- المحامي علي أبوهلال
في جريمة جديدة ترتكبها حكومة الاحتلال ضد المعتقلين الإداريين، قررت وزارة الداخلية الإسرائيلية يوم الخميس الماضي 1/12/2022، إبعاد المعتقل الإداري الفلسطيني صلاح الحموري من القدس المحتلة، والمعتقل منذ نحو عام في سجن "هداريم" إلى فرنسا، حيث ألغت وزيرة الداخلية أيليت شاكيد إقامة صلاح الحموري في القدس وأمرت بترحيله إلى فرنسا. وهو ناشط حقوقي يقيم في القدس المحتلة، ويحمل أيضًا الجنسية الفرنسية.
يذكر أن الحموري أسير سابق، وأحد محرَّري صفقة وفاء الأحرار بين حركة حماس وسلطات الاحتلال الاسرائيلي عام 2011، وقد أمضى الحموري ما مجموعه أكثر من 9 سنوات في سجون الاحتلال، وتعرّض للاعتقال والملاحقة والتضييق على عمله الحقوقيّ، وكانت الحكومة الفرنسية طالبت مرارًا بالإفراج عن الحموري وتمكينه من العيش في القدس مع عائلته.
وكان الأسير الحموري قد اُعتقل في شهر اذار الماضي، وتم تحويله للاعتقال الإداريّ لمدة ثلاثة أشهر، وتم تمديدها لثلاث مرات متتالية، وكان من المقرر ان تنتهي يوم الاحد الماضي، وصلاح الحموري اسير سابق تحرر ضمن الدفعة الثانية لصفقة وفاء الاحرار، وقد تعرض بعدها لمضايقات كبيرة على يد سلطات الاحتلال، حيث منع من دخول الضفة الغربية، وتعرض للاعتقال الاداري، والابعاد عن القدس، وسحبت منه الهوية المقدسية، وفي عام 2016 أبعدت سلطات الاحتلال إلسا ليفورت، زوجة الحموري إلى فرنسا وهي مواطنة فرنسية، ومنعتها من العودة إلى القدس مرة أخرى لمدة 10 سنوات، بذريعة "أسباب أمنية"، فاصلةً حموري عن زوجته وطفليه (6 أعوام وعام واحد).
كما ألغت وزارة الداخلية الإسرائيلية إقامة الحموري في مدينة القدس بموجب تعديل 2018 لقانون دخول إسرائيل لعام 1952 الذي يمنح الحق للوازرة بإلغاء الإقامة الدائمة لأي شخص يُشتبه في أنه "خرق الولاء لدولة إسرائيل"، مدعية تورطه في "أنشطة عدائية وخطيرة وحساسة ضد "دولة إسرائيل"، كما أنهت "مؤسسة التأمين الوطني" تأمينه الصحي بذريعة "مغادرته البلاد"، وزعمت عدم وجود "دليل على الإقامة".. وقد طعن حموري في الإلغاء وطلب أمرا قضائيا بمنع الترحيل حتى نهاية الإجراءات، لكن أيدت المحكمة العليا الإسرائيلية في 10 مارس/آذار الماضي رفض محكمة أدنى لطلب الأمر القضائي، مستشهدة بـ "معلومات سرية" مفادها أن حموري يشكل "تهديدا أمنيا". ومن شأن هذا القرار أن يزيل أي عائق قانوني أمام الحكومة الإسرائيلية لطرد حموري. وقالت محاميته ليئة تسيميل، إن المحكمة حددت موعدا للاستماع إلى الطعن في الترحيل في فبراير/شباط 2023، ما يؤجل الترحيل إلى أن يُحكم في قضية أخرى تطعن في قانون عام 2008 الذي يسمح لإسرائيل بإلغاء جنسية الشخص على أساس "خرق الولاء". وفي يوليو/تموز، أيدت المحكمة قانون 2008.علما أن المادة 68 من "اتفاقية جنيف الرابعة" تنص صراحةً على أن الأشخاص الواقعين تحت الاحتلال لا يدينون بـ"واجب الولاء" لقوة الاحتلال. وتحظر المادة 45 من "اتفاقية لاهاي" لعام 1907 "إرغام سكان الأراضي المحتلة على تقديم الولاء للقوة المعادية". وهذا الاجراء يرقى إلى مستوى النقل القسري للفلسطينيين من القدس المحتلة فعليا واجبارهم على مغادرة منازلهم، وإلغاء اقامتهم في القدس، وترسيخ الأغلبية اليهودية فيها.
وفي تطور أخير في قضية المعتقل صلاح الحموري، أفادت عائلته ان محكمة الاحتلال عقدت جلسة سرية خاصة للمعتقل صلاح الحموري في مدينة اللد عصر الخميس الماضي، وقالت ايمان الحموري عمة الأسير الحموري بأن محاميته لم تُبلغ بهذه الجلسة، وأكدت هيئة شؤون الاسرى اكدت ان إدارة سجون الاحتلال في سجن "هداريم"، أبلغت الأسير المقدسي صلاح الحموري قبل يوم من موعد جلسة المحكمة بيوم واحد بنيتها سحب هويته المقدسية وإبعاده إلى فرنسا.
ويوم الجمعة الماضي أعلنت محامية وعائلة الحموري، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أرجأت إبعاده إلى فرنسا "لأسباب إدارية"، بعدما كان مقررا الأحد الماضي. وأشارت والدته إلى أنه كان من المفترض أن تفرج سلطات الاحتلال عن ابنها يوم الجمعة الماضي بعد إنهاء فترة اعتقاله الإداري الأخيرة البالغة ثلاثة أشهر، إلا أنها نقلته إلى معتقل آخر بانتظار جلسة المحاكمة اليوم الثلاثاء. بدورها، أعلنت محاميته "إرجاء إبعاده لأسباب إدارية، على أن يعاد النظر بملفّه الأسبوع المقبل"، مشيرةً إلى أنه بعد إبلاغه بالقرار، كان ينبغي أن يمثل الحموري أمام محكمة الاحتلال العسكرية لكنه رفض، مشددا على أن محاميه غير قادرين على الحضور، لافتةً إلى أنه ستعقد جلسة جديدة له اليوم الثلاثاء السادس من شهر كانون الأول/ديسمبر، وقد رفض الأسير المقدسي المحامي صلاح الحموري الذي يحمل الجنسية الفرنسية، قرار سلطات الاحتلال بإبعاده إلى فرنسا بدل الإفراج عنه، وفق ما كشفته عائلته وأحد أقربائه، مدير مركز للحقوق الاقتصادية والاجتماعية زياد الحموري.
وأيا كانت التطورات التي ستشهدها قضية الأسير والمعتقل الإداري صلاح الحموري في الأيام والأسابيع المقبلة، فلا تزال سلطات الاحتلال تواصل انتهاكاتها الجسيمة بحقه، وترفض وقف هذه الانتهاكات التي تتعارض مع القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الانسان، سواء ما تعلق منها بمواصلة اعتقاله إداريا، أو القيام بتنفيذ أمر ابعاده عن أرض وطنه إلى فرنسا، ومنع عودته الى مدينة القدس حيث يقيم هو مع أبناء عائلته، وينبغي على المنظمات الحقوقية الدولية، وهيئات الأمم المتحدة إلى التحرك العاجل واستخدام كل وسائل الضغط الممكنة للحيلولة دون ابعاده خارج وطنه، والغاء اعتقاله الإداري، وتمكينه من العيش مع أسرته في مدينته القدس بدون قيد أو شرط.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت