أزمة مركبة وعميقة وقادحة في الداخل الأردني.

بقلم: محمد احمد الروسان

محمد احمد الروسان

أزمة مركبة وعميقة وقادحة في الداخل الأردني.

والطبقة الوسطى قاعاً صفصفاً بفعل الدولة الموازية.

دولة المال والصيرفة والتي تلجأ لخصي الوعي.

  •  
  • *كتب: المحامي محمد احمد الروسان*
  • *عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

 

يستحقُّ الأمرُ في هذا الاشتباك، تغيير العدسة التحليلية بشكل قطعي هنا، والتي ننظر من خلالها، فعندما تتسع الرؤية أي رؤية، يقيناً ستضيق العبارة، فمن هشاشة ساحات ومساحات وذكاء متآمر، الى توهان ديمغرافيا، وهرطقات استخبار وهذيان سياسة، ضاعت الأوطان.

الكارتل العميق الحاكم في الولايات المتحدة الامريكية، ان كانت الادارة ديمقراطية، وان كانت جمهورية، يتبنى خطّة السلام الامريكية المسمّاة اعلامياً بصفقة القرن، لغايات مسارات الخلط، في ظل صراعاته مع بريطانيا، من تحت الطاولة على الساحات ومساحات النفوذ السابقة، لخلق الفوضى المطلوبة، ليصار لاحقاً لترسيم كل شيء بما ويتفق مع المصلحة الامريكية أولاً وأخيراً، وعلى الهامش مصلحة الكيان الصهيوني والذي صار عبء قاتل على الكارتل العميق، في مفاصل الدولة الامريكانية الولاياتية.

حيث خطّة السلام تلك، بجانب معاهدة الدفاع الأمريكية المشتركة التي فرضها الرئيس السابق ترامب علينا قصراً وكرهاً، ولم يعارضها الاخوان المسلمين عملياً على الميدان، وتروج لها مؤسسات المجتمع المدني والتي هي نوافذ استخباراتية في الداخل الاردني، حيث بالمجمل كل ذلك ينتج وبالتدرج عملية: شطب النظام السياسي الأردني، لصالح نظام سياسي جديد وبديل ومهندر بديمغرافيا وجغرافيا جديدة، أو حتّى اسم جديد: كمملكة الانباط مثلاً أو المملكة العربية المتحدة أو أي اسم آخر، هؤلاء الأمريكان الرسميون ومؤسسات حكمهم والايباك وعبر الكارتل العميق الحاكم الحقيقي هناك، ما زال وما زالوا يتبنون الاسلام السياسي ويراهنون عليه(عبر اي ادارة ان كانت ديمقراطية أم جمهورية)، لغايات العبث مع الصين عبر ملف الايغور، والعبث في جمهوريات أسيا الوسطى لغايات اضعاف الفدرالية الروسية وتصاعدات نفوذها.

وتهدف واشنطن الى ترسيخ مواقفها العسكرية والسياسية والمخابراتية في المنطقة، عن طريق انتشار القوّات المسلحة لحلفائها في سورية وعلى الأطراف لدول الجوار السوري من جديد، مع تقليصات محدودة ولكنها وهمية لعدد وعديد قوّاتها المسلحة في سورية والعراق، ونقل مسؤولية ونفقات الحرب على حلفائها، وتوريط أكثر عدد من الدول العربية والإسلامية من جديد وبنسخ مختلفة، في كواليس الحرب في سورية  لغايات عولمة بعض الجيوب الجغرافية المتقيحة من ناحية(كجيب ادلب، وجيب شرق نهر الفرات وجيب التنف)للعبث بالاستقرار السوري وبالحكومة السورية، ودفع جديد للمدنيين للقيام بالاحتجاجات ضمن سيناريو استعادة للمجتمع المدني وتوظيفه، ومن أجل خفض عدد الخسائر بين الجنود الأمريكيين، مع امكانيات استبدالهم ببعض العرب المنبطح والشركات العسكرية الخاصة.

المعطى والواقع الجاري يتحدث بعمق، ومع انطلاق شرارة الحروب البيولوجية الناعمة الصامتة، يصار الى خلقها وتخليقها من جديد، عبر مجتمعات المخابرات والاستخبارات البيولوجية، لمحور الشر الأكبر، محور مفاصل وتمفصلات الأنجلوسكسونية، والمخفي أعظم في مختبرات خاصة في استراليا أيضاً ضمن تحالف أوكوس وان كان تحالفاً منقوصاً، فهو على الأقل نصف استراتيجية وخاصة الشق البيولوجي منه، في انتاجات لنسخ فايروسات مختلفة، على جلّ طول حروب الظلال، على خطوط العلاقات الصينية الامريكية الروسيّة الأوروبية.

 انّ حالات من الكباش السياسي والعسكري والأقتصادي والدبلوماسي والأمني الأستراتيجي تتعمّق بشكل عرضي ورأسي، وتضارب المصالح والصراعات على أوروبا، والحدائق الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفها، من الدول العميقة، المتحكمة في ساحات ومساحات أمريكا اللاتينية وعلى رأسها فنزويلا، ومثيلتها الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية وحلفها وعلى قلب الشرق بلاد الشام، سورية المتآمر عليها، والأردن المراد توسعته ديمغرافياً عبر مخرجات منظومة لجنة الاصلاح، مثل الهوية الجامعة، وجغرافياً فيما يتعلق بالضفة الغربية المحتلة، ومآلات وتداعيات الفعل الصهيوني المستمر، خاصةً مع وجود حكومة صهيونية غارقة في التطرف والإرهاب، فاشية دينية نازية متصاعدة، يعمل البعض العربي الغارق في اتفاقيات ابراهام، على جعل الأردن ينام معها – أي إسرائيل، في فراش واحد، تحت ضغط بند المال وسلّة مساعدات تخديريه، والمتقاطع مع البعض العربي بشطب ما يسمى بحل الدولتين شطباً، وربما عبر الحاق الضفة الغربية المحتلة به من جديد، تحت عناوين جاري العمل على تصنيعها، لشطب امكانية قيام أي دولة فلسطينية لاحقاً، مع هندرة لطبقة الكريما السياسية في الأردن، بعناوين انتخابية برلمانية حزبية، لمزيد من الخلط والبلط، وجعله بديلاّ بنظام بديل، ورأس جديد مثلاً.

ولبنان المراد تفكيكه، واعادة تركيبه لتفكيك المقاومة ونزع سلاحها، فلسطين المحتلة، وجعلها دولة يهودية نقية، كل ذلك من أجل ادامة الصراع في المنطقة وادارته فيها، خدمة لمصالح اليانكيز الامريكي، عبر تمكينات هنا وهناك لنموذج دولة البانكرز، كدولة عميقة في مختلف الساحات والمساحات والحارات، ومنها ساحتنا الاردنية – فقد صارت دولة البانكرز، هي المسيطرة على مفاصل الدولة، والدولة العميقة التقليدية تعمل لديها مع كل أسف.

 

فالخليج يفقد طابعه العربي سكّانياً، أي  ديمغرافياً، بسبب تدني نسبة العرب فيه لصالح عمالة أجنبية، ويمكن أن تتحول ساحاته الى مستوطنات، كيانات غير عربية، أي خليج بأقلية عربية، أو لا عربي، وذلك على ضوء هبوطات بنسبة العرب في مملكات قلقه، الى عشرة وعشرين، وفي السعودية وحدها الى 50 في المئة، والدراما الخليجية تقدح: تذكرون يا سادة، مسلسلي: أم هارون ومخرج 7.

فمن مملكات القلق العربي على الخليج، تحول الدولار من الذهب إلى النفط، ومن الخليج يتم إعادة تخليق وترتيب لوضع الدولار من جديد، وأمريكا لن ترضى بما جرى مؤخراً، من قمم صينية عربية في الرياض، حيث السعودية تنوع خياراتها، وتفكر من خارج الصندوق وتقود وتسود، مع دعمنا لذلك ولكل هذه الجهود فأمريكا ليست قدراً - ومع هذا الخيار والتفكير، وبيان القمة العربية الصينية واضح ومحمود، على أن يصار الى جعله واقعاً، ترافق مع تصريحات لوزير الخارجية السعودي، أن ايران جزء من المنطقة وجار وننهج الحوار معها.

 لذلك رد الفعل الأمريكي سيكون وبالمعنى الاستراتيجي، عبر حروب بيولوجية، وخلق وتخليق فايروسات تفوق كورونا كفوبيا، وفوبيا الصين، وفوبيا وروسيا، وفوبيا إيران وحزب الله، والعلاقة مع الكيان الصهيوني، بعبارة أخرى ومختلفة ومحاولة في تقريب الفكرة واستيعابها عبر المثال التالي: الحلس(بكسر الحاء وتسكين اللام): هو الثوب الناعم الذي يكون بين ظهر الدابّة والسرج، وهذا في علم الاجتماع السياسي، يسمى الطبقة الوسطى - في بلادنا جهدت الدولة الأردنية لدينا وحكوماتها، كما جهد الملك، على حمايتها قدر المستطاع – هذا ما قبل كارونا، بالرغم أنّه لا طبقة وسطى في الأردن، وجاء المشير الركن كارونا، ليقضي على ما تبقى من الحلس – أي الطبقة الوسطى، وجاءت تداعيات المواجهة الروسية الأطلسية عبر أوكرانيا، وجغرافيتها الزاخرة بالإرهاب والنازيّة الجديدة، لتجعل الطبقة الوسطى في الأردن قاعاً صفصفاً، فصرنا طبقتين فقط: طبقة تزداد غنى فاحش، وتشكل الدولة العميقة المالية الجديدة، دولة البانكرز والصيرفة،.... الخ، انّها دولة تآخي اللصوص – الدولة الموازية، التي تسرق الجميع بالجميع، وهي من أكلت علف الدابة لشطب الحلس الطبقة الوسطى، حيث الحلس هو العدو الاستراتيجي لها، واستغلت هذه النعاج المالية أزمة كارونا، وتستغل الآن عقابيل وتداعيات، المواجهة الروسية الأطلسية، فقضمت عشب غيرها اليومي، لأضعاف الدولة العميقة التقليدية، والتي تشكل عصب الوطنية الاردنية.

مقابل تلك الطبقة ثمة طبقة وطبقة، تزداد فقراً على فقر، وقد يشي كل ذلك الى ثورة جياع قادمة في قطرنا الاردني وصراع طبقي دفين(أفواه واسعة)، ليسهل تصفية القضية الفلسطينية على حساب الشعبين الأردني والفلسطيني، وعلى حساب النظام السياسي الأردني لصالح نظام بديل، بين الملاّك(أصحاب رؤوس المال)والطبقة العاملة، فلمن ينحاز صاحب القرار؟ الى طبقة البانكرز والصيرفة، طبقة تآخي اللصوص، أم الى الطبقة العاملة الكادحة القادحة، عصب الوطنية الأردنية؟.

من جهة ثانية: بينما تعمل الأمم على تقييد رأس المال وتعزّز دور الدولة، يتم الآن في الاردن شطف واستجداء لصوص رأس المال لمواجهة الوضع الاقتصادي السيء، بالتصدق ببعض ما سرقوا - مفارقة عجيبة اليس كذلك؟ وعندما نقول أن شعبنا الاردني يعرف كل شيء عن هؤلاء اللصوص، فهو قول تأثيره كأثر المخدر القوي، فطالما يكتفي أنّه يعرف ويصمت، فهذا أسوأ من الجهل، وأسوأ منه قوى لم تستعيد الشارع بعد.

انّ مصطلح البرجوازية الوطنية، مع قياستك له على معظم القطريات العربية بما فيه القطرية الاردنية، فلا يسعفك من الفكر ما يبرر هذه التسمية، وقبل الدخول في تفاصيل شرائح البرجوازية تميل الى القول والاعتقاد أنّ التسمية الصحيحة هي البرجوازية المحلية، تحاشياً لاختلاط وتخبط الوعي الذاتي وتظليل الوعي الجمعي.

وأي برجوازية محلية لا تكون وطنية الدور والتوجه، ما لم تكن انتاجية أساساً، لكي تدفعها مصالحها للدفاع عن السيادة الوطنية، حيث تستغل السوق المحلية وتدافع عنها، أي انّ دورها الوطني هو جوهريّ طبقي مشروط بالمصلحة الطبقية، ولذا هو رجراج فلا داع للتعويل الدائم عليه، واذا لم تكن البرجوازية منتجة أو تتخلى عن الانتاج تدريجياً أو نهائياً، فهي تذهب وبعمق في سبيل لا وطني بالمطلق.

الفكرة السابقة تدفعنا الى القول: المشير الركن كارونا وأشقائه القادمون ضمن الحروب البيولوجية، سوف يسرّعون التاريخ ولن يعيدون تشكيله، ومن الممكن المتاح، هم من تصميم دولة رأس المال العميقة في دافوس ونظيراته، لأبادة المحيط وفقراء الغرب والعرب والساحات والحارات والزنقات، كم مرة عقد هذا الدافوس في البحر الميت؟ لم يستفيد حلس الدابة منه بل أكل علفة الدابة ذاتها.

وبداية النجاة أن نخرج يا حكومات، ونشتغل وننتج الغذاء ونغلق الدولة أمام الغرب القاتل، والبلد الحقيقي فيه صناعة زراعة ثقافة رياضة حرية، وأفضل لو كان بلداً اشتراكياً، وليس البلد الحقيقي فيه: مناظر خلاّبة، والأخيرة جملة مضرة وتغطية على التخلف بعنوان سياحي.

انّ جنون رأس المال حين يعجز عن منافسة شريفة، يلجأ لخصي الوعي محلياً واقليمياً ودولياً، بخلق وتخليق و\ أو فشل الرأسمالية في مواجهة الفايروسات، وآخرها حتى اللحظة كارونا، تعيد الولايات المتحدة الامريكية تسليح غوّاصاتها من طراز أنديدينت – 2 بصواريخ نووية، أي تستغل حربها ضد صحة البشر بحربها النووية لإبادة البشر.

ومشكلة الحلس في العالم، أنّه تضخم وصار أكبر من السرج وأثقل على الدابّة، وأكل علف الدابة، وزاد الركب، وأصبح يهدد توازن السرج ليسقط الملاّك، ومن هنا لا بدّ من تجفيف منابع تمويل الطبقة الوسطى التي تقود الحرب على الغرب، وعجز المال الخليجي كان من شأنه أن باعد التوازن للطبقة الوسطى بعد عام 2008 م في الغرب، وصار هذا المال الخليجي الذي وظّف لأحداث التوازن للطبقة الوسطى هناك، صار يقود التمرد في تلك المجتمعات الغربية، وما يسمى بالربيع العربي والمؤامرة على سورية عبر حرب الشام، والتي لم تكن حرب الرأسماليين التقليديين، بل كانت حرب البرجوازية المتوسطة العالمية(أيقونة سوبر الطبقة المتوسطة في العالم هم الأثرياء الخليجيون وخاصةً في السعودية والأمارات وغيرهما)، صار الدولار عملة البرجوازية الاستهلاكية بعد عام 1977 م، وهزمت هذه البرجوازية الاستهلاكية في حربها العالمية الثالثة في الشام الآن، مما يترتب على هذه الهزيمة عودة الدولار الأمريكي إلى ما قبل عام 1977 م، والآن البلدربيرغ الأمريكي يسعى وعبر العقوبات والثورات الملونة، على إعادة توجيه المال الخليجي في جلّه، ليصب في جيب الرأسمالية الفيزيائية بدلاً من جيب البرجوازية الإرهابية، وعبر حرب الميكروبات، فكان البدء المشير الركن كارونا.

انّ الأزمة في الاردن، أزمة مركبة وعميقة وقادحة، والهندرة السياسية الرأسية والأفقية القادمةً،  للساحتين الاردنية والفلسطينية وطبقة الكريما السياسية والاقتصادية، وهندسة للديمغرافية بإنتاجات جديدة، فهي من ناحية أزمة حكم ونخب تعاني من توهان صحراوي عميق ومتفاقم، وأزمة شعب بأصوله ومنابته المختلفة من ناحية أخرى، وبلادنا الأردن نموذج أممي حي، في كيف يكون التيه في صحراء الأستراتيجيا، بفعل طوارىء السياسة وطوارئ الاقتصاد وطوارىء علم الاجتماع السياسي، والطابور الخامس والطابور السادس الثقافي، وفي علم الأستراتيجيا هناك شيء اسمه المرونة الاستراتيجية، حيث يعني هذا العلم قدرة الدولة أي دولة على استشراف المستقبل، وادراك مغزى المعطيات والتطورات في البيئة الخارجية، واتخاذ سياسات للاستجابة لتلك التطورات والمعطيات والوقائع بما يخدم استراتيجيتها الشاملة.

الدولة لدينا في الأردن تعاني من نقص حاد وعميق بشكل رأسي وأفقي في مهارات المرونة الاستراتيجية، ولم تدرك مغزى ما يدور في بيئتها الخارجية، فوجدت نفسها بلا حول ولا قوّة بشكل فجائي، فارتبكت وتباطأت، وانبطحت وتساوقت، وتماهت تماماً مع كل أسف وحصرة، مثل: المسحور له، فبات كالمأفون، ولكنها حقّقت نجاحات تكتيكية.

نعم السياسة الأردنية ما زالت حبيسة الماضي التليد، وفضّلت أن تبقى قابعة بتموضع غريب في منطقة الراحة الآمنة، ونحن عشنا ونعيش الهيستريا القادحة ذات النتاج، التي عملت على تخليقها وخلقها حول نفسها – أقصد  منطقة الراحة الأمنة، بفعل التيار المتأمرك المتأسرل فيها، وذهبت كافة الأطراف على الدفع بها الى هوامش المشهد وحافّاته غير المؤثرة، حتّى أنها لم تعد تلعب بالهوامش الممنوحة لها من قبل الأمريكي، وتمارس دبلوماسية الانتظار بفعل طوارىء السياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع السياسي، تنتظر حل غيبي قد يلوح لها في الأفق السياسي المنسّد.

فهناك أكثر من طرف خارجي: طرف دولي، وطرف اقليمي، وطرف بعض عربي يعاني من اسهال شديد بشكل مائي في العلاقات مع الكيان الصهيوني، يدفع الأردن الى الانفجار، كون مرحلة الأردن المستقر الآمن انتهت بالنسبة للقوى الدولية والكيان الصهيوني وبعض القوى الاقليمية التي تعاني كما قلنا من إسهالات شديدة، في العلاقات المعلنة وغير المعلنة مع الكيان الصهيوني.

حيث من مصلحة الأطراف السابق ذكرها، بما فيها الكيان الصهيوني انفجار الوضع في الأردن، لأسقاط الدولة والتخلص من الالتزامات الدولية معها، وهي التي تلجم الطموح الصهيوني، وطموح السلفية الافنجيلية الأمريكية في القدس المحتلة، والضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزّة المحتل مع تفعيل مسارات تفريغ الضفة الغربية باتجاه الأردن.

اذاً ثمة حالة أردنية لترتيب البيت الداخلي لأغراض اقليمية، حيث المحفّز لذلك مضامين وشروط ما تسمى بصفقة القرن، ان لجهة التساوق والتماهي معها، أو لجهة مواجهتها وعقابيلها وتداعياتها، والملك بحاجة الى غطاءات سياسية لبعض القرارات قبل الدخول في كواليس استحقاقات اقليمية واقتصادية، انّ أكبر وأكثر الخاسرين من صفقة القرن هما: الاردن وفلسطين المحتلة.

وصحيح أنّ الملك صنع لنفسه نخب، تصحّرت هذه النخب مع سنوات حكمه، وقد أبتليّ بها الملك لاحقاً، فصنعت هذه النخب فجوة كبيرة بينه وبين شعبه بأصوله ومنابته المختلفة، لذا على الملك أن يغيّر أدوات الحكم عبر تغيير النهج القائم، فحل الدولتين انتهى خلاص، وأكل وشرب الدهر عليه، وحل مكانه البراغماتية الاقتصادية، حل اقتصادي وتحقيق المكاسب الاقتصادية فهي المحرك للعقل السياسي، مع تسويقات لمفهوم السلام الاقتصادي كمضمون لصفقة القرن المسماه كذلك، دون الدخول في تابوهات الحلول السياسية. والسؤال هنا: هل تخشى اسرائيل مواجهات مع الجيش العربي الأردني العقائدي، آخر قلاعنا كأردنيين من شتّى الاصول والمنابت، ومعه جهاز مخابراتنا الوطني – مخابرات دولة لا مخابرات حكومات أو أفراد أو كارتلات اقتصادية أو مخابرات بانكرز أو حتّى مخابرات ملك؟، فقيام دولة فلسطينية مصلحة أردنية وفلسطينية صرفة، وهذا ما يؤكد عليه الجميع، لذلك ليس للملك في مواجهة الضغوط، الاّ الشارع وتحريكه وتسمينه بتوسعة حركة احتجاجاته بالمعنى الرأسي والأفقي الأن، وعند لحظة تنفيذ مفاصل وتفصيلات فنية لصفقة القرن، وعبر دفع الكتلة الديمغرافية من الضفة الغربية المحتلة نحو الأردن، ان قامت عمان بإغلاق الحدود مثلاً في وجه هذه الكتلة الديمغرافية، كونها ستظهر اسرائيل بأنّها ترتكب جريمة انسانية فريدة من نوعها، ويظهرها أمام العالم أنّها جزّار العصر؟ كل ذلك لصالح كيانية سياسية جديدة في الأردن بديمغرافيا وجغرافيا حديثة، برأس جديد ونظام جديد، مع العلم أنّ مصر أحياناً تفتح المعابر وأحياناً تغلقها مع قطاع غزّة وتحت بند وعنوان انساني، والمتوقع أنّه ستكون هناك هندسات لتسمين قطاع غزّة على حساب أراضي مصرية في شمال سناء لغايات الدولة الفلسطينية القادمة في شقها الغزّاوي؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت