- بقلم :أحمد أبو ضلفة
شكل الرئيس محمود عباس لجنة وطنية للتحرك على الصعيد الدولي لمواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية لحماية حقوق شعبنا ومقدراته الوطنية، ويأتي تشكيل اللجنة بعدما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة لصالح قرار يدعو محكمة العدل الدولية لإعطاء رأي استشاري بشأن "التبعات" القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والاستيطان والضم، بما في ذلك الإجراءات التي تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية، ووضع مدينة القدس، وفي ظل تشكيل حكومة اسرائيلية يمينية توصف بأنها الأكثر تطرفاً في تاريخ حكومات دولة الاحتلال نظراً لتشكيلتها وبرنامجها .
ولعل برنامج الحكومة الاسرائيلية المطروح والهادف الى حسم الصراع لا إدارته من خلال الضم والتهجير والتهويد، ومصادرة الأراضي وزيادة وتيرة الاستيطان، وتعميق الفصل العنصري، والعدوان العسكري، والمساس بالمقدسات، وخصوصًا تغيير مكانة الأقصى، واستمرار حصار وتهديد قطاع غزة بسياسة العصا والجزرة وتسريع وتيرة تهويد النقب والجليل، مستهدفاً بذلك كل الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم، وخصوصًا في الضفة الغربية، بما فيها القدس؛ حيث ستكون الضفة الأهم؛ على طريق ضمها بالكامل، مع الاستمرار في تقويض السلطة وحصرها في المهام الأمنية.
وأمام هذه التحديات الغير مسبوقة وسعى الحكومة الاسرائيلية المحموم لتحقيق مخططاتها الاستعمارية في ظل وضع فلسطيني وعربي واقليمي ودولي مضطرب وتغير اولويات المجتمع الدولي بفعل الحرب الروسية الاوكرانية وازمة الطاقة والتضخم العالمي والملف النووي الايراني، فإن الشعب الفلسطيني أحوج ما يكون لخطة وطنية شاملة لمواجهة هذه الاحتلال الإحلالى تقوم على الكف عن سياسة ردات الفعل والعمل ضمن خطة وطنية واضحة المعالم والأهداف تسعى الى اعادة الصراع الى اصله القائم على أننا شعب يسعى لحريته وتقرير مصيره وعودته واقامة دولته المستقلة ذات السيادة، من خلال تفعيل الاشتباك السياسي والقانوني في كافة المحافل الدولية مع الاحتلال الاسرائيلي واستغلال قوة الحق الفلسطيني والتقارير الأممية والدولية المساندة له ودفع المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والاخلاقية تجاه الخرق الفاضح للقانون الدولي خاصة وأن الالتزامات الدولية التي قام الاحتلال الاسرائيلي بخرقها تشتمل على التزامات " حجة على العموم" أي يتعين على اعضاء المجتمع الدولي كافة احترامها والامتثال لها والدفاع عنها.
ان وضع خطة للتحرك على الصعيد الدولي يجب ان تشمل على مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولية قراراته والخاصة بتنفيذ القرارين الأمميين 194 و181 ومطالبة الدول التي وافقت على القرار 181 تنفيذ الشق الثاني من القرار الخاص بالاعتراف بدولة فلسطين ومطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بمتابعة مدى تنفيذ القرارات الأممية، وتقديم طلب لإحياء لجنة الأبارتايد في الامم المتحدة لمتابعة تطبيق الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليه والتي لعبت دوراً فاعلاً في جنوب افريقيا، خاصة مع صدور عدة تقارير من مؤسسات دولية واممية تصف دولة الاحتلال بدولة الفصل العنصري من خلال ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني والتى وثقت مصادرة الأراضي والممتلكات الفلسطينية على نطاق واسع، وعمليات القتل غير المشروع، والتهجير القسري، والقيود الصارمة على الحركة، وحرمان الفلسطينيين من حقوق الجنسية والمواطنة، وتعتبر جميع هذه الانتهاكات هي مكونات نظام عنصري تمييزي يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، واستمرار الضغط للحصول على العضوية الكاملة في الامم المتحدة، والعمل مجدداً على إدراج الاحتلال الاسرائيلي على القائمة السوداء التي تضم منتهكي الاطفال في زمن النزاعات المسلحة، والعمل على تفعيل الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الخاص بالجدار ومطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقريره الخاص بمدي تنفيذ قرار مجلس الامن رقم 2334 الخاص بحث مجلس الامن على وضع نهاية للمستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية واعادة تفعيل قرار الاتحاد من أجل السلام وتقديم طلب لتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني.
ومن المؤكد أن النضال السياسي والدبلوماسي ان لم يكن في اطار استراتيجية وطنية مستمرة ومرتكزاً على بناء داخلى موحد وصلب لن يكتب له النجاح، ولعل نقطة البداية هي التوجه وبشكل فورى لتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على انهاء الانقسام السياسي والجغرافي، وتفعيل م.ت.ف وفي مقدمتها اللجنة التنفيذية لتأخذ دورها المنوط بها في قيادة الشعب الفلسطيني وتنفيذ قرارات المجلس المركزي الخاصة بالعلاقة التعاقدية مع الاحتلال وتفعيل المقاومة الشعبية السلمية وتوفير الامكانيات اللازمة لنجاحها لتشكل رافداً للقيادة السياسية وتجبر الاحتلال على الاعتراف بحقوقنا و تنفيذ التزاماته ولطى صفحة ( احتلال بلا كلفة).
ولعل استمرار التعامل بنفس قواعد اللعبة السابقة القائمة على التسويف والمناورة والانتظار وعدم اخذ زمام المبادرة، سيوفر للاحتلال فرصة مواتية لتنفيذ مخططاته الإجرامية فالمواجهة الوطنية الشاملة القائمة على التمسك بحقوق شعبنا والدفاع عنه اضحت خياراً حتمياً لا بديل عنه.
عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت