- معتز خليل
احتفلت حركة حماس أخيرا بالذكرى السنوية لتأسيسها، وهو الاحتفال الذي يأتي تزامنا مع بعض التقارير الفلسطينية التي تشير إلى أن حماس ومنذ أن تقلدت حماس مقاليد الحكم في غزة عام 2007 وهناك الكثير من الأزمات التي يتعرض لها الفلسطينيين في القطاع، حيث ساءت الحياة من جميع النواحي بسبب الإدارة الاقتصادية السيئة من قبل الحركة والسياسات والتغيرات العالمية وتواصل الحروب مع الاحتلال الإسرائيلي.
تحليل مضمون عدد من التقارير الفلسطينية أو الدولية التي تطرقت لهذه الأزمة يشير إلى إننا يمكننا أن نرى التغيرات التي طرأت على الوضع الاقتصادي في غزة بوضوح خلال الخمسة عشر عامًا الماضية والتي سببتها حماس.
على سبيل المثال، كان معدل البطالة في القطاع العام قبل تولي حماس مقاليد الحكم 29٪ ، لكنه ازداد اليوم سوءًا إلى 73٪. في سياق مباشر، يبلغ معدل البطالة بين المراهقين 66٪.
بالإضافة إلى ذلك، يعتمد أكثر من 75٪ من الفلسطينيين بالقطاع على المساعدات المالية من الأونروا. علاوة على ذلك، كان متوسط الراتب في غزة قبل سيطرة حماس على الحكم عام 2007 ما يعادل 3800 شيكل ، لكن قيمة الرواتب اليوم للعامل تعادل تقريبا 1320 شيكل لشهر واحد ، على افتراض أن العامل يمكنه العمل طوال الشهر وليس لأيام قليلة فقط.
توصل العديد من سكان غزة إلى استنتاج مفاده أن الطريقة الوحيدة للحصول على حياة طبيعية هي الهروب من القطاع وبالفعل ، وفقًا للبيانات ، يغادر آلاف الأشخاص كل عام ، ويغادر بعضهم إلى الضفة الغربية حيث يمكنهم إعالة أنفسهم.
وبحسب البنك الدولي، بسبب مصالح حماس، فإن الوضع الاقتصادي سيتدهور حتى بدون حروب مع الاحتلال وعقوبات من قبل المجتمع الدولي.
وقد قرر البنك الدولي والخبراء الماليون أنه إذا استمر الوضع، فإن الوضع في غزة سيتدهور بقوة ، الأمر الذي دفع بالكثير من الشخصيات الفلسطينية تطالب حماس بالتنحي وإجراء انتخابات عامة بدلا من الاستمرار في السيطرة على الحكم.
ما الذي يجري؟
صراحه ومع كل المعطيات السابقة يجب الاعتراف بعدد من الأمور أبرزها:
1- تعمل حماس على التخفيف من الأزمات التي يعيشها المواطن الفلسطيني، واتخذت في هذا الصدد بعض من القرارات الجديرة بالاهتمام ، مثل الموافقة على سفر العمال وعودتهم للعمل من غزة إلى إسرائيل
2- فتحت حماس أفق التعاون والعمل للمواطنين في إسرائيل، ووافقت أيضا على آن يشمل العمل وفتح أفق التعاون مع إسرائيل رجال الأعمال والعمال على حد سواء ، بالصورة التي تعود بالنفع الاقتصادي على قطاع غزة والمواطنين الفلسطينيين بصورة عامة.
3- فتحت حماس أفق المبادرات الاقتصادية الفردية للاستثمار، وقبلها قامت بفتح أفق الحوار والاستماع للمواطنين من خلال الندوات الاقتصادية أو الجماهيرية ، واستمعت جيدا لكثير من الانتقادات التي تم توجيهها لسياساتها بهدوء ووافقت على تعديل بعض من القوانين من آجل صالح القطاع الاقتصادي.
أزمة عالمية
غير ان تحليل مضمون التطورات السياسية والاستراتيجية بالعالم يشير إلى عدد من الحقائق التي يجب أن يعرفها الكثيرين ومنها:
1- العالم بأكمله يعيش في أزمات متواصلة، وغزة بالنهاية هي جزء من العالم الذي يعاني بسبب : حرب أوكرانيا ، تداعيات فيروس كورونا ، الجمود الاقتصادي العالمي .
2- تعاني مصر وهي الدولة المجاورة للقطاع من أزمات اقتصادية، حتى آن سعر صرف الدولار الأمريكي بلغ تقريبا ٣٠ جنيها مصريا ، وهو رقم كبير ويعكس فداحة الأزمة في مصر التي تعتبر دولة بعكس غزة التي تمثل قطاع صغير.
3- وقفت الظروف السياسية المعقدة التي يعيشها العالم كثيرا في وجه المشاريع الاقتصادية سواء الخدماتية أو الحياتية لغزة ، ومنها مثلا مشاريع إعادة الإعمار أو التوسع وبناء مرافق في بحر غزة تساعد القطاع اقتصاديا وماليا ، وحتى الآن فأن منظومة إعادة الإعمار معطله لأسباب متعددة ، منها مثلا قلة التمويل وصعوبة التغلب على الأزمات الإدارية بالقطاع الناجمة عن الاحتلال ، وقلة موارد غزة.
4- حاولت حماس جديا انتهاج سياسة الانفتاح على كل الدول العربية والإسلامية، وإدارة العلاقات بتوازن دقيق من منطق أن قضية فلسطين هي القضية المركزية لهذه الأمة، ومن الطبيعي أن تحقق بعض من هذه المحاولات لبناء العلاقات نتائج إيجابية أو سلبية على حد سواء.
5- لا يخفى على أحد إن حماس تواجه بدورها أزمات سياسية دقيقة مع السلطة، حيث قامت أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية أخيرا بشن حملة اعتقالات واستدعاءات على خلفية سياسية، لأنصار حركة حماس والأسرى المحررين. وأفادت مصادر إعلامية تابعة للحركة أن الاعتقالات استهدفت طلاباً من جامعة بيرزيت، وأسرى محررين من الخليل ورام الله وقلقيلية ونابلس غالبيتهم من أنصار حركة حماس.
تقديرات استراتيجية
من الواضح إن الإدارة المسؤولة عن إدارة شؤون الحياة في غزة تحاول وتجتهد من أجل التغلب على العقبات التي تواجه القطاع اقتصاديا، غير أن الظروف الاقتصادية الدولية صعبة للغاية، وتمنع التغلب على هذه الأزمات بسهولة، خاصة في ظل تواصل أفق المشاكل الاستراتيجية العالمية وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية بلا حل
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت