حماس الإنقلاب الثاني والأخير

بقلم: طلال الشريف

طلال الشريف.jpg
  • د. طلال الشريف

كنت دائما أتساءل هل أخطات حماس في البدء بانتزاع غزة من السلطة المركزية وكان الاولى أن يكون الإنقلاب في المركز اي في الصفة الغربية ثم ينتقل الانقلاب إلى قطاع غزة إذا كانت حماس فعلا تخطط للاستيلاء على السلطة ولهذا كنت أقول أخطات حماس في خطتها وكان الانقلاب الاول يجب ان يحدث في رام الله  ؟

أم أنها أي حماس لم تقصد الانقلاب وذهبت لمعركة ثار صغرى كالاشتباكات العادية التي كانت متعددة في ذلك الوقت في قطاع غزة بين حركة حماس وبعض عناصر الامن للسلطة المركزية التي تشكل فتح حجر الأساس فيها فوجدت الطريق مفتوحا للأستيلاء على كل شيء في قطاع غزة فاستولوا عليها؟

وعندما كنت أسأل لماذا أخطات حماس في انقلابها على السلطة بان بدات بغزة وكان على من يريد الاحلال او البديل أو يريد الاستيلاء على السلطة والقرار الفلسطيني يجب ان يحتل أولا المركز أي رام الله أي الضفة الغربية أولا وكان  الجواب المعهود يأتيني من السياسيين ومن الشارع أيضا بان حماس لا تستطيع ان تحكم في الضفة الغربية بسبب وجود الإحتلال وانه المسيطر ولا أحد يتوقع ما جرى دون تدخل الاحتلال  وأن قطاع غزة معزول عن الضفة، حينها كانت هذه وجهة نظر مقنعة إلى حد ما، ولكن بعد أن لم يتدخل الاحتلال كما توهم الجميع  وكذلك بعد أن أصبحت مدن الضفة الغربية مقطعة الأوصال ولا تواصل بينها دون مسافات وحواجز ضخمة تكاد تتشابه مع وضع قطاع غزة وعدم إمكانية التنقل بين تلك المدن والتجمعات السكنية هناك إلا عبر نظارة وحواجز الإحتلال تغيرت وجهة نظري بإمكانية عزل كل مدينة كما هو حادث الآن ويمكن لاي قوة حزبية منظمة أن تمتلك السلطة في اي مدينة اذا سكت الاحتلال، هذا اولا على الصعيد الجغرافي والديموجرافي.
.
 وثانيا : على الصعيد السياسي  لازالت تحالفات حماس أقوى من السابق مع رعاة الانقلاب الاول وداعميه قطر وايران وتركيا ولازالوا بعلاقاتهم بإسرائيل يستطيعون تسكيت اسرائيل عن أي نغيير لنظام الحكم في الضفة الغرببة وهم مشجعون دائمون لاستيلاء حماس على السطة في الضفة الغربية والقرار والتمثيل إن لم يكن هم المخططون والراغبون في ذلك.

ثالثا: على صعيد الخلافات الفتحاوية المتصاعدة والمزمنة وخاصة صراع خلافة الرئيس عباس الي تلوح في الأفق وتاخذ حيزا كبيرا في ترهل الحالة التنظيمية والأمنية في الضفة الغربية مضافا لها عدم التحكم من قبل السلطة في تلك المدن والتجمعات وضعف نفوذها في المخيمات  ومثال ذلك تواجد مسلحين كثر ومال سياسي فعال في مناطق مثل جنين ونابلس وها هي الخليل تدخل في حالة جنين ونابلس ما سيؤدي لتعدد مراكز نفوذ داخل مدينة الخليل بعد وقت قصير وإضعاف سلطة رام الله التي تتجمع بها القوة الفلسطينية والمدافعين عن السلطة ومصالحهم.. عندما يأتي دورها التي ستتوج الانقلاب عند سقوطها.

رابعا : على صعيد المجتمع في الضفة الغربية فهناك حالة رفض عامة وعدم التفاف حول قيادتها والرئيس وسياساته في كل المدن والمخيمات والتجمعات السكانية تشبه الحالة بالضبط عشية انقلاب حماس حين رفض الجمهور حماية فتح والدفاع عنها وكان ذلك ممكن لوقف حماس وانقلابها لو بقي الجمهور حاضنا للتنظيم والسلطة حينها لهما ودافع عنهما  بسبب سلوكيات السلطة التي ناوأها الجمهور.

خامسا: حماس وبعد ان لم تحقق المراد من انقلابها في غزة في تفردها بالمنظمة والسلطة والقرار والتمثيل وجدت نفسها معزولة رغم تحالفاتها الفصائلية العسكرية ورغم وجود اطراف فتحاوية متعددة وجدت في غزة مكانا للنشاط كمعارصين لسلطة رام الله ومعهما الجبهة الشعبية التي نشطت في غزة كفصيل أساسي في منظمة التحرير وأصبحت غزة محج لكثير من مناوئى عباس وسلطة رام الله إلا أنها السلطة في غزة  بقيت لا تمثل الفلسطينيين ولا القرار السياسي ولا العلاقات الدولية ويتحكم في ذلك كله الرئيس عباس خاصة بعد حل المجلس التشريعي ورفض عقد الانتخابات بكل الطرق القانونية والإلتفافية وتواصلت ازمة حماس في متطلبات الحكم للسكان رغم الدعم القطري  والتركي عبر مرور الاموال القطرية بعلم اسرائيل ودعم تركيا لحماس وتوفير مكان لنشاطاتها وقياداتها على الأراضي التركية وكذلك تواصل الدعم الايراني إلا ان هذا لم يحل أزمة حماس ورفعت وتيرة أعمالها ومعها حركة الجهاد  في الضفة الغربية والمؤكد ليس هي العمليات العسكرية فقط  بل بناء واسع للتنظيم لحماس والجهاد وتمكين الجمهور لمناوأة سلطة عباس ما يمكن لهم من خلخلة الأوضاع المهترئة للسلطة ومناصريها وإمكانية الاستيلاء على السلطة داخل كل مدينة في لحظة القرار بالضبط كما حدث في غزة ولكن بتعدد المدن والتجمعات وهذا ليس صعبا خاصة بعد ان جرى نموذج غزة ونجح حتى اليوم متمسكا بالسلطة والأهم عدم تدخل اسرائيل فيما بين الفلسطينيين حين الانقلاب وبضمانات قطرية بالتاكيد قد يمكن حماس من تنفيذ انقلاب حماس الثاني والأخير لإمتلاك السلطة والقرار في وجود حالة الترهل والضعف والمناواة لحكم عباس من الجمهور وإنهاء دور فتح في السلطة والحكم ومن كان لا يتوقع انقلاب غزة عليه توقع انقلاب الضفة الغربية لأن الأحوال تغيرت وتهيأت لذلك كثير من الحيثيات.

هذا ليس ارشادا أو روشيتة او رضى عما قد يحدث، بل تحليلا قد يكون احد السيناريوهات الموضوعة في الخفاء لتغيير الحالة الفلسطينية والخلاص من موضوع الخلافة والحكم ويمكن ان يكون أبعد من ذلك لإيجاد حل لكل القصة الفلسطينية المرتبكة والمترهلة  والمنقسمة على السلطة وعلى الحلول وعلى الخلافة، نتمنى ألا تحدث وألا يقع في مستنقعها  الساعين لامتلاك السلطة والقرار  والخلافة لأن ما حدث بعد الانقلاب الأول دمر ما دمر في القضية الفلسطينية وهجر ما هجر من الفلسطينيين وصعب من معاناتهم وشرخ قضيتهم فأن الانقلاب الثاني سيطيح بكل شيء الشعب والقضية والمستقبل وعندها لات ساعة مندم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت