بثت أجهزة الأمن التركية صورًا لامرأة يُشتبه بوقوفها وراء التفجير الذي وقع أمس الأحد في شارع الاستقلال وسط إسطنبول، ونشرت قناة الجزيرة نسخ منها من زوايا مختلفة.
وذكر تقارير اعلامية بأن المعلومات التي كشفت عنها السلطات التركية حتى الساعة تشير إلى أن التفجير وقع بقنبلة كانت داخل كيس، أو حقيبة تُركت في المكان، وقد خلف 4 قتلى وعشرات الجرحى.
وأوضحت أن المعلومات التي كشفت عنها خلية الأزمة التي يشارك فيها وزير العدل التركي بكير بوزداغ أفادت بأن المرأة المُشتبه بها رُصدت وهي تجلس لمدة 45 دقيقة على مقربة من موقع التفجير، ثم غادرت قبل دقيقة واحدة من الانفجار.
ولذلك تشير الاستنتاجات الأولية إلى أن المرأة لم تفجّر نفسها، وأن التفجير وقع إما بجهاز تفجير ذاتي، وإما عن بُعد.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بأن اعتداء نُسب إلى "امرأة" استهدف الأحد قلب اسطنبول النابض، المدينة الرئيسية والعاصمة الاقتصادية لتركيا، ما أسفر عن ستة قتلى على الأقلّ وعشرات الجرحى في شارع الاستقلال التجاري المزدحم.
وأسفر الانفجار الذي وقع نحو الساعة 16,20 (13,20 ت غ)، عن سقوط 81 مصابًا أيضًا، جروح اثنين منهم بالغة، بحسب آخر حصيلة، في وقت كان حشد المارة كثيفًا في الشارع الذي يرتاده السكان والسياح.
واتّهم نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي مساءً في تصريح صحافي "امرأة"، "بتفجير قنبلة"، بدون تحديد ما إذا كانت ضمن القتلى.
ولاحقًا، تحدث وزير العدل بكر بوزداغ عن "حقيبة" وضعت على مقعد، وقال "جلست امرأة على مقعد لأربعين الى 45 دقيقة ثم وقع انفجار. كل المعطيات عن هذه المرأة هي حاليا قيد الدرس".
وفي تصريح بُثّ مباشرة على التلفزيون، ندّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بـ"اعتداء دنيء". وأكد أن "المعلومات الأولية تشير إلى اعتداء إرهابي"، لافتًا إلى أن "امرأة قد تكون متورطة"، بدون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وانتشرت شائعات بعد الانفجار مباشرة عن وقوع هجوم انتحاري بدون أي تأكيد أو دليل.
ولم تتبنَ أي جهة تنفيذ الهجوم حتى الساعة.
ووعد إردوغان بأنه "سيتم كشف هوية مرتكبي هذا الهجوم الدنيء. ليتأكد شعبنا أننا سنعاقب المنفذين".
وسبق أن واجه إردوغان سلسلة هجمات أثارت الذعر في البلاد بين 2015 و2016، أوقعت نحو 500 قتيل وأكثر من ألفَي جريح، وتبنى جزءًا منها تنظيم الدولة الإسلامية.
- دويّ "يصمّ الآذان" -
فرضت الشرطة طوقًا أمنيًا واسعًا لمنع الوصول إلى المنطقة، خشية حصول انفجار ثان. وأفاد مصوّر وكالة فرانس برس أن انتشارًا كثيفًا لقوات الأمن منع أيضًا أي وصول إلى الحيّ والشوارع المجاورة.
وقال شاهد العيان كيمال دينيزجي (57 عامًا) لفرانس برس "كنتُ على بُعد 50 إلى 55 مترًا، دوّى فجأة انفجار. رأيتُ ثلاثة أو أربعة أشخاص على الأرض".
وأضاف "كان الناس يركضون مذعورين. كان الصوت قويًا. وتصاعد دخان أسود. الصوت كان قويًا جدًا، يصمّ الآذان تقريبًا".
أظهرت مشاهد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي للحظة وقوع الانفجار، ألسنة اللهب وقد سُمع الدويّ من مكان بعيد وأثار موجة ذعر. وكان بالإمكان رؤية دخان أسود وجثث على الأرض.
وتوجّه رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو بسرعة إلى المكان وكتب على تويتر "أُطلعتُ من قبل فرق الإطفاء في (شارع) الاستقلال (على الوضع). إنهم يواصلون عملهم بالتنسيق مع الشرطة"، مقدّمًا تعازيه لأقرباء الضحايا.
في حيّ غالاتا المجاور، أغلقت متاجر كثيرة أبوابها قبل دوامها المعتاد. وأفاد صحافي في وكالة فرانس برس أن بعض المارّة وصلوا راكضين من مكان الانفجار والدموع في عيونهم.
مع حلول الظلام، كانت الباحات الخارجية للمطاعم في هذا الحيّ السياحيّ شبه فارغة.
وحظّر المجلس الأعلى للإعلام المرئي والمسموع بسرعة على وسائل الإعلام بثّ مشاهد من مكان الانفجار. وعزا مدير المكتب الإعلامي الرئاسي والمستشار المقرّب من الرئيس إردوغان، فخر الدين التون، ذلك إلى "الحؤول دون بثّ الخوف والرعب والاضطراب في المجتمع وتحقيق أهداف التنظيمات الإرهابية".
وأكد في تصريح أن "كافة هيئات ومؤسسات دولتنا تجري تحقيقًا سريعًا ودقيقًا وفعّالًا بشأن الحادثة".
وحُجبت مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا بعد الانفجار، بحسب موقع "نيتبلوكس" لرصد شبكة الانترنت.
- شارع استُهدف في السابق -
وأثار الانفجار مشاعر حزن ورعب لدى سكان هذا الحيّ من اسطنبول الذين سبق أن شهدوا مثل هذا الاعتداء في الماضي. وأُلغيت مباريات أندية اسطنبول الكبرى لكرة القدم.
وشارع الاستقلال الواقع في الحيّ التاريخي لمنطقة بيوغلو هو أحد أشهر الشوارع في اسطنبول ويمتدّ على مسافة 1,4 كلم وهو مخصص بشكل كامل للمارة. يمرّ في وسطه قطار ترام قديم وتصطفّ على جانبيه متاجر ومطاعم ويرتاده نحو ثلاثة ملايين شخص في اليوم خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وسبق أن شهد الشارع في آذار/مارس 2016 هجومًا انتحاريًا أسفر عن أربعة قتلى.
وأثار هذا الاعتداء الذي يأتي قبل سبعة أشهر من الانتخابات الرئاسية والتشريعية إدانات عدة من باكستان إلى الهند ومن إيطاليا الى ألمانيا حيث تقيم جالية تركية كبيرة، وكذلك من السعودية وقطر والكويت والبحرين والأردن.
كما نددت الولايات المتحدة بالتفجير، حيث قالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار "نقف في وجه الإرهاب جنبا الى جنب مع تركيا حليفتنا في حلف شمال الأطلسي".
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تغريدة باللغة التركية "الألم الذي يصيب الشعب التركي الصديق هو ألمنا".
وخاطب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الأتراك "نشاطركم ما تشعرون به من ألم. نقف الى جانبكم في مكافحة الإرهاب".
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال "كل أفكارنا مع شعب تركيا في هذه اللحظات الصعبة"، فيما أعرب الامين العام لحلف شمال الاطلسي عن "التضامن مع حليفنا". وصدر الموقف نفسه من السويد المرشحة لعضوية الحلف.
وغرد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ باللغتين التركية والإنجليزية قائلا "بعد أن شعرت بالصدمة من أنباء التفجير الدنيء في اسطنبول الذي استهدف المدنيين الأبرياء (...) يجب على العالم كله أن يقف بشكل حازم وموحد ضد الإرهاب".
فيما عبرت أثينا عن "تعازيها الحارّة للحكومة والشعب التركيين" رغم علاقاتها المتوترة مع أنقرة.