الاحتلال يشترط الاستقرار الأمني لإدخال المعدات الصحية الى غزة

بقلم: محمود خضر

محمود خضر.
  • محمود خضر
  • ماجستير علوم سياسية

يعيش قطاع غزة أوضاع صحية سيئة منذ الحصار الإسرائيلي والإغلاق عام 2007، حيث منع الاحتلال وصول المواطنين إلى الخدمات الصحية، وتحكم في الموارد المائية والحدود، وقام بتدمير البنية التحتية، مما أثر سلباً على صحة المواطنين، نتيجة نقص مستمر في المواد الغذائية والطاقة، وانتشار أمراض تغذية مزمنة.

يمعن الاحتلال الإسرائيلي في منع الأجهزة الطبية التي تدخل قطاع غزة على الرغم من أن هناك نقص حاد في عدد الأجهزة، كما أن الأجهزة الموجودة في القطاع متهالكة بسبب مرور الزمن عليها، مما ينعكس سلبياً على الوضع الصحي في القطاع، ويعرض مرضى الأورام والقلب والجلطات والكسور المعقدة والعنايات المركزة لمخاطر صحية بسبب حرمانهم من الأجهزة التي تحدد المشكلات الصحية والتدخلات الطبية المطلوبة، مما يزيد من معاناة المرضى الذين يمنعهم الاحتلال أبسط حقوقهم العلاجية التي كفلها القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة.

تعاني وزارة الصحة الفلسطينية بغزة من منع ادخال الأجهزة الطبية، حيث يعرقل الاحتلال إدخال أجهزة التصوير المقطعي وهي أجهزة طبية خاصة بخدمة الأشعة (أجهزة اشعة سينية رقمية من نوع digital basic X- ray، أجهزة أشعة سينية متحركة من نوع C- arm، وجهاز أشعة متحرك من نوع Mobile X-ray، وجهاز القسطرة التداخلية) للمستشفيات الحكومية، وأجهزة أشعة البانوراما وغيرها الموردة للقطاع الخاص والأهلي، وصل عدد المرضى المتضررين يومياً من نقص أجهزة التصوير الطبي حوالي 350 مريضا في مختلف مستشفيات القطاع، وأدى نقص الخدمات التي توفرها الأجهزة الممنوعة إلى تأخير تشخيص المئات من المرضى مما زاد من الخطورة على حياتهم.

بالإضافة الى كل هذا يعاني قطاع غزة من عجز كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، حيث وصل رصيد الأدوية التي نفدت كلياً من مخازن الوزارة بغزة نحو 150 صنفاً، تمثل 32% من احتياجات المرضى اليومية، بالإضافة لنفاد 38% من اللوازم الطبية الخاصة لمرضى الفشل الكلوي والسرطان، بسبب عدم سماح الاحتلال بدخول المواد الأولية لصناعة الأدوية، ومنع وصول بعض الأدوية وحجبها عن المرضى، يمنع الاحتلال دخول المواد الخام الخاصة بصناعة الأدوية، بزعم أسباب أمنية متكررة، مما يكبد الشركة والمصنع خسائر فادحة سنوياً، كما أن الأدوية التخصصية هي حكر على شركات عالمية تتبع لكبرى الدول، والتي لا تمنح الحق لمصانع أخرى محلية أو إقليمية فرصة تصنيعها.

خلال الأسبوع الماضي تظاهرت الأطقم الطبية قرب السياج الحدودي مع إسرائيل احتجاجاً على منع دولة الاحتلال إدخال معدات طبية لا غنى عنها إلى قطاع غزة المحاصر، ووصلوا إلى الحدود الشرقية لمدينة غزة في قافلة من نحو 25 سيارة إسعاف رفعت عليها لافتات تطالب بالسماح بإدخال المعدات الطبية والمستلزمات الخاصة بالقطاع الذي يكاد يقدم خدمة في حدود إمكانيات بسيطة.

ووسط الضغط الاعلامي الذي احرجت به وزارة الصحة في قطاع غزة سلطات الاحتلال أتت المعلومات مبشرة من اعلام الاحتلال حيث ثم الإشارة الى أن إسرائيل تدرس السماح بإدخال معدات طبية مستعجلة وقطع غيار الأجهزة المتعطلة الى القطاع في خطوة  يحاول الاحتلال من خلالها الاستثمار في الهدنة المستمرة منذ المواجهة الأخيرة مع الجهاد الإسلامي العام الماضي.

كغيره من الملفات الأخرى تقوم سلطة الاحتلال بمقايضة الفلسطينيين بجملة من التسهيلات مقابل استمرار الهدنة أو بالأحرى ك " مكافئة " ولكن الضرر يستمر على المنظومة الصحية المهترئة والتي يعاني فيها الكادر الطبي بشكل مباشر، حيث يؤثر نقص المعدات بشكل مباشر في الخدمات المقدمة ويجبر الغزيين على التقديم لتصاريح صحية للعلاج داخل دولة الاحتلال. ومن هنا نفهم أن الملف الصحي في غزة له علاقة مباشرة بالملف الأمني الإسرائيلي.

من بين علل قطاع الصحة في غزة تأتي الممارسات الإدارية أيضا لبعض المسؤولين على الوضع النفسي للكادر الطبي حيث ترك 42 طبيبا عملهم من أصل 350 طبيب في قطاع يبلغ تعداد سكانه 2 مليون نسمة ويعود السبب لتسييس المنظومة الصحية في غزة واستناد الترقيات والتعيينات الى خلفيات حزبية بدلاً من الخبرة أو الكفاءة.

وعلى الرغم من أن الدور الأكبر لفك قيود الاحتلال يجب أن يأتي أروقة من الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومؤسسات حقوق الإنسان الا أن هذا لا يعني تجاهل المسؤولية التي تقع على عاتق المسؤولين للعمل على اصلاح المستشفيات وضمان توفير خدمات صحية شاملة للمواطنين، واستحداث خدمات طبية جديدة، والعمل على تطوير البنة التحتية لخدمات المستشفيات، وتوفير الأدوية والعلاجات والأجهزة المعدات الطبية الحديثة، والعمل على توفير الموارد المالية والبشرية للقطاع الصحي في فلسطين. لذلك ينبغي الاستثمار في الهدنة لمعالجة المشاكل التي يتخبط فيها قطاع تزداد الانتقادات عليه من دون ان يراعي البعض أن تدهور خدماته يعود لأسباب عدة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت