حراك عربي لأجل وحدة موقف تجاه برنامج حكومة نتنياهو السياسي

بقلم: هاني العقاد

هاني العقاد.jpg
  • د. هاني العقاد

لم يعد البرنامج السياسي لحكومة  نتنياهو الدينية الفاشية المتطرفة سراً, بعد ان كشفه امام أكثر من وكالة انباء وركز على طبيعة العلاقة مع الفلسطينيين التي بدأت بحزمة عقوبات خطيرة قد تمس بقدرة السلطة الفلسطينية علي الاستمرار نحو  الدولة على اثر تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح مشروع فلسطيني بإحالة ملف الاحتلال والاستيطان لمحكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري في ماهية الاحتلال والاستيطان ,وصرح بانه يجب الا يحلم الفلسطينيين بأكثر من حكم ذاتي تحت الوصاية الأمنية الإسرائيلية , الأخطر انه يتبني مسار تصفية القضية الفلسطينية بالطريقة التي تري فيها دولته ما يحقق مشروعها الاستعماري الكبير في فلسطين. رؤية نتنياهو للسلام مبنية على أساس استراتيجية "السلام المعكوس" التي تبناها ضمن اتفاقات "السلام الابراهيمي"  وسعيه  لتوقيع المزيد من الاتفاقيات مع باقي الدول العربية ما يساهم في إدماج الفلسطينيين في هذه الاتفاقات وبالتالي حل الصراع مع الفلسطينيين حسب المشروع الاستعماري الصهيوني.

حراك عربي مهم تقوده القاهرة بدأ بقمة مصرية اردنية فلسطينية وقمة لاحقة سداسية تجمع ستة زعماء عرب لأجل وحدة موقف تجاه برنامج نتنياهو السياسي وتسريبات سياسية خطيرة من قبل وزراء هذه الحكومة التي تشن حرب مفتوحة على السلطة الفلسطينية ,الكيان السياسي الذي يمثل الجسر الشرعي نحو الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. يأتي هذا في وقت لا تعترف فيه حكومة الاحتلال الجديدة بالاتفاقيات التي وقعت مع (م ت ف ) وتعتبرها حبرا على ورق وما هي الا غطاء لتنفيذ المشروع الصهيوني الاستيطاني على الارض الفلسطينية  والتي تطلق عليها هذه الحكومة  اسم "ارض الرب" وتعتبر كل تلك  الاتفاقيات ما هي الا مصدر مهم لتنفيذ خطوت التطبيع مع باقي دول العالم العربي والإسلامي ,وتعتبر ان( م ت ف ) منظمة إرهابية وعلمها قطعة قماش لعصابة إرهابية يمنع رفعه في اي مكان. لعل القمة الثلاثية بالقاهرة كانت محطة مركزية لهذا الحراك انتهت ببيان مهم  اكد فيه القادة الثلاثة على ضرورة الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة واستمرار الجهود العربية المشتركة لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم على أساس حل الدولتين وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية, وشدد القادة على ضرورة توفير المجتمع الدولي الحماية للشعب الفلسطيني وإيجاد افق سياسي حقيقي يعيد اطلاق المفاوضات الجدية على أسس ومرجعيات دولية معترف بها مع وقف دولة الاحتلال كافة الإجراءات احادية الجانب الهادفة لتقويض حل الدولتين.

هذا ما استدعي توسيع التشاور العربي والدعوة الي قمة سداسية عاجلة في الامارات العربية المتحدة وحمل كل من (الرئيس عبد الفتاح السيسي )و(الملك الأردني عبدالله الثاني ) رؤية مشتركة لموقف عربي موحد لمواجهة البرنامج السياسي المتطرف لحكومة نتنياهو وتبني استراتيجية  "السلام المعكوس"  وضمان فاعلية هذا الموقف لا يتحقق الا بالتنسيق مع الامارات العربية المتحدة من وقعت "اتفاق ابرهام" مع دولة الاحتلال والحصول على ضمانات عربية بان تجمد الامارات توسيع هذا الاتفاق طالما ان هذه الحكومة لا تعترف بالسلام مع الفلسطينيين كأساس للسلام والاستقرار ,وطالما تنفذ هذه الحكومة مخطط ضم مناطق (ج) وغور الأردن في الضفة  ,وتفرض عقوبات خطيرة على السلطة الفلسطينية قد تؤدي الي تفكيك هذه السلطة ,وهذا بات مخطط يخشي منه الفلسطينيين ما استدعي التحرك المكثف من اجل وحدة موقف عربي لمواجهة مخططات هذه الحكومة الفاشية التي قد تفجر المنطقة وتجعل الامن والاستقرار مستحيل في الشرق الأوسط وبالتالي فان التطور والازدهار مستحيل بالمقابل . مصر والأردن وفلسطين خلقتا حراك عربي مهم لمواجهة كافة المخططات العنصرية لحكومة (نتنياهو بن غفير سموترتيش),  الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي سعيا لتوجه مشترك مع   القادة الخليجين ما تطلب قمة سداسية هامة بدولة الامارات العربية المتحدة بمشاركة كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس دولة الامارات الشيخ محمد بن زايد ,وامير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني ,وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ,وسلطان عمان هيثم بن سعيد.

ما نقله الاعلام العربي عن القمة السداسية هو خبر تقليدي بتفاصيل روتينية لتمتين العلاقات الثنائية وبحث افاق التعاون المشترك بين هذه البلدان في إطار الازدهار والنمو الاقتصادي ومواجهة تحديات المرحلة الراهنة. ما يمكن الوصول اليه عبر التحليل الذي بني على أساس بيان القاهرة الثلاثي والعلاقة التقاطعية بين القمتين وحضور كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله الثاني ,فأننا ندرك ان هذه القمة يكمن ورائها محاولة لموقف عربي موحد في وجه حكومة إسرائيلية تسعي لتغير الواقع التاريخي في المسجد الأقصى وتكشف مخططات ( بن غفير) بتنفيذ اقتحامات سياسية تهدف لتعزيز تقسيم الأقصى مكانيا ,بل ابعد من ذلك اذا ما خلا المشهد العربي من موقف عربي شديد اللهجة يبتعد عن الشجب والاستنكار وإبقاء مسارات التطبيع على حالها , فان قادة اليمين المتطرف في هذه الحكومة لن يرتدعوا وسينفذون مخطط فرض السيادة الدينية اليهودية على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس ,وسوف يقيموا مشروع كيانهم العبري القومي على كامل الأرض الفلسطينية ولن يكون للفلسطينيين أي كينونة سياسية او حتي هوية فلسطينية يحققون على أساسها استقلالهم وتقرير مصيرهم الساسي  . يعرف العرب ان إسرائيل اليوم تريد منهم تمهيد الطريق لاندماجها في العالم العربي والإسلامي بخطط سياسية واقتصادية وتبادل معلومات وتكنولوجيا وبيع اسلحة وغيره دون ان تنهي الصراع مع الفلسطينيين بحجج واهية ان الفلسطينيين يرفضوا السلام...!!. اعتقد ان تخفيض الامارات العربية المتحدة مسارات التطبيع احد اهم التوجهات العربية المطلوبة في المرحلة القادمة لإيصال رسائل واضحة لنتنياهو بان "السلام المعكوس" مستحيل وان مزيدا من اتفاقات السلام مع دول عربية اخري متوقفة على اعتراف دولة الاحتلال بالحقوق الفلسطينية وحل الصراع على أساس مبدأ حل الدولتين ووقف دولة الاحتلال إجراءات تقويضه ,كما وتعترف بالمرجعيات الدولية وأهمها مبادرة السلام العربية دون تغير. 

  [email protected]

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت