- الكاتبة والصحفية منة السيد
يستمر بطش الاحتلال الإسرائيلي واستخدامه لأساليب العنف والقتل دون سبب، على الفلسطينيين، والتي كان آخرها جريمة قتل الشاب الفلسطيني "عمار مُفلح"، الذي أبدى اعتراضه على محاولات اعتقاله من قبل الجيش الإسرائيلي، فتم قتله على الفور على ومن المسافة صـفر ودون حرمة.
إعدام بدم بارد
وبحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فقد استشهد عمر مفلح جراء تعرضه لعملية "تصفية جسدية" بدم بارد، بعدما أطلق أحد جنود شرطة حرس الحدود "الإسرائيلي" النار تجاهه، مساء الجمعة الماضي، من مسدس على الشارع الرئيس في بلدة حوارة في نابلس.
ويروي المركز -في بيان له- تفاصيل جريمة إعدام مفلح، مبينًا أنه حوالي الساعة 4:00 مساء أمس الجمعة أقدم شرطي من حرس الحدود "الإسرائيلي" على إعدام المواطن عمار حمدي نايف مفلح (23 عاماً)، من سكان نابلس، بإطلاق النار المباشر تجاهه من المسافة صفر على الشارع الرئيس في بلدة حوارة جنوب شرقي نابلس.
وأشار إلى أن ذلك جاء إثر عراك بينهما خلال محاولة المواطن المذكور تخليص نفسه من قبضة الجندي الذي أطبق خناق رقبته بذراعه محاولاً اعتقاله بعدما سحبه الشرطي عن الأرض إثر إصابته بشظايا بعد تعرضه لإطلاق نار من مستوطن كان يستقل سيارة في المكان.
ولم تسمح قوات الاحتلال للمواطنين أو طواقم الإسعاف من الوصول للمواطن المذكور وتركته ينزف 20 دقيقة قبل نقله بسيارة إسعاف إسرائيلية من المكان، وبعد نحو ساعة أبلغت الارتباط الفلسطيني بمقتله رسميًّا.
هذا وقد أظهرت الكاميرات كذب الدعوى الإسرائيلية، فلم يكن الشاب، الذي صار شهيداً فلسطينيّاً، يفعل أكثر من محاولته مقاومة الاعتقال، يعاونه في ذلك شابان يحاولان تخليصه من الجندي، الذي استفرد به، ثم قتله بطلقات متتالية من مُسدّس. يظهر أن هذا الشاب هو عمّار، الذي سبقت له المواجهة طفلاً مع جنود الاحتلال قبل ثماني سنوات.
ردود فلسطينية غاضبة
من جهتها أكدت الرئاسة الفلسطينية إن استمرار الصمت الدولي هو الذي أوصل إلى ارتكاب مثل هكذا جرائم بدم بارد، وأن الاستمرار في سياسة الانفلات من العقاب وعدم المساءلة شجع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة على ارتكاب مزيد من الجرائم.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إن مشهد الإعدام الإجرامي في حوارة يعكس الإرهاب المنظم الذي يمارسه جنود الاحتلال، المدفوع من عقيدة تقوم على القتل، بإطلاق الرصاص على أبناء الشعب الفلسطيني لقتلهم.
وأضاف اشتية أن شعور الجنود بعدم وجود عواقب لأفعالهم يشجعهم على تكرار جرائمهم، محذرا من التبعات الخطيرة لهذه الجرائم المروعة، داعيا دول العالم للتدخل العاجل لوقف الجرائم المتنقلة التي يرتكبها الاحتلال ضد أبناء شعبنا، مطالبا المحكمة الجنائية للتسريع في محاسبة الجناة.
ودعا اشتية، الأمم المتحدة إلى تقديم مبادرة للسلام في الشرق الأوسط، ووضعها على طاولة مجلس الأمن، كون الأمم المتحدة مسؤولة عن إحقاق السلام على مستوى العالم، وكذلك لجم اعتداءات جيش الاحتلال ومستوطنيه من خلال تواجد مؤسسات الأمم المتحدة في مناطق التماس.
تنديد واستنكار غربي
وتعقيبا على الجريمة، أدانت الخارجية الأميركية والاتحاد الأوروبي جريمة قتل الشاب عمار مفلح وأعربتا عن قلقهما من استمرار العنف في الضفة الغربية، خاصة مع تصاعد العنف في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.
وأكد الاتحاد الأوروبي -في بيان مقتضب- أن قتل الاحتلال 10 فلسطينيين خلال 72 ساعة، يعكس استخدام قوى الأمن الإسرائيلية القوة المميتة، وهو ما يخالف مبادئ القانون الدولي.
وأضاف الاتحاد أن العام الحالي هو الأكثر دموية منذ عام 2006، وطالب بالتحقيق في وقوع الضحايا بين المدنيين وضمان المساءلة.
هذا وقد دعا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل السبت للتحقيق بحادثة قتل الشاب الفلسطيني عمار مفلح برصاص القوات الإسرائيلية وإجراء مساءلة كاملة في الحادثة.
وتابع بأن "الحادثة المأساوية الجمعة لقتل الشاب الفلسطيني عمار مفلح على يد أحد أفراد قوات الأمن الإسرائيلية كانت آخر مثال على ذلك".
وأكد أنه "يجب التحقيق بهذه الوقائع الغير مقبولة كما يجب أن تتوافر مساءلة كاملة. بموجب القانون الدولي فإن استخدام القوة المميتة مبرر فقط في المواقف التي يوجد بها تهديد خطير ووشيك للحياة".
هذا وقد قال تور وينسلاند ، منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط ، يوم الجمعة ، إنه أصيب بالذعر من مشهد جندي إسرائيلي يقتل فلسطينيا في بلدة حوارة بالقرب من نابلس.
وكتب وينيسلاند في تغريدة "مذعور من مقتل الفلسطيني عمار مفلح اليوم خلال مشاجرة مع جندي إسرائيلي بالقرب من حوارة في الضفة الغربية المحتلة" ،وقد أرسل المنسق الخاص "تعازيه القلبية لأسرته المنكوبة".
الافلات من العقاب
غير أن بيانات التنديد والاستنكار من الاتحاد الدولي والخارجية الأمريكية لم تكن كافية لوضع لحد للجرائم الإسرائيلية التي دائما ما يكون ضحيتها الفلسطينيين حيث قال "نبيل أبوالياسين " الحقوقي، والباحث في القضايا العربية والدولية، ان هذه الجريمة الشَنْعاء التي وثقتها الكاميرات، جريمة بشعة ضمن سلسلة من الجرائم التي تُرتكب يومياً بحق الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم بأكمله، وأن استمرار الصمت الدولي بصفه عامة، ومجلس الآمن بصفه خاصة، هو الذي أوصل إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم التي تعُد انتهاكا صارخاً، وخطيراً لحقوق الإنسان والإنسانية جمعاء، وأن الاستمرار في سياسة الإفلات من العقاب، وعدم المساءلة شجع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على ارتكاب مزيد من الجرائم، وأن مشهد الإعدام الإجرامي الذي شاهده العالم "الجمعة" يعكس الإرهاب المنظم الذي يمارسهُ جنود الاحتلال، المدفوع من عقيدة تقوم على القتل، بإطلاق الرصاص على أبناء الشعب الفلسطيني لقتلهم، وأن شعور جنود الاحتلال بعدم وجود عواقب لأفعالهم، يشجعهم على تكرار جرائمهم.
وهو ما اكده ممثل السلطة الفلسطينية في بريطانيا "حسام زملط"، والذي اعتبر أن صمت قادة العالم قبال جرائم الاحتلال، دليل على المشاركة في الجريمة.
جاء ذلك في تغريدة للسفير الفلسطيني، والتي ارفقها بمقطع فيدو يظهر الجريمة البشعة بحق الشاب الفلسطيني ، وكتب "زملط"، ان نابلس التي شهدت اليوم قتل شاب فلسطيني، تحولت الى احدى "المسالخ الاسرائيلية".
وصرح، ان الشهيد عمار مفلح، هو رابع مواطن فلسطيني قضى على ايدي الصهاينة في غضون اليومين الاخيرين؛ بعد ان قتل جيش الاحتلال الثلاثاء الماضي 5 فلسطينيين في الضفة الغربية.
وفي تغريدة اخرى، اكد زملط على ان القوات الصهيونية ماضية في هذه الجرائم، لانها واثقة بانها لن تواجهة اي مساءلة على تداعيات سلوكها الاجرامي.
هذا وقد أشار الكاتب مصطفى البرغوتي إلى أن،" المطالبة بالتحقيق لم تعد تشفي غليلاً، أو تحقّق هدفاً، بل صارت، وسيلةً للهروب من المسؤولية، وتجنّباً لمحاسبة إسرائيل وحكامها، ونموذجاً لازدواجية المعايير، عند المقارنة بين ما تفعله الحكومات، التي تكتفي بالمطالبة بالتحقيق في حالة فلسطين، وتفرض ستة آلاف عقوبة على روسيا في غضون شهر واحد من الحرب الأوكرانية".
ولفت الكاتب إلى نفاق الغرب في التعامل مع القضايا الإنسانية حيث قال أن "المقارنة نفسها على موضوع إحالة جرائم الحرب الإسرائيلية إلى محكمة الجنايات الدولية. إذ تلقت هذه المحكمة ما يكفي من القضايا والأدلة الدامغة للبدء بالتحقيق، بل حسمت هيئتها القضائية الذرائع بقرارها انطباق معايير التحقيق في محكمة الجنايات على فلسطين. ومع ذلك، يُخضع المدعي العام للمحكمة كريم خان، وهو بريطاني الجنسية، نفسه للضغوط الأميركية والإسرائيلية، ويواصل التهرّب من فتح تحقيق في فلسطين، في قضايا عمر بعضها 13 عاماً، بينما يبدأ التحقيقات في أوكرانيا بعد أقل من شهرين على بدء الحرب فيها".
ومنذ 29 نوفمبر الماضي، صعدت إسرائيل من عملياتها في الضفة الغربية المحتلة، ما أسفر عن سقوط 6 قتلى، آخرهم الشاب عمار حمدي مفلح 23 عاما.
ويتخوف مراقبون من أن تكون هذه العمليات ترجمة فعلية لتوجيهات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي لم يتول منصبه بعد، لكنه سبق وتعهد بتخفيف إجراءات إطلاق النار على الفلسطينيين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت