- د.أحمد لطفي شاهين
الاعتقال الإداري هو اعتقال قسري غير قانوني يتم القيام به استنادا إلى أمر إداري فقط، بدون حكم قضائي، وبدون لائحة اتهام وبدون محاكمة اصلا. وفي ظل الاحتلال الصهيوني إذا وجد ضابط المخابرات أنك تشكل خطراً على أمن المنطقة فيستطيع أن يحولك للاعتقال الإداري دون إبداء الأسباب وهذا قانون مزاجي ظالم يتعارض مع ابسط قواعد القانون الدولي لأنه يمس بالحق في المحاكمة العادلة، ولقد بدأ هذا النوع من الاعتقال منذ الاحتلال البريطاني لأرض فلسطين واستمر به الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين في كل الاراضي المحتلة عام 1948 والى هذه اللحظة سبتمبر2022
وتقوم سلطات الاحتلال بتنفيذ الاعتقال الإداري تحت غطاء كبير من السرية بحيث لا تسمح للمعتقلين أن يكلفوا محامي عنهم او يرتبوا لأنفسهم دفاعا لائقا وقد اعتقل الاحتلال آلاف الفلسطينيين (إداريا ) بصورة مستمرة دون تقديمهم للمحاكمة وبدون توضيح التهم الموجهة لهم ودون السماح لهم أو لمحاميهم او لأهاليهم بالزيارة او الدفاع
تخيل انك تمشي في الشارع ويتم اعتقالك لمجرد اشتباه ضابط الامن وفي نفس اليوم يتم محاكمتك دون محامي بالاعتقال الاداري لمدة ستة شهور على الاقل قابلة للتجديد .. أي عقل يستوعب هذا الظلم وهذه العنجهية الصهيونية القذرة التي تدعي ان هناك ثلاثة قوانين مختلفة تسمح لهم باعتقال الفلسطينيين إداريا بهذا الشكل:
1 – الأمر العسكري الخاص بخصوص الاعتقالات الإدارية، وهو جزء من التشريعات العسكرية السارية في الضفة الغربية. يتم احتجاز معظم المعتقلين الإداريين استنادا إلى أوامر اعتقال فردية يتم إصدارها استنادا إلى هذا الأمر وللعلم أصدرت السلطات العسكرية الصهيونية ( 12 ) أمراً عسكرياً يتعلق بالاعتقال الإداري .. كارثة قانونية
2 - قانون الصلاحيات الخاص بالطوارئ (اعتقالات) الساري في إسرائيل، الذي استبدل الاعتقال الإداري الذي كان ساريا في أنظمة الطوارئ من فترة الانتداب البريطاني. حيث يتم التحفظ على مواطنين من سكان المناطق الفلسطينية المحتلة استنادا إلى هذا القانون فقط في حالات نادرة... وهذا معيار مزاجي يخضع لما يراه أي ضابط او جندي صهيوني
3 - قانون سجن المقاتلين غير القانونيين الذي سرى مفعوله في العام 2002. وتستعمله دولة الاحتلال من أجل اعتقال الفلسطينيين بدون تقديمهم للمحاكمة. .وهذه كارثة قانونية اخرى
اذن .. نلاحظ ان القانون الذي يشرع الاعتقال الاداري قانون مزاجي موروث عن الاحتلال البريطاني ويخضع لمعايير مطاطة ليست دقيقة ابدا ويتضمن ظلم شديد وهو صاعقة على اهل المعتقل حيث يختفي فجأة ويصبح البيت بلا معيل او بلا احد افراد الاسرة او بلا ام عندما تكون المعتقلة سيدة فلسطينية تحمل اكياس البصل والطماطم ويدعي الضابط انه ظن انها كانت تحمل اكياس قنابل واعتقلها واودعها السجن اداريا الى حين فحص الاكياس ... انها مذبحة لحقوق الانسان على مرأى ومسمع العالم كله في ظل صمت غريب غير مبرر خصوصا اذا قارنا الوضع الفلسطيني بالوضع الاوكراني حيث انقلب العالم كله لأجل اوكرانيا ولايزال العالم يتجاهل عذابات اوجاع الشعب الفلسطيني في ازدواجية واضحة لمن يتشدقون بالقانون الدولي.
انني اتكلم اليوم عن الزميل الصحفي نضال أبو عكر المولود في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر عام 1968، في مخيم الدهيشة- بيت لحم، يبلغ من العمر( 54 سنة ) وهو متزوج ولديه ثلاثة أولاد، ويحمل درجة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة بيت لحم، وكان يعمل صحفيا ومعدّا ومقدم برامج إذاعية فقط ... ولا يحمل سلاحا سوى فكره وقلمه وقلبه النابض بالحرية وحب الوطن .. ولكنه للأسف يعاني من الاعتقال الإداريّ منذ طفولته، حيث تجاوزت سنوات اعتقاله المتكررة قرابة الـ 18 سنة، كُلّها سجن قسري رهنّ الاعتقال الإداريّ، تخيلوا إنسان مسجون دون محاكمة لمدة 18 سنة... هل تتصور انسان يعيش في سجون هذه المدة دون تهمة ؟؟ ودون محاكمة ؟؟ ويتم تجديد سجنه بلا مبرر ... سنة وراء سنة
هل تجرؤ ان تتخيل نفسك مكانه ؟؟
سنوات عجاف خاض خلالها إضرابات مفتوحة عن الطعام للمطالبة بالإفراج عنه وإنهاء ملف اعتقاله الإداري، وخلال هذه السنوات يواجه الملاحقة والتهديد المستمر بالقتل والتصفية لإخراسه ولكنه صحفي حر يأبى الخنوع والخضوع ولابد ان يخرج رغم انف الغزاة .
يخرج قليلا ثم تعيد سلطات الاحتلال اعتقاله مجدداً.. لا يكاد يتنفس هواء الحرية حتى يتم اعتقاله مزاجيا . و في الأول من آب/أغسطس 2022، بعد قرابة الشهرين ونصف من الإفراج عنه، تم اعتقاله فجأة وتم تحويله خمسة شهور إدارياً، علماً أنه أمضى في اعتقاله السابق قبل اعتقاله الحالي 23 شهراً رهن الاعتقال الإداريّ.
واليوم يخوض المُعتقل الفلسطيني الصحفي المناضل نضال أبو عكر إضراباً مفتوحاً عن الطعام، وهو أكبر المعتقلين المضربين سنّاً، إلى جانب 29 مُعتقلا إدارياً، رفضاً للاعتقال الإداري، الذي تنتهجه سلطات الاحتلال الصهيوني، والذي تصاعد في الفترة الأخيرة بشكلٍ ملحوظ... ولا بد من ايقافه وهاهم ابناء الشعب الفلسطيني يخوضون حرب الامعاء الخاوية لفرض ارادتهم على المحتل الصهيوني ويموتون جوعا لانتزاع الحرية .. فماذا انتم فاعلون ؟؟
هل ننتظر استشهادهم واحدا تلو الاخر؟؟ هل نصمت ونتركهم يواجهون المحتل وحدهم ؟؟
ان من الواجب علينا اثارة قضيتهم في كل مواقع التواصل وفي كل اماكن العمل ومن استطاع ان يشارك في الاعتصامات امام مقرات الصليب الاحمر ومقرات الامم المتحدة وحتى امام السجون الصهيونية فليفعل ولا يتردد
علينا ان نثير الارض المحتلة في كل محاور الاحتكاك مع العدو الصهيوني وعلينا ان نقوم بالاشتباك مع قوات الاحتلال الصهيوني والشرطة الصهيونية والمستوطنين حتى نقف مع قضايا المعتقلين الفلسطينيين العادلة والذين يجب ان يخرجوا رغم انف الاحتلال الصهيوني ولا يمكن ان يتم ذلك ونحن ننام في بيوتنا ونأكل ونشرب وننام ونشاهد التلفاز ومواقع التواصل فقط .. إن اضعف الايمان اثارة الموضوع على مواقع التواصل لصنع راي عام دولي عربي لصالح الشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة ..
ان الحرية ليست منحة بل هي حق ننتزعه انتزاعا مهما كلفنا ذلك من اثمان .. ونحن لها
وان الشعوب العربية يجب ان تقف معنا في قضايانا ولو على مواقع ومنصات التواصل
ختاما ارجو توحيد الجهود الوطنية والاسلامية الفلسطينية لتحقيق هذا الهدف ..
وانها لثورة حتى النصر .. واننا حتما لمنتصرون .. وانه لجهاد نصر او استشهاد
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت