وعلى الدول العربية أن تعلنه "عام فلسطين"
قال الكاتب والمحلل السياسي رامي الشاعر إن القضية الفلسطينية على رأس أولويات السياسة الخارجية الروسية هذا العام، وأن على الدول العربية أن تعلنه "عام فلسطين".
وأضاف الشاعر "أنه يتوجب علينا في المنطقة، وتحديدا في إطار جامعة الدول العربية، أن نلتقط الاهتمام الروسي في بداية العام بملف التسوية في الشرق الأوسط، خاصة أنه سيكون من الخطأ قياس أهمية هذه التسوية من خلال الوضع الراهن للجنة الرباعية الدولية، التي تحاول الإدارة الأميركية "خصخصتها"، وتحويل دفة المفاوضات إلى نفس السياسة الرديئة التي تقول إن "99% من أوراق اللعب بيد الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما أثبت فشله عدة مرات".
وقال: "يجب علينا البناء على الموقف الروسي الذي يبرز بما لا يدع مجالا للشك أهمية الرباعية الدولية وضرورة استعادتها لدورها، حيث تظل تلك الصيغة، المكونة من روسيا والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة، وعلى الرغم من كل الحساسيات والمصاعب الجيوسياسية الراهنة، تظل الصيغة الأمثل لمحاولة تفكيك وحل أزمة الصراع العربي الإسرائيلي".
وأكد أنه يجب "عدم النظر إلى أي من الأدوار الرئيسية في حل القضية الفلسطينية بوصفها أدوارا "منافسة"، وإنما بوصفها تراكم لجهود عربية ودولية كبيرة، فيما نسعى جميعا للوصول إلى هدف واحد هو الحل الشامل والعادل للقضية الفلسطينية، قضية العرب الأولى".
وقال إن "ما يجب أن نضعه نصب أعيننا في ظل الوضع الدولي الراهن الذي يتميز بتعقيده وتشابكه وتعدد أطرافه ألا نسمح بهيمنة قطب واحد على مسار المفاوضات في الشرق الأوسط، والعودة مرة أخرى إلى آلية الرباعية الدولية التي أنشئت بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي، إلا أن أنشطتها اليوم، على الرغم من المطالبات الدولية، مجمّدة بسبب عزوف الولايات المتحدة الأميركية عن مواصلة التفاعل تحت ذرائع مصطنعة، فيما تستمر واشنطن في سياساتها لتفكيك عدد من الصيغ الدولية متعددة الأطراف، ومن بينها الرباعية الدولية، سعيا للهيمنة على قضية التسوية في الشرق الأوسط، وهو أمر مرفوض شكلا وموضوعا، في الوقت الذي تفتقر فيه الولايات المتحدة إلى الحد الأدنى من النزاهة في وساطتها".
وتابع: "وفي الوقت نفسه تعرب روسيا عن استعدادها للعودة إلى العمل الجماعي في هذه الصيغة، إلى جانب عملها المستقل، اعتمادا على التعاون الوثيق مع جميع دول المنطقة".
وقال الشاعر: "اعتقد أنه سيكون من الخطأ ترك الاهتمام الدولي بقضية التسوية في الشرق الأوسط يخفت على خلفية قضايا الساعة مثل قضية أوكرانيا أو جائحة كورونا وغيرها، فالمشكلات لا تختفي من تلقاء نفسها، ويجب البدء بنشاط وجدية ودأب من جانب جامعة الدول العربية في تفعيل قرارات القمة العربية في الجزائر بخصوص القضية الفلسطينية، وإحياء صيغة الرباعية الدولية نظرا لأهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه الصيغة في التوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية، خاصة أن هناك الكثير في التشابه في الأهداف التي خرجت عن القمة العربية وما بين الغاية من تشكيل الرباعية الدولية".
وأضاف: "يمكننا نحن العرب أن نلعب دورا هاما في إحياء دور الرباعية من جديد، خاصة أنه من الواضح استناداً لتصريحات الخارجية الروسية في اليوم الرابع من بداية العام الجديد، أهمية ذلك بالنسبة لروسيا أيضا، وأولوية التسوية في الشرق الأوسط على جدول أعمال السياسة الخارجية الروسية".
ودعا الشاعر إلى الاهتمام بمثل هذه التصريحات من جانب جميع وزارات الخارجية في الدول العربية وسفرائهم في جميع دول العالم، ما يمكن أن يسهم في إحياء الملف الفلسطيني بداية هذا العام، لنقل رسالة واضحة إلى العالم بأننا في العالم العربي مصممون على أن يكون هذا العام هو "عام فلسطين"، وهو عام إنعاش جميع المبادرات والجهود الدولية، وبأن الأمم المتحدة يجب وأن تضع قضية الشعب الفلسطيني على قمة أولوياتها في كافة الأنشطة التي ستعمل عليها خلال العام الجديد.
وكان المبعوث الخاص لوزير الخارجية الروسي لشؤون التسوية الشرق أوسطية فلاديمير سافرونكوف، أكد في حوار نشره موقع وزارة الخارجية الروسية، أنه و"بغض النظر عن الوضع السياسي الدولي الراهن، ومزاج عدد من اللاعبين الدوليين، فإن روسيا ستواصل المساهمة في استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث إن لديها كافة الأصول التي تساعدها على ذلك: العلاقات البناءة مع جميع الأطراف، بما في ذلك إسرائيل وفلسطين والدول العربية الأخرى، والأهم من ذلك، الثقة في السياسة الخارجية الروسية".
وشدد سافرونكوف على "أن ملف التسوية في الشرق الأوسط أوسع من مجرد تطبيع العلاقات بين الفلسطينيين والدول العربية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وإنما يحمل تأثيرا خطيرا على حالة العلاقات الدولية ككل، وهو ما أكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارا وتكرارا، بأن الوضع في هذا الجزء من العالم يؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي الروسي".