"نحن لا نطلب عفواً من العدو".. ناصر أبو حميد 13 أيلول 2022.
بزغت شمس ناصر قبل شمس البلاد، أنا أيضا شمسك أيها الوطن، خذ مني ما شئت من ضوء، أنر عتمة الشوارع والأزقة الضيقة في المخيمات، أنا الاسم الذي تعرفه ميادين المدن، تاريخي متاريس القرى والبلدات، كُلي خلايا سرية، بنادق تطل من أعالي الجبال، قلبي قنبلة، انزعيني يا بلادي وانثريني فوق كل التراب، فوق "السوافير الشمالية- غزة" حيث نبتت عائلتي، فوق "مخيم النصيرات– دير البلح" ففيه ولدت، فوق "مخيم الأمعري– رام الله" فإليه عدت طفلا يلاحق الجيبات العسكرية بالحجارة ويخط مسيرة "كتائب شهداء الأقصى".
في نهاية لا يليق بها إلا الشهادة، ارتقى فجر اليوم، 20 كانون الأول 2022، ناصر أبو حميد (50 عاما) بعد ثلاثين عاما في سجون الاحتلال. ثلاثون عاما من القتال دون أن يسلم يوما واحدا، رافضا في أيامه الأخيرة حتى مجرد تقديم اقتراح لرئيس دولة الاحتلال للإفراج عنه.
ولد ناصر أبو حميد في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر 1972، أصيب أول مرة برصاص الاحتلال وهو ابن 11 عاما، لتتوالى بعدها الرصاصات والشظايا في جسد هذا المقاتل، الذي استمر ناشطا بارزا واسما ثقيلا وله هيبته في ساحات الاشتباك، وكان من أبرز مؤسسي "كتائب شهداء الأقصى".
استشهد ناصر، ستبقى جثته في داخل ثلاجات الاحتلال، لتُكمل حكمه عنه حيا! هكذا تجري قوانين الاحتلال الذي بفعلته هذه لا يُمكن الوصول لكلمات تُوصف جثة محتجزة عليها أن تنتظر 50 عاما بعد 7 مؤبدات، لتودع من قبل من سيكون تبقى من الأهل، وتُدفن كما يليق بالإنسان!
عرفت ام ناصر ابو حميد (لطيفة) 73 عاما، من مخيم الامعري، سجون الاحتلال منذ 40 عاما، يوم بدأ أبناؤها يدخلونها واحدا تلو الآخر.
حتى اليوم، وصل عدد السنوات التي أمضاها أبناء عائلة أبو حميد في مختلف السجون وزنازين التحقيق إلى أكثر من مائة وعشرة أعوام! وهي أكبر مدة زمنية لبيت واحد، وأول بيت فلسطيني يُحكم خمسة من أبنائه حكماً بالمؤبد.
هذا البيت أدى فاتورة الوطن كاملة، وفاض.
شكل البيت أعلى نقطة في جبل المقاومة بمخيم الامعري ومحافظة رام الله والبيرة والضفة بشكل عام، مُطلا على كامل البلاد.
وقدم ابنه "عبد المنعم" شهيدا في 31-5-1994 بعد مطاردة شرسة من قبل كافة أجهزة الاحتلال، إلى أن اغتالته في بلدة الرام شمال القدس المحتلة.
أم ناصر، الأم التي هزت العالم بأمنيتها احتضان ابن من لحمها ودمها، غيبته سجون الاحتلال عنها 30 عاما، منها 20 عاما ونصف متواصلة.
خمس مرات هدم ونسف الاحتلال منزل عائلة أم ناصر أبو حميد، في مخيم الأمعري برام الله، أعوام: 1990، 1994، 2003، 2018، 2019.
كما أغلقت غرفة بالاسمنت المسلح في البيت عام 1985 وبقيت مغلقة لحين هدمت مع البيت عام 1990.
ناصر ابو حميد اعتقل في تاريخ 19/4/2002، وهو محكوم مؤبد لسبع مرات و50 عاما، نصر ابو حميد اعتقل في تاريخ 21/4/2002 محكوم مؤبد لخمس مرات، شريف أبو حميد 22/4/2002 محكوم مؤبد لأربع مرات، محمد ابو حميد معتقل في تاريخ 17/7/2002 محكوم مؤبد لمرتين و30 عاما، جهاد ابو حميد عام ونصف إداري، إسلام أبو حميد اعتقل المرة الأولى في 28 أيار 2018، وأفرج عنه ثم أعيد اعتقاله في تاريخ 6 حزيران 2018، وحكم عليه عام 2019 بالسّجن المؤبد.
قبل عام 2000، اعتقل يوسف أبو حميد لمدة عامين في سنة 1983، كما اعتقل ناجي ابو حميد عام 1985، لمدة 3 سنوات في عام 2000 لمدة 3 سنوات، واعتقل الشهيد عبد المنعم ابو حميد لمدة عام ونصف في سنة 1989، وشهر في عام 1994، كما اعتقل والدهم لمدة 18 يوما في الانتفاضة الأولى، كما اعتقل ناصر خمس مرات، في الأولى أمضى 4 أشهر وذلك في أواسط الثمانينيات، ليعتقل مجددا في الانتفاضة الأولى لمدة عامين ونصف، وفي الثالثة عام 1990 حكم بالمؤبد وأمضى 4 سنوات، ليعتقل للمرة الرابعة في عام 1996 ويمضي ثلاث سنوات.
في زمن الانتفاضة الأولى (1987-1994) كان لناصر أبو حميد، هتاف خاص يردده الشبان في الشوارع، في كل مكان:
ناصر أبو حميد يا أسد مقنع
في الليل والنهار البلطة بايدك تلمع