- بقلم: حمزة حماد
- مسؤول التجمع الإعلامي الديمقراطي
انتهى حوار الجزائر خلال شهر أكتوبر الماضي من هذا العام، والأمل يتجدد لدى المواطن الفلسطيني في إنهاء كل أشكال الانقسام الداخلي واستعادة الوحدة الوطنية، من خلال الاستجابة بأن يتم تشكيل «حكومة وحدة وطنية» خلال عام واحد باعتبارها المُعضلة التي واجهت أطراف الانقسام، وذلك من أجل تعزيز صموده والتفرغ لمواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلي العنصرية في محاولة لفرض واقع جديد يهدف للسيطرة على الأرض ومواصلة القمع والهيمنة ضد الفلسطينيين، الأمر الذي يعزز من الأزمات الإنسانية والسياسية.
إن عدد الذين قتلتهم (إسرائيل) منذ بداية العام الجاري قد تجاوز الـ 170 فلسطينيًا، في إشارة للعدوان الهمجي الذي يشنه الاحتلال على كل أشكال الحياة للإنسان الفلسطيني لا سيما الأحداث الأخيرة في مناطق الضفة المحتلة التي تتمثل بسياسة العقوبات الجماعية، حيث يستمر في عمليات القتل والإعدام والاعتقال، وحصار المدن، والهدم لمنازل الآمنين، إضافة لسياسة الفصل العنصري التي يحظرها القانون الدولي الإنساني.
رغم عار الانقسام السياسي والجغرافي، يصرُ الفلسطيني على مواصلة نضاله وصموده على أرضه والذي كفلته القوانين الدولية نحو إنجاز حقوقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الأبدية، وحق العودة للديار بموجب القرار 194، والمساواة لفلسطيني الـ 48، الذين يشهدون سياسة تمييز واضحة. هذا العنوان الواضح للبرنامج المرحلي (برنامج الشعب) الذي تعدت عليه المشاريع السياسية الغير مجدية، حيث تعبر الشواهد والأحداث التي تصف حقيقة ما يجري على الأرض المحتلة من نوايا مبيته للاحتلال في تنفيذ خطته التوسعية في مناطق الضفة من خلال ممارسة إرهابه بشتى الأشكال والوسائل لتحقيق الردع، وإشغال المواطن بقضاياه الإنسانية، واستمرار تغلغل الاستيطان.
وفي ظل تدحرج كرة النار، تتعاظم التضحيات شيئًا فشيئًا عبر مواصلة الاشتباك، وتحقق مُرادها من خلال تحديد البوصلة السليمة وهي مقارعة الاحتلال وحثه على مغادرة هذه الأرض، التي للأسف تفتقر للوحدة الداخلية ومدى انعكاسها على الميدان، مما تؤكد أهميتها في توحيد الساحات لدى شعبنا، في رسالة قوة تساهم في منح هؤلاء الشبان المنتفضين إلى تنظيم العمل وصولًا إلى تحقيق الانتفاضة الشاملة، حيث تشير تقارير أنه خلال شهر أكتوبر المنصرم شهدت الضفة نحو (1999) عملا مقاوماً.
والمعروف لدى العرب والعالم كله، أن فلسطين تتزين بشهدائها، ويُسمع صوتها عبر نضالها المشروع تحت مظلة (م.ت.ف)، التي للأسف تتغافل عن دورها ولم تأخذ حتى اللحظة زمام المبادرة في قيادة هذه الظاهرة الميدانية التي لاقت دعمًا وطنيًا، والتي يراها الشعب الذي (تمثله المنظمة) أنجع طريق لصد إرهاب الاحتلال، بدلًا من توفير الحاضنة السياسية لها وفق رؤية وعمل مشترك من خلال تشكيل القيادة الوطنية الموحدة، وتفعيل القضية دوليًا. كيف لا وهذه الظاهرة التي جاءت بعد رهان الاحتلال على (كي الوعي) لهؤلاء الشبان وارتكابه للمجازر البشعة بحق شعبنا، بل الحقيقة أنها أحدثت ارباكًا حقيقيًا لحساباته.
ماذا تنتظر منظمة التحرير؟ وماذا تحتاج؟ .. باعتقادي أن الإجابة معروفة وواضحة للجميع، وفي هذه المرحلة بالذات يتكرر النداء من الكل الوطني بوقف مواصلة الرهان على الدور الأمريكي في المنطقة لانحيازه الواضح لدى الاحتلال، خاصة بعد ما يسمى بـ «إعلان القدس»، الذي همش وأنكر حقوق شعبنا، إضافة لاتباع سياسة الكيل بمكيالين مع قضيتنا الوطنية، لذلك مطلوب فورًا العودة للبنود التي توافق عليها الكل الفلسطيني في حوار الجزائر وتطبيقها، وتقديم التنازلات، وجعل القرارات الجامعة الصادرة عن المجالس الوطنية موضع التنفيذ دون تردد، والتحرك الجاد نحو الانضمام للمؤسسات الدولية لحماية شعبنا، وتبني خيار المقاومة الشاملة عبر وضع استراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال والاستيطان.
تُخطئ القيادة الرسمية إذا كانت تعتقد أن صمتها إزاء ما يجري من تصعيد دموي غير مسبوق بحق شعبنا يشكل لها «طوق النجاة»، بل يُمهد لفرض واقع يقيد الشعب ويضيق عليه حياته، ويبدد حقوقه ونضاله، وعليها الشروع فورًا بإنهاء كل مظاهر التفاخر السلطوية في غزة والضفة التي بلا قيمة أمام تضحيات أبطالنا، بل جلبت لنا ويلات ومآسي خاصة أنها أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات شعبنا الحياتية على الأقل
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت