- بقلم/ أ. محمد حسن أحمد
العمل المقاوم يهدف إلى تحقيق هدف سياسي ومن هذا المنطلق فقد كان انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة في العام ١٩٦٥ لتسمع العالم بأن حقوقاً وطنية للشعب الفلسطيني يجب أن تسترد وأن شعبنا الفلسطيني له حقوق سياسية بعودته إلى أرضه التي هجر منها وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وتوالت عمليات الكفاح المسلح إلى أن تكامل العمل العسكري مع العمل السياسي والدبلوماسي الفلسطيني في إبداع شعب فلسطين ممثلا بقيادته قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد الذي أقرته القمة العربية في الرباط ومن ثم اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام نفسه ١٩٧٤ حيث ألقى الزعيم ياسر عرفات كلمة فلسطين في الأمم المتحدة بنيويورك وتوالى العمل الوطني الفلسطيني وصولا إلى إبعاد قوات الثورة الفلسطينية بعد غزو لبنان١٩٨٢ لإبعادها عن دول الطوق ومن هنا كان قرار حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية نقل المعركة إلى الوطن المحتل فكانت الانتفاضة الأولى ١٩٨٧ وفي هذا الفعل المقاوم
نستحضر ذكرى انطلاقة الانتفاضة المجيدة التي سطرها أبناء الأرض المحتلة من آبائنا الذين امتشقوا حجارة الأرض سلاحًا في وجه المحتل، فأبدعوا في الوقت الذي حوصرت منظمة التحرير الفلسطينية في بقاع الأرض بعد الخروج من بيروت الصمود التي سجل فيها المقاتل والشبل الفلسطيني أروع ملاحم المجد والعنفوان والتضحية التي أصبحت ملازمة لأبناء فلسطين أينما وحيثما تواجدوا ، وأصبحت الكوفية الفلسطينية رمزًا لحركات التحرر ورمزًا لكل تواق للحرية ، ومن وحي الانتفاضة الأولى في ديسمبر 1987 التي قرأنا عنها وسمعنا حديث الآباء عن مجرياتها وتداعياتها السياسية التي أفضت إلى اتفاقيات لست بصدد الحديث عنها ، ولكن الملفت لجيلنا الذي نعتز به هو روح التكافل التي تميز بها أبناء شعبنا من وحدة المشاعر والإيثار وتماسك النسيج الاجتماعي الذي شكل حالة استعصاء على المحتل ، فكانت غزة تعلن الإضراب حدادًا على شهيد في جنين وكانت مدن وقرى الضفة الغربية تتبادل وحدة المشاعر مع قرى ومدن قطاع غزة ، فالملاحم التي أسس لها الآباء حري بنا اليوم أن نقتدي بها ونحييها.
ولم يتم إشهار فرح في زواج من خلال الحفلات فكان الإجماع الوطني هو من يحكم العقل الجمعي الفلسطيني فالعروس تزف إلى بيت عريسها في طقوس تتناسب مع إيقاع الانتفاضة والعنفوان الثوري، فلا مظاهر للبهرجة والبذخ وإهدار المال ، ولا يوجد فرح بجوار بيت عزاء ، وتجلى التكافل الاجتماعي في الإيثار على النفس والقناعة وغياب الجشع في مشهد الانتفاضة ، فالمساعدات كانت تدور متنقلة من منزل إلى آخر لا يقبلها من كان عنده ما يسد رمق عيشه ويؤثر أن تكون المساعدة لجاره ، وفي حال مداهمة جنود الاحتلال لمنزل أو اعتداء على شاب تجد أن الجميع يهب لمقاومة المحتل ، وكانت البيوت مفتوحة للمقاومين من كل أطياف اللون السياسي ، وكانت الحشود الجماهيرية تهب لمساعدة المناطق التي يحظر عليها منع التجول ، ما أجملها من حقبة جسدت الحالة الحقيقية للشعب الفلسطيني وأصالته وكرمه وعزته ونخوته، فما أحوجنا إلى أن نقتدي بتلك الحقبة وبآبائنا الذين سبقونا في النضال وعلمونا كيف نحب الوطن من خلال القيم والأخلاق الوطنية وروح التكافل الاجتماعي.
رحم الله شهداء فلسطين وفرَّج كرب أسرانا ، فذكرى الانتفاضة تبعث الأمل في نفوسنا ويحدونا الأمل لإنهاء الانقسام لتعود اللحمة الوطنية في مجتمعٍ خالٍ من البغضاء بين أبناء الشعب الواحد الذين يواجهون مصيرًا مشتركًا ويطبق عليهم الحصار دون تمييز، فطوبى لمن دعا للوحدة الوطنية ، وطوبى لمن قال خيرًا أو ليصمت ، وفي ذكرى الانتفاضة تأكيد على تكامل العمل الوطني الفلسطيني في الصراع الممتد مع الاحتلال
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت