- المحامي علي ابوحبله
أدى زعيم اليمين الإسرائيلي ورئيس حزب "الليكود"، بنيامين نتنياهو، مساء الخميس، اليمين الدستورية ليتم تنصيبه رئيسا للحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفا على الإطلاق بالشراكة مع اليمين الفاشي المتطرف والحريديين.
ومنحت الهيئة العامة للكنيست الثقة للحكومة 37 في إسرائيل، بأغلبية 63 صوتا، فيما عارضها 54 عضو كنيست، في جلسة سرعان ما غادرها ورئيس الحكومة المنتهية ولايته، يائير لبيد، وأعضاء كنيست عن كتل المعارضة.
ويعود نتنياهو (73 عاما) بذلك إلى المنصب الذي غادره قبل نحو عام ونصف العام، شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية خلالها انقساما على شخصه كونه يحاكم بتهم فساد تشمل الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال.
وتسعى حكومة نتنياهو السادسة إلى توسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وتنفيذ سياسات أخرى تستهدف الحريات المدنية وحقوق الأقليات ويقودها تكتل من أحزاب قومية ودينية وفاشية واستيطانية.
وتضم حكومة نتنياهو شركائه من الأحزاب الحريدية ("شاس" و"يهدوت هتوراة") وتيار الصهيونية الدينية صاحب التوجهات الفاشية الذي يضم أحزاب "الصهيونية الدينية" و"عوتسما يهوديت" و"نوعام".
وتحمل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو جدول أعمال يتواءم مع الكثير من تطلعات شركاء الائتلاف الحكومي الأيديولوجية، خاصة من الأحزاب الحريدية وتحالف "الصهيونية الدينية"، التي تسعى إلى ترسيخ مبدأ "يهودية الدولة"، على حساب الفلسطينيين في كل فلسطين التاريخية.
ورغم الخلافات بين هذه الأحزاب -الأشد تطرفًا- على المناصب الوزارية وتوزيع الصلاحيات الأمنية والمدنية؛ فإنها تتفق فيما بينها على قمع الفلسطينيين، مع تعزيز الهُوية "اليهودية والقومية" لإسرائيل.
وتعزّز الأحزاب الحريدية (المتدينون) وتحالف "الصهيونية الدينية" (قوى المستوطنين أساسا)، حضورها في الساحة السياسية والحزبية الإسرائيلية، بعد ابتزاز نتنياهو وفرض "أجندتها"، من خلال صياغة قوانين وتشريعات تمسّ القضايا الداخلية في المجتمع الإسرائيلي، وتتعلّق بفلسطينيي 48 أو بمصير الفلسطينيين في الضفة الغربية، وملف الصراع معهم عامة.
برنامج ومخططات تركيبة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي تدلل إلى أن الفلسطينيين يقفون أمام مرحله مفصلية، حيث تنجح أحزاب "الصهيونية الدينية" في الاستحواذ على صلاحيات مهمة، من بينها الأمن في الضفة الغربية خاصة، وهو ما سيقود بالضرورة إلى تصعيد في المواجهة مع الفلسطيني بكل أماكن وجوده وإحالة صلاحيات المسؤولية المدنية لوزير المالية سومتيرش تنذر بمخاطر تهديد للسلطة الفلسطينية وإنهاء لاتفاق أوسلو من طرف إسرائيل
أما في ما يتعلّق بالقدس والمقدسات، برأي متابعين ومحللين أن حكومة نتنياهو اليمينيه الفاشيه وبموجب تصريحاتها المعلنة، ستسعى خلال عام 2023، إلى حسم معركة السيادة على المسجد الأقصى لصالحها، وسحب الوصاية الدينية عليه من الأردن. ومحاولة فرض التقسيم ألزماني والمكاني للمسجد الأقصى
الوزيران في حكومة نتنياهو الجديدة بتسلئيل سموتريش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار ) يحملان مخططات عدائية متأصلة تجاه الفلسطينيين (رويترز)
صلاحيات تقود إلى مواجهة دموية ، يعتقد رئيس مركز الدراسات المعاصرة في الداخل الفلسطيني صالح لطفي، أن عام 2023 سيكون مفصليًا في الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، مع تغوّل المؤسسة الدينية الصهيونية في الحكومة الجديدة وتسلّمها مفاصل ومقاليد الحكم بإسرائيل، وذلك لأول مرة منذ النكبة.
ويوضح لطفي في حديثه للجزيرة نت أن نهج وبرنامج حكومة نتنياهو المقبلة سيكون له تداعيات على فلسطينيي 48، خاصة في النقب (جنوب) الذي يخوض أهله معركة دفاعية ووجودية لمنع مصادرة 800 ألف دونم من أراضيهم، وهدم وتشريد 40 قرية لا تعترف بها إسرائيل. وهو ما ينذر بمواجهات بفعل سياسة "سهولة الضغط على الزناد" من قِبل عناصر الأمن الإسرائيلي، وهي حالة لم تُعهد من قبل في الداخل الفلسطيني.
ويرى المحلل أن إصرار إيتمار بن غفير على نقل صلاحيات 72 وحدة -التي تسمّى- "حرس الحدود الإسرائيلي" العاملة في الضفة إلى إمرته، يعكس تغوّل اليمين الديني المتطرف في السلطة.
ومع توسيع صلاحيات المتطرفين الذين تزعّموا المشهد السياسي في إسرائيل، لا يستبعد الباحث الفلسطيني مشاهد مواجهة مسلحة بين أطراف من الداخل الفلسطيني وعناصر الأمن الإسرائيلي، وذلك على غرار المقاومة والاشتباكات المسلحة بالضفة، التي ستأخذ -أيضًا- منحى تصاعديًا غير مسبوق، كما يرى.
وعلى الصعيد الفلسطيني بالضفة الغربية، يرجّح لطفي أن تدفع الحكومة الإسرائيلية الجديدة نحو تفكيك السلطة الفلسطينية، وذلك وفقًا للاتفاقيات الائتلافية التي نصّت على تولّي سموترتيش مسؤولية ما يُسمّى الإدارة المدنية (مسؤولة عن تسيير أمور الفلسطينيين بالضفة).
ويرى الباحث أن "أجندة" الحكومة المقبلة تستهدف المنطقة "ج"، التي تشكّل 62% من مساحة الضفة الغربية، وضمّها للسيادة الإسرائيلية، الأمر الذي سينهي للأبد مشروع دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967، وسيقوّض وجود السلطة الفلسطينية تمامًا.
وفي الجانب الإسرائيلي، يعتقد رئيس قسم الشؤون الفلسطينية في مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب أودي ديكل، أن الأبرز في الائتلاف الحكومي الجديد هو تقليص صلاحيات وزير الأمن، ونقل صلاحيات الإدارة المدنية ومنسق أعمال الحكومة من وزارة الأمن إلى وزير الاستيطان عن حزب تحالف "الصهيونية الدينية"، سيكون له الكثير من التداعيات على حياة الفلسطينيين وطبيعة الصراع ولربما الحسم، والأهم على توسع المشروع الاستيطاني.
إن الخطوط العريضة والتوجيهات الأساسية للاتفاق الائتلافي لعمل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، يتجاهل ذكر المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين، كما أنه لا يشير إلى الهدف الأول الذي حدده بنيامين نتنياهو لنفسه بالعمل على توقيع اتفاقية سلام مع السعودية، باعتبار أن ذلك سيضع حدًا للصراع العربي - الإسرائيلي. حسب موقع " واي نت العبري "
وبحسب الموقع العبري، فإن الخطوط العريضة للحكومة أكدت في ذات الوقت أنها ستعمل على تعزيز السلام مع جميع الجيران وتحافظ في ذات الوقت على حماية المصالح الأمنية والتاريخية والوطنية لإسرائيل - وفق ما جاء في نصها - وأنها ستعمل على تعزيز اتفاقيات سلام إضافية من أجل إنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي.
كما تنص على أن الحكومة الجديدة ستعمل على تعزيز مكانة القدس وتطويرها وتوسيع البناء فيها للحافظ على السيادة الكاملة فيها، وإحباط أي نشاطات وصفت بـ "المعادية" في إشارة لأنشطة السلطة الفلسطينية.
وتؤكد الوثيقة الائتلافية على توسيع البناء في المستوطنات بالجليل والنقب والجولان والضفة الغربية، وشرعنة البؤر الاستيطانية وتوفير البنى التحتية لها، والعمل من أجل الحفاظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي، وتمرير تعديلات على مشروع قانون "فك الارتباط/ الانسحاب من غزة وشمال الضفة" بما يسمح بإقامة مدرسة دينية في حومش، إلى جانب التزامها بالعمل ضد برنامج إيران النووي.
أما سياسة الضم، فيبدو أن نتنياهو نجح في تحييد اللغم، حيث تنص المبادئ التوجيهية والاتفاقيات الأساسية على أن "رئيس الوزراء سيعمل على صياغة وتعزيز سياسة يتم في إطارها بسط سيادة إسرائيل مع اختيار التوقيت وموازنة جميع المصالح الوطنية والدولية لإسرائيل"، وبعبارة أخرى: مع حكومة بايدن ليست هناك فرصة للضم، لكن إذا كان هناك حظ وفازت إدارة جمهورية في الانتخابات القادمة التي ستجرى في الولايات المتحدة - هناك شيء للحديث عنه وسيعود الضم إلى جدول الأعمال. كما يقول الموقع العبري.
ويضيف الموقع: لا يظهر الفلسطينيون في الخطوط العريضة السياسية للحكومة، بل في الاتفاق مع حزب بن غفير، الذي ينص على أنه "طالما استمرت السلطة الفلسطينية في اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل في لاهاي أو في المحاكم الدولية الأخرى، فإن الحكومة ستضع سياسات وتدابير ضد السلطة الفلسطينية وأفعالها، بما في ذلك أن تتصرف بكل طريقة لمنع استخدام أموال الإرهاب التي تحولها السلطة الفلسطينية والأطراف الأخرى إلى الإرهابيين وعائلاتهم". وفق نصه.
وبالنظر إلى أن الحكومة الجديدة لن تجري مفاوضات مع السلطة الفلسطينية، فإن الإجراءات المتخذة ضدها قد ينظر إليها باستياء من قبل السلطات الدولية.
إن اختيار نتنياهو إيتمار بن غفير، وهو مستوطن أدين في عام 2007 بالتحريض ضد العرب ودعم جماعة إرهابية، لمنصب الوزير المسئول عن الشرطة ووحدة "حرس الحدود"، وهي أجهزة أمن الاحتلال الفاعلة في القدس المحتلة والمسجد الأقصى ، كما اختار تسلئيل سموتريتش وزيرا للمالية ومنحه وحزبه ("الصهيونية الدينية") سلطات واسعة في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك أدوات واسعة لوضع السياسات وتنفيذها فيما نص الاتفاق الائتلافي على السعي لضم أراض في الضفة الغربية المحتلة، كما شملت الاتفاقات الائتلافية تحركات مستقبلية تستهدف المحكمة الإسرائيلية العليا والجهاز القضائي. ، وهذا يحمل في دلالته أن حكومة نتنياهو الأكثر تطرفا وفاشيه تدفع بالمنطقة للتصعيد وإشعال الحروب ، ومن المتوقع أن يضم المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، إلى جانب نتنياهو، كل من ياريف ليفين ويوآف غالانت، وإيلي كوهين، وإيتمار بن عفير، وبتسلئيل سموتريتش، وأرييه درعي، وميري ريغيف، ويسرائيل كاتس، ورون ديرمر، وآفي ديختر وجميعهم يحملون افكار عدوانيه وتطرف ضد الفلسطينيين
وينظر المجتمع الدولي إلى الحكومة الإسرائيلية الجديدة على أنها الأكثر يمينية وتطرفا مع انضمام أحزاب قومية دينية يمينية متشددة إلى حزب الليكود، علما أنها تضم خمس وزيرات فقط، وسمع من أعضائها تصريحات تؤكد أنها ستستهدف الحقوق المدنية والحقوق الوطنيه المشروعه للشعب الفلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت