بعدما طردتها إسرائيل، تعيش إلسا لوفور زوجة المحامي الفلسطيني- الفرنسي صلاح الحموري بعيدة عن زوجها منذ سبع سنوات تقريبا، وأولادهما يكبرون بدون والدهم، الذي اعتقل مجددا إداريا لدى إسرائيل منذ تسعة أشهر، لكن في مواجهة هذه “القسوة” قررت “الصمود”.
في منزلهم في ضواحي باريس، كل شيء يذكر بصلاح. على جدار الصالون هناك ملصق “الحرية لصلاح” وعلى رف المدخنة هناك رسم على ورقة لشخصية بالألوان وكتب عليها “أفرجوا عن والدنا- الخارق”.
تقول إلسا لوفور وهي مختصة بمجال التواصل “أنا مدافعة عن حقوق الإنسان لكن قبل كل شيء، أنا زوجة صلاح”.
تضيف “ابنتي الصغيرة، آخر مرة رأت فيها والدها كانت تبلغ من العمر أحد عشر يوما. الآن عمرها 19 شهرا تقريبا. بالنسبة إليها، والدها صورة تقبلها”. أما ابنهما البالغ من العمر 6 سنوات فيعيش “ألما مختلفا لأنه يشعر بالغياب”.
لكن إلسا لوفور تبقى على موقفها بعد عشر سنوات من علاقة حب، عاشت أقل من نصفها إلى جانب زوجها.
هي ابنة النائب الشيوعي السابق جان كلود لوفور الرئيس السابق لجمعية التضامن الفرنسي- الفلسطيني، وتحمل إلسا تيمنا بالكاتبة المقاومة إلسا تريوليه، وقد التقت بزوجها المستقبلي بواسطة والدها جزئيا.
وسجن الحموري في إسرائيل بين عامي 2005 و2011 لمشاركته في محاولة اغتيال عوفاديا يوسف، كبير حاخامات إسرائيل السابق ومؤسس حزب شاس الأرثوذكسي المتطرف. هذا ثالث اعتقال للحموري المولود من أب فلسطيني وأم فرنسية.
أسست جمعية التضامن الفرنسي- الفلسطيني بدفع من جان كلود لجنة دعم انضمت اليها إلسا.
يقول إلياس جيفري المكلف الترافع في جمعية المسيحيين ضد التعذيب (ACAT) التي ستمنح الخميس الفلسطيني- الفرنسي جائزتها لحقوق الإنسان “لقد اضطر للإقرار بذنبه لتخفيف العقوبة التي كان يواجهها لكنه بريء”.
تم الافراج أخيرا عن الطالب في إطار تبادل أسرى مع الجندي الفرنسي الإسرائيلي جلعاد شاليط. بدأت قصة حب إلسا بعيد ذلك في فرنسا ثم استمرت في القدس.
في 2014، تزوجا في رام الله، وفي 2016 تم طرد إلسا التي تعمل لدى قنصلية فرنسا ولديها تأشيرة خدمة لاسرائيل، عند عودتها الى الدولة العبرية بعد عطلة في فرنسا. وكانت آنذاك حاملا في شهرها السادس.
ويقول والدها “كانت محطمة في باريس” مضيفا أيضا أنه “فخور” بابنته ويشعر “بالصدمة” من الوضع لانه “منذ ان كان عمره 20 عاما، قضى صلاح أكثر من نصف حياته في السجن”.
بعدما طردت زوجته، اعتقل صلاح الحموري البالغ حاليا 37 عاما، عدة مرات. هو متهم بأنه عضو في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وهي منظمة ماركسية ذات جناح مسلح وتعتبرها إسرائيل والاتحاد الأوروبي “إرهابية”.
صلاح الحموري ولد في القدس الشرقية التي احتلتها اسرائيل وضمتها، ولا يحمل جنسية إسرائيلية ولكن مجرد تصريح إقامة سحبته منه الحكومة الاسرائيلية السنة الماضية.
إذا ثبتت المحكمة العليا الإسرائيلية هذا الإجراء خلال جلسة مقررة في شباط/فبراير فان ذلك “سيوفر الأساس لترحيل قسري” كما قال جان كلود لوفور.
في 7 آذار/مارس الماضي، وضع صلاح الحموري في الاعتقال الإداري لثلاثة أشهر “بدون توجيه التهم اليه او اجراء محاكمة” كما قال خبراء من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في تشرين الأول/اكتوبر.
الاجراء الذي سبق أن جدده القضاء العسكري مرتين، سيُدرس مرة أخرى الاحد. وقال الخبراء إن ممارسات الاعتقال هذه “ليست فقط غير قانونية وانما هي سادية”.
من جهتها قالت منظمة “الضمير” غير الحكومية التي كان يعمل فيها الحموري كمحام وأدرجتها اسرائيل على اللائحة السوداء، ان عدد الاسرى السياسيين الفلسطينيين يبلغ 4760 والمعتقلين الاداريين 820 تقريبا.
خلافا لرفاق النضال، كان يمكن لصلاح الحموري ان يغادر الى فرنسا لكي ينهي كابوسه، لكنه رفض كما أن زوجته لم تطلب منه ذلك رغم غيابه ورغم “التهديدات بالقتل” على شبكات التواصل الاجتماعي وبينها تهديدات لولديهما.
تقول إلسا “اسرائيل تتعنت بشأن صلاح” مضيفة “في الصميم كما الناشطة والام تقول يجب أن يصمد، لا يمكنه الرضوخ أمام هذا الظلم”.
موقف باريس الرسمي يصب في هذا الاتجاه. فقد أعربت الخارجية الفرنسية في تشرين الأول/اكتوبر عن رغبتها في الإفراج عن صلاح الحموري “وأن يعيش حياة طبيعية في القدس حيث ولد ويقيم، وأن يسمح لزوجته وأولاده بالتوجه إلى هناك للقائه”.