بدأت الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عملية إصلاح واسعة النطاق في النظام القضائي في إسرائيل مما أثار جدلا محتدما.
وتتضمن الخطة تشريعا سيسمح للبرلمان الإسرائيلي (الكنيست) بإلغاء قرارات المحكمة العليا بأغلبية بسيطة، بالإضافة إلى ذلك سيتم منح أعضاء الكنيست تمثيلا أكبر في اللجنة التي تعين قضاة المحكمة العليا.
وبحسب الخطة، سيتم توسيع لجنة اختيار القضاة لتضم 11 عضوا، بدلا من تسعة، حيث تتألف اللجنة حاليا من ثلاثة قضاة من المحكمة العليا ومحاميين اثنين ووزيرين وعضوين من الكنيست.
ووفقا للقانون الإسرائيلي، فأن أي تعيين لقاضي جديد للمحكمة العليا، يتطلب موافقة سبعة أصوات على الأقل من التسعة، في حين أن التعديل الجديد ستكون ستة أصوات كافية لذلك.
إلى جانب ذلك ووفقا للتعديل الذي طرحه وزير القضاء ياريف ليفين سيرتفع عدد أعضاء الكنيست في اللجنة من اثنين إلى ثلاثة على أن يكون اثنين منهم من الائتلاف الحاكم، إلى جانب إضافة وزير جديد للجنة ليصبحوا ثلاثة بدلا من اثنين.
ويقول مؤيدو الإصلاح إن النظام القضائي الإسرائيلي ولاسيما المحكمة العليا أصبح قويا للغاية ويتدخل في كثير من الأحيان في قضايا سياسية خارج نطاق اختصاصه.
وقال نتنياهو في اجتماع الحكومة في وقت سابق من هذا الأسبوع "ما نسعى إلى القيام به سيعيد التوزان بين السلطات"، مضيفا "سنقوم بالتغييرات الضرورية في النظام القضائي بحكمة ومسؤولية وسنغير النظام ونحفظه ولا ندمره".
في حين، يقول المعارضون إن الإصلاحات ستؤدي إلى تحييد المحكمة العليا وتقويض الديمقراطية الإسرائيلية.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين ضد خطة الإصلاحات الحكومية.
ويعترف العديد من المعارضين للخطة بوجود حاجة إلى إجراء تغييرات، لكنهم لا يوافقون على الإصلاحات الشاملة، لأنها "ستؤدي إلى تغيير النظام".
وقال أمير فوكس الباحث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في حديث مع وكالة أنباء "شينخوا"، "إن المضمون الأساسي للإصلاح هو إعطاء الائتلاف الحاكم سلطة مطلقة للأغلبية دون الأخذ بعين الاعتبار حقوق الأقليات وحقوق الإنسان وسيادة القانون".
ووفقا لفوكس فإن المعارضين يعتقدون أن الدافع وراء الخطة هو "رغبة نتنياهو في تخليص نفسه من مشاكله القانونية".
ومن بين الإصلاحات تعيين نائب عام من قبل الحكومة، وأشار فوكس " لن أستغرب إذا ألغى النائب محاكمة نتنياهو".
ويحاكم نتنياهو في تهم بالفساد تتعلق بثلاث قضايا منفصلة تتضمن الاحتيال وخيانة الأمانة والرشوة، وهو ما نفاه نتنياهو.
ومن جانبه، قال يانيف روزناي المدير المشارك في مركز روبنشتاين للتحديات الدستورية فى جامعة رايخمان الإسرائيلية " في الماضي، كان نتنياهو ضد مثل هذه الإصلاحات معتبرا إياها بأنها مدمرة".
وأضاف روزناي في حديث مع وكالة أنباء "شينخوا"، "يتم جر نتنياهو من قبل العناصر المتشددة في ائتلافه بسبب وضعه القانوني، مما لا يترك أمامه الكثير من الخيارات".
وقال "السلطة التنفيذية والحكومة ستتمتعان بسلطات غير محدودة تقريبا للعمل مع إضعاف الضوابط والتوازنات، بما فى ذلك المحاكم والمستشارين القانونيين".
وأجرى الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ خلال الأيام الأخيرة وساطات بين الجانبين من أجل إيجاد حل وسط.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع التقى هرتسوغ بشكل منفصل مع وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين ورئيسة المحكمة العليا إستر حايوت للاستماع إلى مواقفهما.
وحذر الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ من أن إسرائيل تواجه "أزمة دستورية تاريخية" بسبب الخلافات المتصاعدة حول التعديلات القضائية.
وقال في بيان "أسس الديمقراطية الإسرائيلية بما في ذلك النظام القانوني مقدسة ويجب علينا حمايتها بكل يقظة"، مشيرا إلى أنه يركز حاليا على مهمتين حاسمتين "منع حدوث أزمة دستورية تاريخية ووقف المزيد من الانقسام في الأمة".
وأضاف "نحن في خضم نزاع عميق يمزق الأمة، وهذا الخلاف يثير قلقي بشدة ويقلق الجمهور في أنحاء إسرائيل والشتات".
ومن جانبها، ترى رئيسة المحكمة العليا الإسرائيلية القاضية حايوت أن التعديل القضائي الجديد سيؤدي إلى "سحق النظام القضائي".
وقالت خلال مؤتمر لجمعية القانون الجماهيري في إسرائيل الأسبوع الماضي إن التعديل الجديد "لا يهدف إلى تحسين النظام القضائي، بل إلى سحقه".
وأضافت حايوت أن مشروع التعديل يهدف إلى "توجيه ضربة قوية لاستقلال جهاز القضاء"، مشيرة إلى أن تغيير تشكيلة لجنة اختيار القضاة يهدف إلى "تسييس الجهاز القضائي".
وتتمتع حكومة نتنياهو بأغلبية قوية في الكنيست تسمح لها بالتشريع بحرية، ويبدو أن جميع أعضاء التحالف متفقون على جميع التغييرات المقترحة.
وقال روزناي "الاقتراح متطرف للغاية والمعارضة شرسة للغاية، لا يوجد خيار سوى التوصل إلى حل وسط، لكن الحكومة لا تبدو أنها ستسير في هذا الاتجاه".