- معتز خليل – باحث سياسي مقيم في لندن
تشهد مدينة نابلس الفلسطينية الكثير من أشكال المواجهات خلال الفترة الأخيرة ، وهو ما دفع بالسلطة الفلسطينية إلى التدخل سياسيا وعسكريا في محاولة لدرء الاعتداءات على المدينة.
وحاولت عناصر الأمن الفلسطيني التصدي لجنود الجيش الإسرائيلي ممن جاءوا لاغتيال عدد من عناصر تنظيم عرين الأسود ، وهو ما يؤكد بصورة أو بأخرى إن السلطة الفلسطينية هي صاحبة السيادة في الضفة الغربية وتدافع عن المواطنين الفلسطينيين.
ما الذي يجري
استشهد خلال الساعات الخمس الماضية خمسة شبان، خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، بعد منتصف ليل الإثنين - الثلاثاء، فيما أصيب أكثر من 21 شخصا في اشتباك مسلح دار بين جنود الاحتلال والشبان الفلسطينيين الذين حاولوا صد العدوان على المدينة.
ووزارة الصحة الفلسطينية قالت إن شهداء العدوان الإسرائيلي على نابلس فجر اليوم هم: حمدي صبيح رمزي قيم (30 عاما)، وعلي خالد عمر عنتر (26 عاما)، وحمدي محمد صبري حامد شرف (35 عاما)، ووديع صبيح حوح (31 عاما)، ومشعل زاهي أحمد بغدادي (27 عاما).
تقديرات إسرائيلية أشارت إلى ان عدد من العناصر التي تم استهدافها هي من عناصر ووحدات تنظيم عرين الأسود ، وهو ما يفسر هذا الغضب الكبير الحاصل في نابلس .
دلالات
غير ان ما جرى في نابلس حمل بعض الدلالات الهامة أبرزها:
1- باتت إسرائيل تتعامل بقرار الإعدام مع عناصر تنظيم عرين الأسود ، خاصة وان بعض من منصات ومواقع التواصل الاجتماعي أشارت إلى أن العملاء ممن جندتهم إسرائيل يزرعون القنابل بل يهدفون إلى الاغتيال الفوري لعناصر التنظيم وهو ما يؤكد وجود قرارات مسبقة بالاغتيال للقضاء على التنظيم .
2- إسرائيل على يقين بضرورة القضاء على تنظيم عرين الأسود ، خاصة مع الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها أعضاء وعناصر هذا التنظيم ، فضلا عن خطورته على شعبية بعض القيادات المحلية أيضا ممن تهتم إسرائيل بتواجدها على الساحة.
3- تدرك المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ان العمل العسكري الذي يقوم به تنظيم عرين الأسود ليس بالعمل العشوائي ، ولكنه عمل عسكري مدروس يأتي بناء على تعليمات عسكرية وتقديرات استخباراتية يقوم بها عناصر التنظيم ، وهو ما يظهر بوضوح لافت مع العمليات التي ينفذها ويعلن عنها التنظيم ضد المستوطنين على سبيل المثال .
4- مع النجاح الاستخباراتي لتنظيم عرين الأسود وتحديدا في معرفة توقيتات خروج ودخول المستوطنين وعبورهم المحاور المختلفة ، قامت إسرائيل بتغييرات أمنية كبيرة لحماية المنظومة الأمنية للمستوطنين ، وهو ما كبدها أموالا باهظة ألمح إليها رئيس هيئة الأركان العسكرية الجديد هرتسي هاليفي في لقاءه الأخير مع رئيس الوزراء يائير لابيد
5- من أجل التصدي لعناصر تنظيم عرين الأسود جندت إسرائيل الكثير من العملاء ، وزادت من المهام المكلف بها العملاء الأصليين ، وهو ما كبدها أيضا أموالا باهظة دفعت بقيادات الجيش للتفكير في التخلص الحتمي من عناصر تنظيم عرين الأسود والقضاء على أي فكرة مماثلة يمكن ان يقوم بها زي تنظيم مشابه.
تقدير مستقبلي
يواجه تنظيم عرين الأسود حاليا حرب شرسة ، خاصة وان هيكله التنظيمي ملتزم فقط بالعمل من نابلس وعدم الخروج بعيدا عنها في بقية مدن الضفة الغربية ، وهو ما يزيد من دقة الأزمة وقدرة الاحتلال على إلقاء القبض على عناصره بالنهاية ، بالإضافة إلى ذلك بات واضحا ومع التحليل الاستراتيجي للمسارات التنظيمية لما يقوم به هذا التنظيم انه بلا قائد فعلي معروف ، وهو ما بات جليا عقب استشهاد إبراهيم النابلسي القيادي في كتائب شهداء الأقصى، وهو ما يساهم في تصاعد التباينات الأمنية للتحركات التي يقوم بها التنظيم ورد الفعل بعدها بين الحين والآخر .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت