كتب موقع "بوابة الهدف" المقرب من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مقالة بعنوان :"جبهة الشعب: جبهة المقاومة"، وذلك بمناسبة إحياء الذكرى الـ55 لانطلاقة الجبهة .
وفيما يلي نص المقالة :
قيمة أي تشكيل سياسي تكمن بالأساس في قدرته على إحداث تغيير في الواقع باتجاه أهدافه المعلنة، وفي خدمة مصالح الشريحة التي يمثلها؛ في ذكرى انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبالوقوف عند مهماتها التأسيسية، من المهم أن نتذكر أن عنوان التشكل الأساسي لهذا الفصيل الوطني المقاتل؛ هو تحرير فلسطين.
حين انبرت قيادة حركة القوميين العرب وعلى رأسها الحكيم جورج حبش لتشكيل الجبهة، فإنها بحثت عن إطار لتوحيد الطاقات لهزيمة العدو الصهيوني، كجزء مركزي من مواجهة شاملة للشعوب العربية ضد قوى الاستعمار والهيمنة، وهو ما حدد هوية الجبهة لتتمحور حول قتال العدو الصهيوني والسعي والحشد والتنظيم؛ لأجل تحقيق هزيمته، أي أن مهمة الجبهة آنذاك، رغم وضوح الهوية الطبقية والفكرية لها عبر سنوات التأسيس؛ لم تكن تنفصل عن مفهومي الوحدة الوطنية والعربية.
في ستينيات القرن الماضي ربما كان للحمولة الأيديولوجية، دور كمادة للجدل والنقاش والتباين وحتى الاصطفاف، ولكن في العام ٢٠٢٢ هناك الكثير مما تغير، لعل أبرزه تحقق الكثير من أهداف ومهمات الجبهة، حتى وإن كان هذا التحقق لم يسجل كإنجاز جبهوي، لعل أبرزها ذلك الانحياز الجماهيري الواضح نحو تبني وممارسة خيار المقاومة بكافة أشكالها بما يشكل امتداد لمفهوم حرب الشعب طويلة الأمد، وبكل وضوح يمكن الوقوف عند حجم التحولات التي مرت بها العديد من القوى السياسية الفلسطينية والعربية، بما يتواءم مع ما نادت وعملت لأجله الجبهة لسنوات طويلة، فبشكل أو بآخر صاغت الجبهة ملامح الموقف الوطني والعربي المقاوم للغزو الاستعماري والعدو الصهيوني، وشكلت أدبياتها وممارساتها السياسية والكفاحية معايير عربية للمواجهة مع العدو؛ أسهم في تقليص دور التنافر الأيديولوجي بين القوى الواقفة في مواجهة الاستعمار، ضراوة العدوان واتضاح جدوى خيار القتال قياسًا بخيارات التسوية والاستسلام، هذا ناهيك عن انكشاف ظهر قوى المقاومة العربية واضطرارها للتضافر والقفز عن حواجز الأيديولوجية.
المقاومة هي عنوان انطلاقة الجبهة لهذا العام، بشعار انطلاقتنا مقاومة تذكر الجبهة بامتداد واتصال ممارستها بتاريخها، ولكن ما يجب أن يناقش اليوم بشأن الجبهة وأكثر من ذلك بشأن فلسطين هو تلك الحاجة الفلسطينية الدائمة لشكل وحدوي/جبهوي، لجبهة وطنية فلسطينية وعربية في مواجهة العدو؛ خصوصًا في ظل تصعيد العدوان، وتضافر قوى التطبيع مع داعمي الكيان الصهيوني؛ سعيًا لتحطيم صمود شعوب المنطقة.
إن استعادة وجود ودور بنية وطنية جامعة تخوض الكفاح في وجه العدو الصهيوني ليس ترفًا، أو بحثًا عن مثالية سياسية، ولكن تقليص لمساحات الخلاف والتباين التي تستنزف الفلسطينيين وتضع العوائق على طريق كفاحهم الوطني، فلا يملك الفلسطيني ترك قطاع من شعبه أو الشعوب العربية خارج رؤيته لجبهة المقاومة، وخارج ممارسته اليومية للحشد والتأطير لمصلحة المقاومة، وفي معركة الوجود، ربما تكون بعض أدوات الجبهة قد افتقدت للنجاعة في تحقيق مهماتها، ولكن ذلك لا ينقص من جدارة وأولوية هذه المهمات قيد أنملة، بالوحدة والمقاومة، بجبهة المقاومة الوطنية الموحدة، يمضي شعبنا نحو انتصاره وتحرير أرضه وتقرير مصيره، وباتجاه تحقيق هذا البناء الوحدوي المقاوم تمضي الجبهة في نضالها على طريق اختطه مؤسسوها وقادتها الشهداء منذ بداية نضالهم.