حاول منظمو المظاهرات الشعبية ضد حكومة بنيامين نتنياهو احتجاجاً على الانقلاب الذي أقرته ضد جهاز القضاء، التخفيف من انخفاض عدد المتظاهرين إلى النصف، وأكدوا أن هذا الانخفاض مؤقت، وجاء بسبب العمليات الفلسطينية في القدس.
وأشاروا إلى تواصل عملية الاحتجاج على مختلف المستويات، وكذلك إلى هزة أحدثها 100 مؤرخ إسرائيلي بإطلاقهم رسالة تحذر من حكم نتنياهو، وتعتبره "خطراً استراتيجياً على إسرائيل".
وقال المؤرخون المتخصصون في "تاريخ شعب إسرائيل"، ويعملون في الجامعات الإسرائيلية والأميركية، إن حكومة نتنياهو "بوضعها خطة لإضعاف جهاز القضاء، إنما تشكل خطراً على وجود دولة إسرائيل والأمة الإسرائيلية"، وقالوا في الرسالة: "منذ تشكيل دولة إسرائيل، جاء إليها المهاجرون لثلاثة أسباب أساسية: لأنهم فروا من ملاحقات، ولأنهم سعوا إلى تحسين وضعهم الاقتصادي، ولأنهم بحثوا عن مكان يمنح حياتهم مضموناً وجودياً وشعوراً بالانتماء. وتخضع جميع هذه الأهداف للتهديد حالياً. والوزراء الذي يتهمون الجمهور بهجوم ضد حكمهم، ويهددون مواطني الدولة الذين يخرجون للتظاهر، يشكلون خطراً على طبيعة الحرية من الملاحقات".
وأشاروا إلى أنه "عندما يهدد الحكم مواطنيه بسحب حقوق في المساواة، وبمحاكمة نزيهة، فإن النتيجة التي لا يمكن منعها بإصلاحات قضائية، هي تغييب التكتل الاجتماعي وشعور الانتماء، ليحل مكانهما شعور بالاغتراب والعداء. والإصلاحات المقترحة تهدد الاقتصاد الإسرائيلي أيضاً".
وتطرقت عريضة المؤرخين إلى الاتفاقيات الائتلافية، وتقسيم مسؤوليات وزارة الجيش بين ثلاثة وزراء (غالانت وسموتريتش وبن غفير)، وقالوا إن "من شأن ذلك أن يعيد إسرائيل إلى فترة الميليشيات الصهيونية المتناحرة قبل عام 1948". وأضافوا أن "تعيين وزيرين في وزارة التربية والتعليم يعيد إسرائيل إلى أيام طريقة التيارات في التعليم التي سبقت سَنّ قانون التعليم الحكومي، الذي هدفه تأسيس أمة واحدة لها ارتباط بالدولة".
وتابعت عريضة المؤرخين أن "الكراهية، والتحريض على العنف، والاستهزاء، والاستعلاء الذي تظهره الحكومة تجاه مواطنيها من جهة، وانعدام ثقة المواطنين العميق بحكومة نتنياهو السادسة من الجهة الأخرى... كل ذلك يفتت ما تبقى من التضامن الإسرائيلي. ويبدو أن اليمين الإسرائيلي الذي يتباهى بانتصاره في الانتخابات الأخيرة وتشكيل الحكومة يسعى إلى القضاء على القاسم المشترك الواهن الذي يتعلق به وجود المجتمع الإسرائيلي".
وخلصت العريضة إلى القول: "نحن، كمؤرخين يبحثون في تاريخ الشعب اليهودي، نتابع تواصل وجوده، ومميزات الدولة، وصورة المجتمع في إسرائيل في السياقات الواسعة؛ صورة الوضع مثيرة جداً للقلق. ومنذ بداية وجودها لم تحدث في دولة إسرائيل أزمة عميقة بهذا الشكل ينطوي بداخلها خطر داهم على وجود الدولة".
يُذكر أن نحو 60 ألف شخص شاركوا في المظاهرات الأسبوعية، مساء أول من أمس (السبت)، في تل أبيب والقدس وحيفا ضد حكومة نتنياهو، وخطتها ضد القضاء، بينما بلغ العدد في الأسبوع الماضي 130 ألفاً، وكان المنظمون يتوقعون هذا الأسبوع مشاركة ربع مليون متظاهر.
واعترف المنظمون بأن نقاشاً دار بينهم حول إمكانية إلغاء المظاهرات، بسبب العمليات التي قام بها مسلحون فلسطينيون، يومي الجمعة والسبت. ولكنهم قرروا الاستمرار فيها، لأنهم وضعوا القضية المبدئية أساساً. وأكدوا أن المظاهرات ستعود وتكبر. وأوضحوا أن هناك نشاطات على مدى أيام الأسبوع تؤكد أن الجمهور لن يقع في حبائل الحكومة، وسيصر على مواصلة حملة الاحتجاج.