اعتبر الفلسطينيون، يوم السبت، أن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مطالبة محكمة العدل الدولية بإبداء الرأي بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية "انتصار" وبداية حقبة جديدة لمساءلة إسرائيل.
وحصل القرار الذي يأتي عقب تولي بنيامين نتنياهو رئاسة حكومة هي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، على تأييد 87 صوتا مقابل اعتراض 26 بينما امتنع 53 عن التصويت، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية.
وقالت الوزارة في بيان إن اعتماد القرار المذكور يعني إحالة الطلب إلى محكمة العدل الدولية لتقديم رأي استشاري قانوني بشأن "الآثار القانونية الناجمة عن انتهاك إسرائيل المتواصل لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، واحتلالها الطويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، واستيطانها وضمها لها".
وأوضح البيان أن ذلك سيتضمن "تدابير إسرائيل الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس وطابعها ووضعها، إضافة إلى كيفية تأثير سياسات إسرائيل وممارساتها على الوضع القانوني للاحتلال وما هي الآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة".
واعتبر البيان أن القرار "يفتح حقبة جديدة لمساءلة إسرائيل (..) ويأتي ضمن الإستراتيجية القانونية لمواجهة الاحتلال وفضح ومساءلة كافة الجهات التي تعمل على تشجيعه".
وقال مساعد وزير الخارجية للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة عمر عوض الله "إن الاجماع الدولي حول التوجه الفلسطيني لطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول ماهية الاحتلال، يعد انجازا دبلوماسيا وقانونيا، رغم السعي الإسرائيلي الأميركي البريطاني لإفشاله.
وأضاف عوض الله في حديث لإذاعة "صوت فلسطين"، أن التصويت على الطلب الفلسطيني في الأمم المتحدة حول ماهية الاحتلال متناسق مع القانون الدولي، وله أهمية كبيرة لتحديد مسؤوليات وواجبات المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال.
وأوضح أن جدول الأعمال للانتهاء من الفتوى من محكمة العدل الدولية يتطلب حوالي عام ونصف العام.
بدورها، رحبت الرئاسة الفلسطينية، بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، لصالح قرار طلب دولة فلسطين حول "ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس"، قبل تحويله إلى محكمة العدل الدولية.
وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان وزع للصحفيين إن التصويت دليل على وقوف العالم أجمع إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية غير القابلة للتصرف.
وأكد أبو ردينة أن الوقت حان لتكون إسرائيل "دولة تحت القانون، وأن تحاسب على جرائمها المستمرة بحق الفلسطينيين"، داعيا دول العالم إلى تحمل مسؤولياتها وتطبيق قرارات الشرعية الدولية والتوقف عن "الكيل بمكيالين".
وشدد على أن القيادة الفلسطينية "لن تترك بابا إلا وستطرقه" لحماية الشعب الفلسطيني، معتبرا أن اللجوء للمؤسسات الدولية "حق فلسطيني وسنستمر بالانضمام إلى الهيئات والمؤسسات الدولية".
وفي السياق، اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ أن تبني القرار "انتصار للدبلوماسية الفلسطينية التي تعرضت لضغوط من أجل سحبه أو تأجيله لكنها رفضت وأصرت على طرحه".
وطالب الشيخ في بيان المجتمع الدولي بالانتقال من مربع الأقوال إلى الأفعال و"عدم الاكتفاء بالبيانات عبر إحقاق الحقوق الفلسطينية المكفولة بفعل القوانين والشرائع الدولية".
من جهته، اعتبر رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح أن التصويت لصالح القرار يشكل "انتصارا لعدالة القضية الفلسطينية، ويأتي بعد يوم من تشكيل حكومة إسرائيل العنصرية المتطرفة".
وشكر فتوح في بيان كافة الدول التي تبنت ورعت القرار وصوتت لصالحه، الأمر الذي يعكس قناعة دولية داعمة للشعب الفلسطيني، من أجل نيل حريته وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني د.محمد اشتية تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية لصالح قرار يطلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية بشأن انتهاك إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره يشكل انتصارا جديدا للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة؛ وصولا إلى نيل حريته واستقلاله الوطني، بإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس.
وقال اشتية "إن القرار الأممي يكتسب أهمية استثنائية في توقيت صدوره، الذي تزامن مع صعود اليمين الديني المتطرف إلى سدة الحكم في إسرائيل، والذي يتوعد الشعب الفلسطيني بالمزيد من الانتهاكات لحقوقه المشروعة ومواصلة العدوان على أرضه، والتعدي على حقوقه، وممتلكاته وثرواته، وانتهاك حرمة مقدساته الإسلامية والمسيحية".
وطالب رئيس الوزراء محكمة العدل الدولية إلى التسريع بإصدار الفتوى القانونية، من أجل إنهاء الاحتلال، ووقف الجرائم والتهديدات والانتهاكات؛ التي يواصل ارتكابها مستفيدا من شعور بالإفلات من العقاب.
كما طالب الأمم المتحدة باتخاذ خطوات عملية لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، إلى حين إصدار الفتوى القانونية من أعلى مؤسسة قضائية عالمية؛ معربا عن شكره للدول التي صوتت لصالح القرار، ومطالبا تلك التي رفضت أو امتنعت عن التصويت، إلى مراجعة موقفها ليكون منسجما مع قرارات الشرعية الدولية.
ورحبت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، لصالح القرار حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين، بما فيها القدس.
وأكدت حركة "فتح" في بيان، صدر عنها، أن التصويت لصالح هذا القرار التاريخي يعكس انتصارا للدبلوماسية الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، الذي تعرض لضغوط لسحب أو تأجيل القرار، لكنه رفض ذلك وأصر على طرح مشروع القرار، الذي جرى التصويت عليه بالأمس.
وشددت على أن هذا القرار سيكون له تبعاته المهمة لصالح القضية الفلسطينية، حيث أنه سيفتح المجال لمساءلة دولة الاحتلال.
وشددت على أن هذا القرار جاء في سياق تنفيذ قرارات القيادة الفلسطينية، لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، وصولا الى تفكيك هذه المنظومة الاستعمارية، ونظام "الأبارتهايد".
وقال وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة "إن تصويت الأمم المتحدة لصالح فتوى قانونية حول ماهية الاحتلال من محكمة العدل الدولية كان بمثابة معركة دبلوماسية وقانونية وقضائية سلمية خاضها السيد الرئيس محمود عباس باسم الشعب الفلسطيني".
وأضاف الشلالدة في حديث لإذاعة "صوت فلسطين"، أن الرأي الاستشاري من محكمة العدل الدولية سيكون توثيقا قانونيا للشعب الفلسطيني، وهزيمة للسلطة القائمة بالاحتلال، وسيعيد القضية الفلسطينية الى أصولها، وهي أكبر انكشاف للصهيونية منذ المؤتمر الأول في بازل السويسرية عام 1897.
وشدد الشلالدة على أهمية الرأي الاستشاري الذي سيصدر، كونه يمثل حجة ومرجعية لحل مشاكل القضية الفلسطينية، ومن خلال الأمم المتحدة يمكن تنفيذ القرارات الصادرة عنها.
واعتبر مدير مؤسسة الحق شعوان الجبارين الإجماع الدولي في الأمم المتحدة حول التوجه الفلسطيني لطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول ماهية الاحتلال يشكل انجازا دبلوماسيا كبيرا.
وأكد الجبارين، في حديث لإذاعة "صوت فلسطين"، أن اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا سعوا لتأجيل التصويت لآخر لحظة؛ لممارسة الضغوط على الجانب الفلسطيني وممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على الدول التي صوتت لصالح القرار للتصويت ضده، ولكنهم لم ينجحوا.
وأضاف، أن دور محكمة العدل الدولية يندرج في إطار التفسير والتحكيم بين الدول، مؤكدا أن بعض الدول تحاول تحييد القضية الفلسطينية عنها، لأهمية رأيها على الصعيد القانوني في المحافل الدولية.
وأكد أهمية استمرار العمل دبلوماسيا وقانونيا لإدانة الاحتلال ومحاكمته على جرائمه، رغم أنها تأخذ وقتاً طويلا نسبيا، مشددا على أن القضية الفلسطينية تعتبر المعيار الأخلاقي لتطبيق الشرعية الدولية في العالم وان تجاوزها يعتبر تجاهلا لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية.
وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، أن الدبلوماسية الفلسطينية خاضت معركة قاسية في الأمم المتحدة، في سبيل إقرار التوجه إلى محكمة العدل الدولية، من أجل أخذ رأي استشاري في ماهية الاحتلال الإسرائيلي.
وقال مجدلاني في حديث لإذاعة "صوت فلسطين"، إن المعركة لم تكن مع إسرائيل فقط، وإنما مع الولايات المتحدة التي استخدمت كل قوتها ونفوذها وتأثيرها مع دول العالم، لعدم التصويت لصالح القرار أو الامتناع عن التصويت.
وبين أن المحاولات الأميركية البريطانية تمثل ازدواجية في المعايير، وانتهاكا لميثاق الأمم المتحدة، معتبرا أن نجاح القرار هو نجاح للدبلوماسية الفلسطينية، والجهد الكبير الذي بذلته القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، الذي أرسل رسائل لكل الدول من أجل التصويت لصالح القرار، واحترام القانون الدولي.
وأشار مجدلاني إلى أن الخطوة التالية تتمثل في الدور الذي يمكن أن تلعبه محكمة العدل الدولية، مبينا أن القرار الذي سيصدر رغم عدم إلزاميته سيشكل التزاما من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشأن التعامل مع الاحتلال، باعتباره شكلا من أشكال الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني.
كما اعتبرت حركة "حماس" في بيان، أن تصويت الأمم المتحدة على مطالبة محكمة العدل الدولية إبداء الرأي بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي "خطوة مهمة".
ورحبت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بالقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية، وخصوصا القرار الذي يطلب من محكمة العدل الدولية أن تصدر فتوى حول ماهية الاحتلال ودراسة الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك مدينة القدس.
وأشادت المنظمة، في بيان، صدر عنها ، بمواقف الدول التي ساهمت في دعم ورعاية هذا القرار، تأكيدا على التزامها بالقانون الدولي وانسجاما مع مواقفها التاريخية، القائمة على مبادئ الحق والعدل والسلام.
ورحبت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتصويت الجمعية العام للأمم المتحدة بالأغلبية على قرار طلب دولة فلسطين حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس، قبل تحويله إلى محكمة العدل الدولية.
وعبر الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية سعيد أبو علي في تصريح صحفي ، عن اعتزاز الأمانة العامة لهذا الإنجاز الهام للدبلوماسية الفلسطينية المنسقة عربيا والدول الصديقة.
وأعرب عن تقديره للدول التي دعمت وتبنت إصدار هذا القرار التاريخي، إيمانا منها بمبادئ القانون والشرعية الدولية، وبعدالة القضية الفلسطينية، والطلب الفلسطيني باللجوء إلى الآليات القضائية الدولية، والبناء عليها لتفكيك وإنهاء النظام الاستعماري والعنصري الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرّف في تقرير المصير والاستقلال.
ودعا الدول التي لم تدعم هذا القرار إلى مراجعة موقفها، طبقا لمبادئ القانون والمواثيق والعدالة الدولية، ودعما لتحقيق السلام العادل الذي ينشده العالم بأسره، والقائم على تحقيق حل الدولتين المعبر عن إرادة المجتمع الدولي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين، ودعم تمكينها من ممارسة سيادتها واستقلالها وانضمامها لأسرة المجتمع الدولي.
وشدّد على تأكيد الأمانة العامة على أهمية المسار القضائي والقانوني الذي أكتسب بعدا ودعما دوليا واسعا وقويا بهذا القرار الأممي، الذي توج إنجازات الدبلوماسية الفلسطينية، وفي اليوم التالي لتشكيل حكومة اليمين والمستوطنين الأشد تطرفا وعنصرية وعدائية لوجود وحقوق الشعب الفلسطيني، التي تعلن جهارا برنامجها واتفاقاتها ومخططاتها الاستعمارية العنصرية في الاستيطان والضم والتطهير العرقي، بالإضافة إلى الفصل العنصري، والتهويد للأرض والمقدسات.
وأكد أن هذا القرار الأممي شكل محطة ومنطلقا هاما لمواجهة المخططات والممارسات والعدوان الإسرائيلي بالمسار القضائي ومساءلة الاحتلال عن جرائمه.
وأشار إلى أن هذا القرار عبر أيضا عن إرادة المجتمع الدولي بالانتصار لمبادئ القانون وقرارات الشرعية الدولية بما في ذلك توظيف الآليات القضائية لمواجهة الاحتلال والممارسات والمخططات الإسرائيلية، رافضا جميع المحاولات والضغوط والتهديدات الإسرائيلية وحلفائها للتأثير على مواقف العديد من الدول، وابتزازها، لمصادرة قراراها، ومواقفها بإرادتها الحرة، ما يعزز من صمود الشعب الفلسطيني، ودعم نضاله العادل والمشروع لإنهاء الاحتلال، وتحقيق الحرية والاستقلال، وتجسيد دولته، وعاصمتها القدس على ترابه الوطني بأفق وإنجاز جديدين، وبدعم قوي متواصل من الدول العربية لقضية الأم المركزية قضية فلسطين وانتصارها.
وجاءت جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن اعتمدت اللجنة الرابعة فيها وهي الخاصة بالمسائل السياسية وإنهاء الاستعمار، يوم 11 نوفمبر الماضي قرار فلسطين بطلب فتوى قانونية ورأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول ماهية وجود الاحتلال الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس.
وفي حينه صوتت 98 دولة لصالح القرار، بينما امتنعت 52 دولة عن التصويت، واعترضت 17 دولة، واحتوى القرار على فقرات تعالج الآثار القانونية الناجمة عن الخرق المستمر من إسرائيل لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
في المقابل، هاجم السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة غلعاد إردان، تصويت الجمعية العامة على القرار، قائلا "ما من محكمة أو هيئة دولية يمكنها أن تقرر أن إسرائيل تحتل أرضها أو تحكم بأن تواجدها في القدس والضفة الغربية مخالف لأحكام القانون" بحسب ما أوردت الإذاعة العبرية العامة.
ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة، وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.