على مبدأ كلام الليل يمحوه النهار ... حكومتنا أقوال بلا أفعال ؟

بقلم: علي ابوحبله

  • المحامي علي ابوحبله

التصريحات التي يدلي بها أركان الحكومة الذين لهم علاقة بشأن حاجات الناس ومتطلباتهم إذا جمعناها لوجدنا أنها تحتاج «لملازم طباعية» حسب قول أهل الخبرة بالطباعة، وتلك التصريحات النارية بشأن العديد من القضايا التي لها مساس بحياة المواطنين ومتطلباتهم واحتياجاتهم لتدعيم صمودهم ، ووعودهم بمشاريع التنمية المستدامة وبناء اقتصاد وطني مستقل وانفكاك اقتصادي مع الاحتلال و  ضبط الأسعار وغيرها الكثير من الوعود ، جميعها ذهبت وتذهب  أدراج الرياح، ولا علاقة لها بالواقع الذي يعيشه  المواطن الفلسطيني الذي بات يعيش ألغربه في وطنه بسبب التضارب في السياسات   ، وقد كثر الحديث عن مسألة ارتفاع الأسعار الذي يمس تقريبا جميع المواد الأساسية والحيوية. وأصبحت هذه الزيادات تشكل أبرز الانشغالات اليومية للمواطنين، كما تحتل الصدارة في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. لدرجة جعلت كل الظروف مواتية لظهور سخط شعبي حقيقي من شأنه أن يشكل تهديدا حقيقيا لاستقرارنا الاقتصادي والسياسي و الاجتماعي. فلقد أصبحت سياسة الحكومة ألاقتصاديه موضع انتقاد الكثيرين بفعل فرض ضرائب مباشره وغير مباشره ، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن متوسط خط الفقر في إسرائيل لمن يتقاضى راتب سبعة آلاف شيقل  والحد الأدنى في الأجور في مناطق السلطة الفلسطينية 1800 شيقل وهنا تكمن المعادلة وتداعيات ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي  وتحول الفلسطينيين لجيش يعمل في بناء الاقتصاد الإسرائيلي وعدد كبير يخضع لخط الفقر بحسب مستوى المعيشة

حقيقة وواقع ما يعايشه الشعب الفلسطيني محزن بفعل السياسات الخاطئة والتباعد ما بين الشارع والحكومة وكل ذلك يعود لغياب الرؤيا الوطنية والقرار السيادي لبناء اقتصاد فلسطيني مستقل ، وحقيقة الوضع المؤلم في انهيار مؤسسات السلطة الفلسطينية وفي مقدمتها الصحة والتربية بفعل تداعيات ألازمه المالية التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية نتيجة المديونية

هناك تناقض في مواقف الوزراء في حكومة اشتيه وغياب التعاون وهذا له انعكاس على أداء الحكومة ، وتؤكد  مصادر أن الخلافات بين رئيس الحكومة ووزير المالية اتسعت بشكل كبير ، وحصرت أسباب الخلاف في جزئيتين أساسيتين، الأولى هي؛ الترقيات والتعيينات الجديدة، الأمر الذي يرفضه بشارة في الوقت الحالي، ويؤيده اشتية.

أما الجزئية الثانية، فهي، بحسب المصدر، تتلخص بالمطالبات النقابية للموظفين العموميين في قطاع التعليم والمحاماة والهندسة والطب والقبالة، والتي أقرها اشتية في الآونة الأخيرة، ويرفضها بشارة بشكل كامل لأن المالية العامة لا تحتمل ذلك.

المواطن الفلسطيني يعيش بين مطرقة الاحتلال وعدوانيته وممارساته ضد الشعب الفلسطيني وبين سنديان الغلاء والتخبط في السياسات  والسؤال ما هو تعريف الحكومة لصمود ودعم المواطن الفلسطيني في ظل سياسة المطرقة والسنديان حيث باتت حياته جحيم في جحيم

إن "الحكومة تعيش في واد والشعب في واد آخر، وان لا حد أدنى لديها من الرؤية للأيام المقبلة، في ظل ما يتهدد الوطن من ملامح انفجار اجتماعي يطال فئات واسعة، إذ لا تتشاطر إلا بالحديث عن إنجازات وهمية، واستعراضات إعلامية، ومواقف كيدية، في محاولة لتبرير الفشل في تحمل المسؤولية، وما سيل المواقف السياسية والاقتصادية والنقابية والشعبية الذي طال أداء الحكومة ، إلا تأكيد على أن الحكومة تعيش غربة العزل والحجر عن واقع ما يعانيه الوطن والمواطن في ظل إصدار مراسيم اشتراعيه بقوة إنفاذ القانون وتحت الضغوط يتم سحبها لان غالبية المراسيم الاشتراعيه لا تراعي الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني

 فعلا  البعض  يفكر في وقت الهدوء الليلي في مشاريع طويلة عريضة، ويحسب حساب تنفيذها في النهار، ويكون لهم  من العاطفة والشعور والإحساس نصيب أكبر، كما أن حضور الخيال لدى هذا البعض  يكون على أشده. ، هذه التركيبة من الهدوء والخيال والأماني والتمنيات، والابتسامات التي تغلب عليها هذه الفئة ، هي أقرب إلى الافتراضية منها إلى الواقع.

وهذا لا يتضح لهم  أنه افتراضي إلا في النهار حيث الواقع والنهار المبصر، فيختلف الوضع نهاراً عندما يتضح الواقع وتقصر الأدوات الفعلية عن التنفيذ وتتوارى الخيالية والافتراضية، ما يجعلهم  يتراجعون عن أغلب  ما يفكرون فيه ليلاً.

وهذه ليست حالة واحدة تمر بالناس بل في غالب ما يكون في الليل لا يصبح واقعاً أمام التطبيق الفعلي، لهذا قالوا: «كلام الليل يمحوه النهار». ويضرب المثل لمن يجنح للخيال في تطلعاته ولا يجعل للواقع نصيب معتبر، كما يقال في حالة الرغبة في زعزعة رأي لم يكن حكيماً، أو التقليل من شأن رأي أو من صاحبه وأنه ليس على قدر وعده وإصراره، وتثبت المؤشرات حالة دخول  الشعب الفلسطيني  مرحلة حرجة، ترفع الغطاء عن حقيقة تذبذب الأداء الحكومي، وبطء استجابته لمتطلبات الواقع الحياتي المحاصر بشتى التحديات، حيث مازال شريان الوعود ينزف بالكثير من الانعراجات العابرة من بوابة السراب، التي لم يصل نعيمها الافتراضي إلى المواطن».

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت