- معتز خليل – باحث سياسي مقيم في لندن
أعلنت بعض من القوى السياسية في قطاع غزة عن تدشين مهرجان لإحياء ذكرى الرئيس الراحل ياسر عرفات ، وقام بعض من أنصار حركة فتح في قطاع غزة وحتى في الضفة الغربية بالإعلان عن المشاركة في هذا التجمع الذي سيقام في ساحة " الكتيبة" في مدينة غزة.
وسمحت حركة حماس بإقامه المهرجان هذا العام ، في خطوة لافته.
وأشارت بعض من منصات ومواقع التواصل الاجتماعي إلى أن بعض من قيادات حركة فتح تراهن على قوة الحركة في غزة وعموم الأراضي الفلسطينية بهذه الخطوة ، وبات من الواضح أن حركة فتح ترغب في إرسال رسالة إلى حركة حماس سياسيا بهذا الغرض ، ومع دقة هذه الأزمة زعم بعض من أنصار فتح أن حركة حماس تهددهم بتعطل وصول المشاركين إلى هذا التجمع بل ويمكن ان تمنع احياء ذكرى الرئيس الراحل حال خروج الأجواء الاحتفالية عن طابعها المألوف .
ما الذي يجري؟
تمر في هذه الأوقات من العام ذكرى رحيل الرئيس ياسر عرفات ، وهي الذكرى التي طالما تتحول إلى ما يمكن وصفه بالأزمة السياسية لعدد من الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية وعلى رأسها :
1- حركة فتح : تعتبر الحركة إن عرفات كان وسيكون الرئيس الشرعي الأكثر شعبية على الساحة السياسية ، ولا يمكن لأي فصيل أن يجلب للساحة الفلسطينية زعيما بقيمة عرفات الذي أستطاع ان يصل بالقضية الفلسطينية للعالمية.
2- تيارات حركة فتح: خرجت من تحت عباءة حركة فتح كثير من التيارات الشبابية او الفكرية ، بعضها قرر تدشين أحزاب سياسية وحركات معارضة خرجت من تحت لواء فتح ، ومنها مثل تيار الإصلاح الذي يقوده القيادي الفلسطيني محمد دحلان والذي يحظ بتقدير جهات دولية وإقليمية حتى مع الخلاف بينه وبين قيادات حالية في حركة فتح ، وكان التيار من أول الفصائل والمكونات السياسية الفلسطينية التي نعت الرئيس الراحل في ذكرى رحيله.
3- حركة حماس: تنظر قيادة الحركة بشك لاحتفال حركة فتح بهذه الذكرى ، وترى أن البعض يمكن ان يستغلها للهجوم على حماس وما تقوم به من عمليات وتنتهجه من سياسات منذ سيطرتها على قطاع غزه . وتمتلك حماس مثل أي فصيل فلسطيني تيارات مختلفة ومتعددة وترى هذه التيارات جميعها ضرورة احترام ذكرى الراحل ياسر عرفات خاصة مع التقدير الكبير الذي كان يحظ به في العالم العربي والغربي.
تقديرات استراتيجية
يمكن القول بأن ذكرى الرئيس عرفات تمثل أزمة لبعض المسؤولين الحاليين ، وهو ما اعترفت به تقديرات استراتيجية غربية أخيرا ، خاصة وان جميع المسؤولين الحاليين بالسلطة لم يحظوا بنفس قدر شعبية الرئيس عرفات السياسية ، وذلك لأسباب عدة أهمها:
1- كان العالم وقت ظهور الرئيس عرفات منقسم إلى قسمين رئيسيين ، الأول بزعامة الولايات المتحدة الأميركية والثاني بقيادة الاتحاد السوفيتي ، واستطاع عرفات ان يحصل على دعم المعسكر الثاني وتقدير انصار المعسكر الأول بصورة سياسية لافتة ، وهو ما جعله ضيفا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بل حريضا على لقاء المعارضين السياسيين من إسرائيل ليدشن مرحلة سياسية فلسطينية متميزة.
2- يمكن القول بأن الرئيس عرفات كان خبيرا بإخراج القيادات السياسية الشابة وضمها للعمل السياسي والعسكري ، مثل مروان البرغوثي او حسين الشيخ او محمد دحلان او محمود عباس وغيرهم ، وجميع هذه الأسماء حظيت في فترة من الفترات التاريخية الفلسطينية بتقدير الزعيم الخالد ودعمه بل ورعايته ، وهو ما تعترف به .
3- جاءت اتفاقات السلام بين بعض الدول العربية وإسرائيل ومن بعدها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية لتغير من سلم الأولويات السياسية للعالم إزاء القضية الفلسطينية ، حتى آن بعض من الكتابات العربية رأت أن القضية الفلسطينية باتت جزء من المشكلة الإقليمية وليس الحل .
4- يعلم الجميع الآن ان هناك قضايا استراتيجية تهم العالم ، ويرى البعض أو يعتقد إنها أكثر أهمية من القضية الفلسطينية ، وهو ما يزيد من حساسية هذه القضية.
5- بات من الواضح أن الشارع الفلسطيني يقول كلمته في رئيسه الراحل في ذكرى وفاته ....لتحتفل الأجيال الصغيرة وشباب فلسطين ونسائها وحتى أطفالها بذكرى عرفات ، وهو ما يعتبر بمثابة استفتاء شعبي على هذا الزعيم الذي تشير كافة الدلائل بآنه لن يتكرر ولو في الوقت الحالي على الأقل.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت