أصدرت مؤسسة معين بسيسو بيانا صحفيا في الذكرى 39 لرحيله حمل عنوان : "معين بسيسو ما زال نجماً ساطعاً في مسيرة الكفاح الوطني لشعبنا".
وجاء في نص البيان :
في الثالث والعشرين من كانون ثاني عام ١٩٨٤ رحل الشاعر المناضل معين بسيسو الذي ملأ الدنيا صخباً ثورياً بقصائده الحماسية الهادفة، رحل في لندن إثر نوبة قلبية حادة فاجأته خلال زيارة عمل للمملكة المتحدة، هناك بعيداً بعيد توقف ذلك القلب الكبير عن الخفقان، توقف صوت الشاعر الأممي الذي ملأ الدنيا بكتاباته في الشعر، والمسرح، والأدب والسياسة دفاعاً عن الشعب والثورة والأحرار في كل العالم، غاب معين بسيسو وبقيت كلماته وأشعاره حاضرة تشكل نبراساً هادياً لكل الذين ما زالوا قابضين على الجمر يصرون على حمل الراية والانحياز للعمال والكادحين والفقراء وكل المناضلين من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
اليوم في الذكرى التاسعة والثلاثون لرحيله المؤلم يتذكره محبيه رفاقه وأصدقاؤه الشعراء والأدباء كما كل الوطنين والأحرار في العالم أجمع، يتذكره ويسير على خطاه من مثلت وما زالت لهم كلماته المفعمة بروح التحدي وحب الوطن والانحياز للفقراء والعمال طريقاً ومنهجاً ما زالوا يواصلون السير عليه على مدار سني حياتهم.
اليوم يفتقده شعبنا الفلسطيني الذي عرف معين بسيسو القائد الشجاع والملهم الذي لا يهاب أحد في الدفاع عن حقوق شعبنا بمواجهة كافة المؤامرات، يتذكره اللاجئون الفلسطينيون كما كل شعبنا وهو يقود المظاهرة الكبرى لإسقاط مشروع التوطين في منتصف الخمسينات من القرن الماضي وهو يهتف مرفوعاً على الاكتاف " لا توطين ولا إسكان يا عملاء الأمريكان"، وقد سقط مشروع التوطين وبقيت راية حق العودة مرفوعة،
كما يتذكره الفدائيون الفلسطينيون واللبنانيون خلال أيام الحصار ال ٨٨ لعاصمة المقاومة بيروت حين وقف معهم على المتراس بكلماته المطرزة بالرصاص على صفحات جريدة المعركة التي أصدرها مع زملائه الكتاب ورفاقه وألهبت بكلماتها حماسة الفدائيين على خطوط النار في أخطر اللحظات فكان صوته أقوى من أصوات المدافع، يتذكره شاطئ الرملة البيضاء وصخرة الروشة وهو يطل عليهما من شرفة مكتبه في مجلة اللوتس التي تولى رئاسة تحريرها لسنوات، وتتذكره رمال شاطئ غزة وهو فتياً تتطاير خصلات شعره على جبينه كثائر من ثوار القرن العشرين.
في ذكرى رحيله يتذكره الأحرار والتقدميون الذين ناضل إلى جانبهم في سوريا والعراق ومصر وغرس نبتاً أينع في مجالات الشعر والأدب والمسرح والسياسة، كما يتذكره التقدميون والأحرار من الكتاب والشعراء والأدباء في العالم أجمع وهو الذي أمضى إلى جانبهم سنوات طوال في الزنازين دفاعاً عن حقوق شعبنا كما عن حقوق العمال والكادحين، يتذكره الجميع دون استثناء، لكننا نحن أبناء الشعب الفلسطيني أكثر من يفتقده في ذكرى الرحيل ونحن نعيش في ظلام مدلهم نبحث بين أحرف كلماته الوضاءة عن بريق أمل يسعفنا في غياهب الظلم والظلام المتربع على صدورنا، نبحث ونبحث فلا نجد سوى وقع كلماته المؤثرة التي طرزها بكل جوارحه تعبيراً عن حبه لشعبه ولفلسطين وانحيازه لحقوق المرأة وللعمال والفقراء وعموم الكادحين، ولغزة الجريحة المسكونة هذه الأيام بألم الانقسام وهي تئن تحت وطأته وكأنها كما رأها معين في قصيدته “المدينة المحاصرة”، مردداً بصوته الراعد:
هذي الحسناء غزة في مأتمها تـدور
ما بين جوعى في الخيام وبين عطشى في القبور
ومـعذب يقتات مـن دمـه ويعتصر الجذور
صـور من الإذلال فأغضب أيها الشعب الأسير
سـياطهم كتب مصائرنا على تلك الظهور
بهذه الكلمات المفعمة بالحماسة والأمل، وصف قبل أكثر من خمسين عاماً الشاعر الراحل معين بسيسو غزة التي نراها اليوم تتلوى تحت وقع أزماتها، تسبح في بحر آلامها وحلكة ظلامها الذي طال، لكنها لم تفقد يوماً الأمل بعزيمة أبنائها وهي حتماً سترى النور الذي بشر به ابنها البار أبو توفيق وستأتي تلك اللحظة التي ينهض فيها الشعب ويقول كما قال معين
( أنت إن نطقت مت وأنت إن سكت مت فقلها ومت)
غزة المثخنة بالجراح والحصار ستنهض حتما ستنهض وتنفض الغبار عن وجهها الجميل ستشذب شعرها الممتد على طول شاطئها الجميل ورمالها الذهبية، ستكحل عيناها وتبتسم تعانق حريتها التي سلبت وتعيد رسم مستقبلها المشرق كجزء من الوطن النازف من شدة العدوان والفاشية في دولة الاحتلال البغيض.
غزة اليوم تتذكر معين وهي تتململ على وسادتها الملطخة بالوجع تردد بصوت كتوم ما قاله ابنها البار في قصيدته "التحدي"
(لن تطفئوا مهما نفختم في الدّجى هذي المشاعل، الشعب أوقدها وسار بها قوافل في قوافل).
غزة التي تحتضن البحر ولا تخشاه، حيث ولد معين في أزقتها وحواريها الضيقة وعلى مقاعد مدارسها تلقى علومه وعلم طلابه على السير في دروب الكفاح وخاض مع الشعب المقاوم أروع صفحات الكفاح في مواجهة مشروع التوطين واسقاطه في خمسينات القرن الماضي، وشق ازرار قميصه وهو يتقدم المظاهرات الشعبية التي قادها لإسقاط مشروع توطين اللاجئين في صحراء سيناء حيث علا صوت معين هادراً وخلفه الجماهير (لا توطين ولا إسكان يا عملاء الأمريكان) حيث سقط رفيق دربه الذي افتداه حسني بلال شهيداً مخضباً بدمائه ثرى الوطن،
ستنهض غزة وهي ما زلت تذكره وتحفظ روح التحدي الذي زرعها معين وهي قطعاً لن تخيب ظنه.
نحن اليوم في مؤسسة معين بسيسو التي أصدر الرئيس أبو مازن مرسوماً بتشكيلها مؤخراً تقديراً لمعين بسيسو وما قدمه في مسيرة الكفاح الوطني، نسير بخطى ثابتة على طريق تحقيق تعزيز إنصافه بما يليق به وتضحياته، وصولاً لذلك اليوم الذي تشهد فيه غزة مسقط رأسه بناء صرحاً ثقافياً كبيراً ولائقاً تقديراً وتكريماً لمعين كما تم لزملائه الذين أحبهم
مؤسسة معين بسيسو