينة وقراها يتمركزون في البلدة القديمة منها، وقد بدأ الحديث عنهم في وسائل الإعلام وفي الشارع بعد اعتقال الاحتلال للشخصية الأكبر عمراً ووزنا فيهم عبد الرحمن شاهين بعملية خاصة غابت عن المدينة منذ سنوات، وذاع صيت المجموعة المسلحة في شباط 2022 بعد أن اغتالت الاحتلال الإسرائيلي لثلاثة شبان من البلدة القديمة هم: أدهم مبروكة ومحمد الدخيل وأشرف المبسلط ، وكانوا ضمن نواة بدأت بتنفيذ عمليات إطلاق نار في محيط نابلس وقد نجا من محاولة الاغتيال العضو الرابع في المجموعة إبراهيم النابلسي .
توسعت دائرة المجموعة المسلحة وانضم لها عدد أكبر من المطاردين من فصائل ومناطق مختلفة، وفي تاريخ 24\7 استشهد العضوين البارزين في المجموعة محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح في اشتباك مع قوات الاحتلال ونجا من محاولة الاغتيال المستهدفين الرئيسين المطاردين إبراهيم النابلسي ومصعب اشتية، في التاسع من أغسطس استشهد إبراهيم النابلسي في اشتباك مع قوات الاحتلال رفقة الشهيد إسلام صبح، خلال حفل تأبين الشهيدين محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح أُعلن عن إطلاق مجموعة عرين الأسود كجسم عسكري جامع لعناصر المقاومة من الفصائل الفلسطينية في نابلس.
وفي تعريفها تعتبر مجموعة عرين الأسود نفسها مجموعة مسلحة عابرة للفصائل وتضم المقاومين منها والذي اجتمعوا على المقاومة ومواجهة الاحتلال، وقد شارك في العرض العسكري عشرات المسلحين بشعار ولباس واحد.
بعد إعلانها وتبنيها عمليات نوعية في الضفة الغربية ركز الاحتلال في اعلامه على ربط المجموعة بحركة حماس، حيث صدرت العديد من التقارير التي تربط المطارد مصعب اشتية في تشكيل المجموعة وتمويلها وخروجها إلى النور، وقد اتهم الاعلام العبري مصعب بتمويل المجموعة بأكثر من مليون دولار أمريكي وشراء سلاح ومعدات قتالية وذخيرة بالإضافة إلى مساعدات مالية للمطاردين.
في 19\09 اعتقلت قوة خاصة من الأجهزة الأمنية الفلسطينية المطارد مصعب اشتية وحولته فوراً إلى سجن أريحا، على أثره اندلعت مواجهات واسعة في مدينة نابلس بين الشرطة والمتظاهرين توفي فيها مواطن فلسطيني وأصيب آخرين، واستمرت المواجهات يومين الى حين الاتفاق بين مؤسسات المدينة والسلطة على وقفها مقابل التعهد بالإفراج عن مصعب اشتية وهذا ما لم يتم.
في الخامس من أكتوبر اعتقلت قوات الاحتلال المقاوم سلمان عمران وهو أسير محرر من حركة حماس، بعد نفاد ذخيرته إثر خوضه اشتباكاً مسلحاً استمر لساعات في قرية دير الحطب شرق نابلس. وتنسب سلطات الاحتلال للمقاوم عمران، الانتماء لمجموعة عرين الأسود والمشاركة في عمليات إطلاق نار استهدفت قوات الاحتلال والمستوطنين وإصابة عدد منهم.
في العاشر من أكتوبر نفذت المجموعة عملية اطلاق نار على حاجز عسكري غرب مدينة نابلس قتل على فيها جندي في جيش الاحتلال.
فجر الثالث والعشرين من أكتوبر اغتال الاحتلال المقاوم تامر الكيلاني وهو أسير محرر من الجبهة الشعبية وأحد قادة مجموعة عرين الأسود بعبوة جانبية في البلدة القديمة في نابلس.
وفجر الخامس والعشرين من أكتوبر استشهد القائد في مجموعة عرين الأسود وديع الحوح وهو من حركة فتح أثناء اشتباك مسلح مع قوة خاصة اقتحمت البلدة القديمة.
أبرز عملياتهم
- مقتل جندي من جيش الاحتلال في اطلاق نار على حاجز قرب مستوطنة شافي شمرون غرب المدينة.
- تفجير عبوة ناسفة قرب مستوطنة "براخا"
- أطلق مقاومون النار صوب حاجز صرة العسكري غرب نابلس، كما أطلقوا النار نحو مستوطنة “براخا” المقامة على أراضي نابلس، فيما أعلنت مجموعات “عرين الأسود” أنها نفذت عمليتي إطلاق النار. 22/9/2022
- إطلاق نار تجاه برج مراقبة في مستوطنة "براخا"، الرصاص أصاب أحد منازل المستوطنة 23/9/2022
- استهداف حافلة فرب مغتصبة "ألون موريه"
- استهداف قوات راجلة قرب مستوطنة "شافي شمرون" أسفرت عن إصابة جندي 11/10/2022
أبرز شهدائهم
- محمد العزيزي (الاستشهاد 24/7/2022)
- عبد الرحمن صبح (الاستشهاد 24/7/2022)
- إبراهيم النابلسي (الاستشهاد 9/8/2022)
- إسلام صبوح (الاستشهاد 9/8/2022)
- سائد الكوني (الاستشهاد 25/9/2022)
- وديع الحوح 25\10\2022
"الأناضول": "عرين الأسود" تشغل قادة أمن إسرائيل
باتت مجموعة "عرين الأسود" الفلسطينية المسلحة التي تتمركز في مدينة نابلس ، تشغل الخبراء وقادة الأمن الإسرائيليين على حد سواء، رغم أن تل أبيب تقدر عدد عناصرها بالعشرات فقط.
وبرزت "عرين الأسود" في الأشهر القليلة الماضية، ومع ذلك فقد تحولت سريعاً إلى ظاهرة تستحوذ على اهتمام غالبية الشبان الفلسطينيين في وقت تلاحق فيه إسرائيل عناصرها وقادتها.
وقبل أسبوع من الانتخابات العامة تصدرت "عرين الأسود" عناوين وسائل الإعلام في إسرائيل ويتسابق قادة حكومتها الطامحين للبقاء في الحكم إلى الإعلان عن تصفية قادة من المجموعة الفلسطينية.
سيناريوهات مستقبلية
واعتبر الجنرال احتياط أودي ديكل، الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أن "تنامي مقاومة جماعة عرين الأسود في الضفة، وجذبها الشبان الفلسطينيين ومسؤوليتها على ما يبدو عن غالبية عمليات إطلاق النار في الأسابيع الأخيرة، هو إشارة أخرى لإسرائيل بأنها لا تستطيع أن تطوي القضية الفلسطينية تحت البساط".
وكان الجنرال ديكل رئيس فريق التفاوض مع الفلسطينيين في عهد رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت (2007-2008)، وشغل مناصب عليا في الجيش والاستخبارات والتعاون العسكري الدولي، كان آخرها رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي في هيئة الأركان العامة للجيش.
وقال في ورقة تقدير موقف، إن "النهج الإسرائيلي الذي يرتكز بالدرجة الأولى على الاستخدام المتزايد للقوة قد استنفد نفسه. المطلوب الآن جهود جديدة من أنواع متعددة، إلى جانب الاستعدادات للسيناريوهات التي قد تنجم عن الوضع الجديد".حسب وكالة "الأناضول"
وأضاف: "تشكل ظاهرة عرين الأسود إشارة أخرى لإسرائيل بأنها لن تكون قادرة على احتواء الأراضي الفلسطينية إلى الأبد، وتعبير آخر عن إضعاف السلطة الفلسطينية".
واعتبر ديكل أنه "يمكن أن ينتج عن الوضع الحالي عدد من السيناريوهات أولها مبادرة شعبية شاملة تجذب الشعب الفلسطيني إلى العمل الذي من شأنه تغيير القيادة والقواعد الحالية للعبة".
والسيناريو الثاني من وجهة نظر الخبير، "استيلاء حركة حماس على ديناميكيات الوضع، مما يؤدي إلى زيادة العنف والفوضى في الضفة الغربية. وثالثاً مواجهة إسرائيل ضغوط دولية للسماح بانتخابات البرلمان الفلسطيني ورئاسة السلطة الفلسطينية".
وحذر من أن "القيام بعملية عسكرية جديدة واسعة من شأنه أن يسرع في إضعاف السلطة الفلسطينية، ويجعلها غير ذات صلة بأي تسويات سياسية، ويلحق الضرر بالفاعلية الضئيلة التي لا تزال قائمة في نشاط الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ويشجع ظهور قوى أخرى".
ولفت إلى أن "معظم أعضاء عرين الأسود هم من الشبان، وبعضهم أعضاء سابقون في حركات فتح وحماس والجهاد الإسلامي، وبعضهم أبناء لآباء يخدمون في أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية".
وقال: "نسب معظم حوادث إطلاق النار في الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة إلى هذه المجموعة، وهي العنصر الرئيسي المسؤول عن التصعيد في المنطقة".
وأشار ديكل إلى أن "سبتمبر/أيلول الماضي شهد أكثر من 34 حادثة إطلاق نار في الضفة، وهو أعلى رقم منذ أكثر من عقد".
ولفت إلى أن عمليات إطلاق النار شملت مستوطنات ومركبات على الطرق ومواقع للجيش وقواعده، إضافة إلى اشتباكات بالذخيرة الحية مع قوات إسرائيلية تعمل بالمدن والقرى الفلسطينية.
لا يوجد مخرج
وقال ديكل: "هدف المجموعة المعلن مواجهة قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في المدن والقرى الفلسطينية، وتعطيل حياة سكان المستوطنات ووصولهم إلى قبر يوسف للصلاة، وإثارة الجمهور الفلسطيني إلى انتفاضة شعبية واسعة".
وتابع: "تنشط الجماعة بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، وتقوم بحملات خاصة على تطبيق تيك توك، وكذلك توثق الاشتباكات وتنشر مقاطع فيديو على الشبكات في الوقت الحقيقي، وتدعو الشعب الفلسطيني إلى الانخراط في الدفاع عن المسجد الأقصى، كما تدعو للإضرابات والمظاهرات".
وأشار إلى أنه "رغم أن عرين الأسود لا ينتمي إلى أي من المنظمات أو الحركات الحالية، إلا أنه مجهز بأسلحة مهربة ومحلية الصنع، ويبدو أنها مدعومة بأموال من حماس والجهاد الإسلامي".
وأضاف: "يعيش الجمهور الفلسطيني شعورًا سائدًا بأنه لا يوجد مخرج، ولا سبيل لضمان مستقبل وطني أفضل، ولا قيادة ذات مصداقية. وهذا يخلق فراغا يولد مجموعات من الشبان المقاتلين القادرين على جذب شبان آخرين للانضمام إليهم".
تنظيم صغير
بدوره، وصف يوسي يهوشع، المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، "عرين الأسود" بأنها "تنظيم صغير جدا غير ذكي، بلا وسائل متطورة وبلا قدرة عملياتية عالية ويحدث الكثير من الضجيج".
وأضاف في مقال : "في التنظيم يهددون بعمليات ثأر، والجيش الإسرائيلي جاهز في منطقة نابلس، لكن التخوف هو أن يخلق أعضاء عرين الأسود خلايا مشابهة في مدن مختلفة في الضفة بوساطة الشبكات الاجتماعية".
وتابع في إشارة الى اغتيال الناشط في "عرين الأسود"، تامر الكيلاني في نابلس الأحد: "في هذه الأثناء على الرغم من التصفية، مهمة القضاء على التنظيم ليست قريبة من الانتهاء بعد".
أحداث تدفع للتغير
أما رونيت مرزان، المحللة في صحيفة "هآرتس"، فكتبت في مقال الاثنين: "هؤلاء الشبان يختلفون عن الذين شاركوا في انتفاضة الأفراد. فهم لا يعملون بدافع اليأس، بل بدافع الأمل. وهم لا يسلمون بواقع حياتهم ويسيرون نحو موتهم كسابقيهم، بل يتحدون هذا الواقع، ويؤمنون بقدرتهم على إحداث التغيير".
وأضافت مرزان: "معظمهم لم يشاهدوا الانتفاضة الثانية (2000-2005)، لكن منذ أكثر من عشر سنوات وهم يشاهدون الأحداث التي تعزز ثقتهم بالنفس وإيمانهم بقدرتهم على إحداث التغيير".
وأشارت إلى أن من بين هذه الأحداث أزمة البوابات الإلكترونية في القدس ومسيرات العودة والطائرات الورقية الحارقة في قطاع غزة، ووحدات التشويش الليلي في بيتا بالضفة الغربية، ومعركة سيف القدس (حرب إسرائيل على غزة عام 2021) وهروب السجناء الستة من سجن جلبوع، والمواجهات اليومية في الضفة الغربية".
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين لم تسمهم، أن "عدد عناصر عرين الأسود لا يزيد عن 30 شخصا وإنها مسؤولة عن حوالي 20 هجوماً".
وأضاف المسؤولون أن "هذه ليست فرقة جيدة التنظيم لكن بسبب قربها من المستوطنات فإن التعامل معها يشكل تحدياً".
وتحيط بمحافظة نابلس، التي تتمركز فيها مجموعة "عرين الأسود" العديد من المستوطنات الإسرائيلية.
وفجر الثلاثاء 25 أكتوبر 2022، نفذ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة في نابلس أدت إلى "استشهاد 5 وإصابة 33 آخرين"، وفق ما أعلنت وزارة الصحة وجمعية "الهلال الأحمر" الفلسطيني.
من جهته أعلن الجيش في بيان، مداهمة شقة خلال عملية عسكرية في البلدة القديمة من مدينة نابلس "استخدمت كمعمل لتصنيع عبوات ناسفة لنشطاء مركزيين لمجموعة عرين الأسود".
وقال الجيش: "خلال العملية تم القضاء على وديع حوح من سكان البلدة القديمة في نابلس الذي قاد مجموعة عرين الأسود المسؤولة عن سلسلة عمليات ضد أهداف إسرائيلية".
وعمّت أجواء الغضب الضفة الغربية وقطاع غزة، الثلاثاء، وأعلنت فصائل فلسطينية وأطر طلابية الإضراب وتصعيد المواجهة في نقاط التماس مع الجيش الإسرائيلي.
وشهدت مواقع متفرقة من الضفة الغربية مسيرات تحولت إلى مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، تنديدا بالعملية الإسرائيلية.
ومنذ 12 أكتوبر/ تشرين الجاري، تعيش نابلس ومخيماتها تحت حصار مشدد فرضه الجيش الإسرائيلي إثر مقتل أحد جنوده برصاص "عرين الأسود".