إسرائيل قوة احتلال نافذة على الأرض وستقاطع محكمة العدل والقرار لصالح فلسطين

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله.jpg
  • المحامي علي ابوحبله

مضى ما يقارب ثمانية عشر عاما على صدور الراي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في لاهاي فيما يتعلق بعدم شرعية جدار الفصل العنصري الذي قامت إسرائيل ببنائه على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة. للأسف، فان هذا القرار قد تم تجاهله بالمطلق من جانب الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وأيضا من قبل المجتمع الدولي، بالرغم من الشجب الصريح و الواضح للمحكمة الدولية لوجود الجدار و مطالبتها إسرائيل بإزالته و تفكيكه نهائيا ، بالإضافة الى تأكيد المحكمة على عدم شرعية الإجراءات و التدابيرالاحتلالية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة من هدم للمنازل ومصادرة للأراضي و التضييق على السكان الفلسطينيين و الحد من تحركاتهم في الضفة الغربية و القدس الشرقية.

وفي خطوة غير مسبوقة طلبت الأمم المتحدة في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني  من عام 2003 من محكمة العدل فتوى قانونية بشأن الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967.

وجرى التصويت على مشروع القرار في اللجنة الرابعة - لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار- للدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وصوتت لصالحه 98 دولة وعارضته 17 فيما امتنعت 52 عن التصويت.

وجاء في نص القرار "تقرر الجمعية العامة، وفقا للمادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة، أن تطلب من محكمة العدل الدولية، عملا بالمادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة، أن تصدر على وجه السرعة فتوى بشأن المسألتين التاليتين:

أولا، ما هي الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، واستيطانها وضمها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها وعن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن؟

ثانيا، كيف تؤثر سياسات إسرائيل وممارساتها المشار إليها في الفقرة السابقة على الوضع القانوني للاحتلال؟ وما هي الآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة؟.

بعد  ثمانية عشر عاما من صدور قرار محكمة العدل الدولية ، يجدر بنا توضيح وضعية محكمة العدل الدولية و التي تتخذ من لاهاي مقرا لها ، وأيضا شرعية وقوة القرارات التي تصدرها.

 

و بعد تحليل الوضع الميداني على الأرض يمكننا أن نثبت بالحقائق كيف قام الاحتلال الإسرائيلي بالمضي قدما في بناء الجدار بالرغم من صدور قرار محكمة الدولية ، ووفقا لذلك  كان من المفترض في الأمانة العامة للأمم المتحدة لعرض قضية الجدار الفاصل على مجلس الأمن الدولي لإصدار القرارات المناسبة لمنح الفلسطينيين الأمن و العدل و رفع الظلم عنهم ، لكن تجاهلت الأمم المتحدة قرار محكمة لاهاي واستمرت إسرائيل في إجراءاتها التهويديه واستمرت بمشروعها الاستيطاني على الرغم من صدور قرار مجلس الأمن 2334 الذي اعتبر الاستيطان في الأراضي الفلسطينية غير شرعي بما فيها القدس

 

 بعد مرور أكثر  ثمانية عشر عاما من صدور قرار محكمة لاهاي ، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الجمعة، على مقترح قرار ستشكل بموجبه محكمة العدل الدولية في لاهاي رأيا قانونيا حول مسألة ما إذا كان الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يعتبر ضما دائما. تم تمريره بأغلبية 87 دولة صوتت لصالحه، مقابل 24 دولة عارضت ذلك، وامتنعت أو تغيبت 53 دولة عن التصويت.

ومن المتوقع أن يفتح القرار المقترح بناء على طلب الفلسطينيون عملية قانونية قد تستمر لأكثر من عام يدرس خلالها القضاة الوضع في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وينص القرار المقترح على أن الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانوني ويطالب المحكمة بالتوصية بالإجراءات التي يجب أن تتخذها الأمم المتحدة ودول العالم ضد إسرائيل بسبب ذلك.

وتخشى إسرائيل من أن تؤدي فتوى محكمة العدل الدولية إلى زيادة مبادرات المقاطعة ضدها في أرجاء العالم، بما في ذلك من خلال سحب الاستثمارات.

وأجرى الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ ورئيس الوزراء السابق يائير لابيد ورئيس الوزراء الجديد بنيامين نتنياهو مكالمات هاتفية مع العديد من القادة في الأسابيع الأخيرة في محاولة لإقناع أكبر عدد ممكن من الدول بالتصويت ضد القرار.

تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الليلة الماضية، والذي تقرر فيه أن تنظر محكمة العدل الدولية في لاهاي في "شرعية الاحتلال الإسرائيلي" للأراضي الفلسطينية، هو التحدي السياسي الأول لحكومة بنيامين نتنياهو الجديدة، والتي كانت أدت اليمين الدستورية يوم الخميس الماضي فقط.

الحكومة الجديدة، التي يتولى فيها المتشددان بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير مناصب وزارية كبيرة، سيكون عليها أن تقرر ما إذا كانت ستبلور إجراءات للرد على الفلسطينيين- المبادرين للقرار- الذين نقلوا النزاع إلى لاهاي.

ومن المتوقع أن تصدر المحكمة الدولية  خلال فترة قصيرة دعوة للدول والمنظمات لتقديم آرائها إليها، وبعد ذلك ستعقد جلسة استماع علنية.

 

ان محكمة العدل الدولية تعتبر الذراع القضائي للأمم المتحدة ، حيث تم إنشاؤها لفض النزاعات بين الأطراف المختلفة عبر إبداء رأيها الاستشاري وفقا لأحكام القانون الدولي و الإنساني و فقا للمعاهدات و المواثيق الدولية، حيث تقوم الجهات المختصة التابعة للأمم المتحدة بتحويل ملفات القضايا إلى المحكمة الدولية وفقا للأصول المتعارف عليها لتقوم المحكمة بدورها بإصدار القرارات المناسبة ، وأيضا يحق للأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بان يطلبوا رأي المحكمة الدولية في اي قضية يريدون البت فيها.

 

محكمة العدل الدولية تنتقد و تتحفظ على الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لصمتهم و عدم جديتهم في تنفيذ ما تتوصل اليه المحكمة من قرارات وذلك باستخدامهم حق النقض او ‘الفيتو’ضد أي قرار يرونه لا يتلاءم مع مصالحهم الخاصة، حيث انه و في عدة مرات و تحديدا في الجلسة العاشرة الطارئة لمجلس الأمن الدولي في العام 1997 و أيضا في جلسة عادية عقدت في تشرين الأول من العام 2003 ، وقف مجلس الأمن الدولي عاجزا عن اتخاذ القرار بخصوص الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية بسبب استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار.

 

إن للأمانة العامة للأمم المتحدة بصفتها الجسم الجامع لكل الأمم المسؤولية للتحرك إذا ما اتضح بان مجلس الأمن الدولي وقف عاجزا عن القيام بالمهام الموكلة إليه للحيلولة دون الإخلال بمصداقية الهيئة الدولية.

 

لقد ارتكزت محكمة العدل الدولية في قرارها بخصوص الجدار الفاصل الذي إقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة على القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة و مجلس الامن الدولي ، و القوانين و المواثيق الدولية و الانسانية حيث كان ابرز هذه القرارات ، القرار رقم 2625 و الذي ينص على : انه وفقا لميثاق الامم المتحدة فان لكل دولة الحق بان ترفض أي عمل قسري ضد هذه الدولة الأمر الذي من شانه أن يحرم سكانها من حقهم في تقرير مصيرهم’.

 

ان هذا القرار الصادر عن الأمم المتحدة قد أوضح عدم شرعية الجدار الفاصل الذي أقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة و الذي يعزل القرى و التجمعات الفلسطينية و يدمر الأراضي الزراعية و يقضي على اي مناخ اقتصادي و يقطع أوصال الأراضي الفلسطينية و يحولها إلى معازل وكانتونات، الأمر الذي يقضي على اي فرصة لإقامة دوله  فلسطينية مستقبلية قابلة للحياة و يحرم الفلسطينيين من حقهم المكفول لهم بتقرير مصيرهم.

 

 

 

إن قرار الأمم المتحدة الذي اتخذته في كانون الاول من العام 2003 و الذي يقضي برفع قضية الجدار الفاصل الى محكمة العدل الدولية في لاهاي جاء نتيجة الصمت المريب لمجلس الامن الدولي و عجزه عن اتخاذ اي موقف يذكر، حيث جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة مطلبا دوليا بالإجماع و ليس مطلبا فلسطينيا او عربيا فحسب.

 

ان قرار محكمة العدل الدولية و الذي صدر في 9 تموز من العام 2004 ، قد أوضح بما لا يترك مجالا للشك بان الجدار الذي أقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني و يستوجب إزالته و تفكيكه ، و بان الادعاءات التي قدمتها إسرائيل لتبرير بناء الجدار غير قانونية و غير منطقية و لا ترتكز على إي أساس قانوني

 

ايضا ووفقا لنص القرار فان المحكمة رأت بان إسرائيل (القوة المحتلة) قد قامت بخطوات و تدابير و إجراءات غير قانونية مست بالمواطنين الفلسطينيين (الخاضعين للاحتلال) و بحياتهم و أراضيهم وممتلكاتهم ، حيث كان الرد أللتفصيلي الذي اصدرته المحكمة الدولية استجابة لطلب الجمعية العمومية للامم المتحدة يتلخص في خمس نقاط اساسية كانت على النحو التالي:


 

  1.  

ان الجدار الذي قامت اسرائيل ببنائه في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذالك داخل و حول مدينة القدس يتخالف مع القانون الدولي.


 

2 تقع على إسرائيل مسؤولية انهاء حالة خرق القانون الدولي ( و المتمثلة هنا ببناء الجدار الفاصل) و ازالة هذا الجدار و تفكيكه ، بما في ذلك داخل و حول مدينة القدس المحتلة وذلك وفقا لنص الفقرة 151 من القرار.


 

  1.  

تقع على عاتق اسرائيل مسؤولية جبر الضرر الناتج عن بناء الجدار الفاصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك مدينة القدس.


 

  1.  

على كل الدول الالتزام بعدم الاعتراف بشرعية وجود الجدار الفاصل الذي أقامته إسرائيل و كافة النتائج المترتبة على إقامته وعدم تقديم أي عون او دعم من شانه تعزيز و تثبيت وجود الجدار غير القانوني، و على كل الدول الاعضاء التي وقعت على اتفاقية جنيف عام 1949 الخاصة بحماية المدنيين في أوقات الحرب و التي تحترم ميثاق الأمم المتحدة أن تحث إسرائيل على الانصياع لقرارات الأمم المتحدة و المواثيق الدولية ذات الصلة.


 

  1.  

على الامم المتحدة و تحديدا الأمانة العامة و مجلس الأمن الدولي ان تقوم بما يلزم و ما هو مطلوب لانهاء الوضع غير القانوني الذي اقامته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

وفقا لذلك فان المحكمة الدولية لم تقتنع بالرد الذي قدمته إسرائيل إلى المحكمة حول الفقرة الرابعة من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 و المتعلق بوجود الضرورة العسكرية الملحة لإقامة الجدار حيث ارتأت المحكمة انتفاء وجود هذا الادعاء ، الأمر الذي أكدت عليه المحكمة أيضا في تلخيص القرار.

 

أيضا و في نص القرار أوضحت المحكمة بعدم قانونية اقامة الجدار و اذا اقتضت الضرورة لذلك فيمكن لإسرائيل ان تقوم إسرائيل بإقامته على أراضيها و ليس في الأراضي الفلسطينية المحتلة، و ذكرت المحكمة أيضا بأنها لم تقتنع بان اقامة الجدار هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها حماية سكان إسرائيل و إن هنالك العديد من الطرق لتحقيق هذا الغرض بعيدا عن اقامة الجدار.

 

وقد حددت المحكمة الالتزامات المترتبة على إسرائيل و التي ياتي على رأسها إعادة الأراضي التي صادرتها من أصحابها الفلسطينيين لإقامة الجدار عليها و اذا لم تستطع يجب ان تقوم بتعويضهم عن كافة الأضرار المترتبة على إقامة الجدار.

 

وبناء عليه فان محكمة العدل العليا الدوليه ستنظر إصدار الفتوى القانونية التي طلبتها الأمم المتحدة بشأن الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد للأراضي الفلسطينية ويرجح أن تستأنس في قرارها للقرار الذي أصدرته بشأن عدم قانونية جدار الفصل العنصري أن اسرائيل بموجب القرار تعتبر قوة احتلال نافذه على الارض وأن كافة اجراءاتها تعد مخالفه لكافة القوانين والمواثيق الدوليه بما فيها الاستيطان غير شرعي وفق قرار مجلس الامن 2334 والذي اتخذ بالاجماع

 

 

ان حكومة الاحتلال الإسرائيلي وقد تجاهلت بشكل متعمد قرار محكمة العدل الدولية المتعلق بإقامة الجدار الفاصل و الذي نص صراحة على ضرورة تفكيك و ازالة الجدار بالكامل، ستعمد إلى تجاهل القرار الذي سيصدر عن المحكمة وستقاطع جلسات المحكمة

 

ان الهدف الأساسي للتوجه لمحكمة  لاهاي الدوليه  هو فضح الانتهاكات و المخالفات التي تقوم بها اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، و اظهار الغطرسة الاسرائيلية المتمثلة برفضها الانصياع الى قرارات الامم المتحدة و الشرعية الدولية،

 

رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم السبت، على اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالأغلبية مشروع القرار الفلسطيني حول طلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية حول ماهية الاحتلال الإسرائيلي. حيث  قال في تصريح تداولته وسائل الاعلام الإسرائيلية: "القرار الحقير الذي صدر اليوم لن يكون ملزما للحكومة الإسرائيلية، معتبرا أن الشعب اليهودي ليس محتلًا لأرضه ولا محتلاً لعاصمته الأبدية القدس.  هذا التصريح بحد ذاته يدلل على وقاحة واستهتار بقرارات الامم المتحده  الامر الذي يتطلب تحرك فاعل وملزم للاحتلال للتقيد بقرارات الشرعيه الدوليه حيث اكتسب اسرائيل مشروعية اغتصابها لفلسطين بقرارات الشرعيه الدوليه وقرار التقسيم 181 وان وصف الامم المتحده واعتبار قرارها بالحقير يتطلب محاسبة ومسائلة نتنياهو عن تصريحاته التي ترقى لمستوى جرائم الحرب

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت