- معتز خليل
أعلنت تشاد رسميا عن افتتاح سفارة لها في إسرائيل ، في خطوة أثارت انتباه الكثير من الأوساط السياسية خاصة مع الظروف السياسية والاستراتيجية التي تمر بها المنطقة.
ما الذي يجري؟
بعد أسابيع قليلة من تولية مسؤولية منصبه الجديد أعلن بنيامين نتيناهو رئيس الوزراء الإسرائيلي عن رغبته في تطوير العلاقات الإسرائيلية مع الدول الإسلامية وضمها لمحور السلام الذي نجحت تل أبيب في إبرامه بعض من الدول ، ومنها الإمارات والبحرين والمغرب في إطار ما عرف باسم السلام الإبراهيمي ، في الوقت الذي تتداول فيه أنباء عن تواصل الاتصالات مع السودان وبعض من الدول العربية بكثافة لإبرام اتفاقيان سلام معها.
اللافت إن الزيارة تتزامن مع وصول وزير الخارجية الإسرائيلي إلى الخرطوم على رأس وفد دبلوماسي وأمني.
والواضح أن هذه العلاقات السياسية بين إسرائيل وتشاد والسودان تمثل أهمية كبيرة لكلا الطرفين ، وهي الأهمية التي تنحصر في بعض من النقاط أبرزها:
1- اصدر أحد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الرفيعة تقرير بشأن توجس تل أبيب من تعاون عناصر من حركة حماس مع عناصر لبنانية نشطه في إفريقيا ، وهو التعاون الذي تدعمه منظمة حزب الله وإيران ، وترى المنظومة المشرفة على هذه العلاقات إن عناصر حركة حماس بما تملكه من علاقات مباشرة وغير مباشرة مع أطراف عربية وإسلامية في تشاد وإفريقيا عموما سيمثل تهديدا لمصالح إسرائيل هناك .
2- قاد جهاز الموساد اتصالات غير معلنه مع حكومة تشاد ، وزودها بوثائق خاصة تشير إلى قيام بعض من الأطراف اللبنانية والإيرانية وأيضا بعض من الفلسطينيين بمساعدة قوات المعارضة التشاديه ، سواء بالمال أو بالدعم التقني والمالي ، وهو ما جعل حكومة نجامينا تقتنع بأهمية التعاون مع إسرائيل وبناء علاقات طيبة معها .
3- تحليل مضمون بعض من التقارير الإسرائيلية يشير إلى اعتزار جهاز موساد بالجهود التي يبذلها والتي تنعكس بصورة إيجابية على العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل مع بعض الدول ، ولعل هذا ما يفسر استقبال دودي برنيع رئيس جهاز موساد للرئيس التشادي في مطار بن غوريون ، فضلا عن مشاركته أيضا في الاجتماع الذي عقده الرئيس التشادي مع نتنياهو ورئيس جهاز الأمن القومي الإسرائيلي تساخي هنغبي.
4- تدشين العلاقات التشادية مع إسرائيل يتزامن مع بعض من التطورات المهمة ، ومنها :
أ- زياره وزير الخارجية الإيراني لموريتانيا ، وهي الزيارة التي تأتي مع حالة الفراغ الذي تعيشه بعض من الدول الإفريقية عقب انسحاب فرنسا من مواقع مهمه بالقارة السمراء.
ب- تشهد منطقة الساحل والصحراء تنافسا شديدا بين الدول الإقليمية بعد الانسحاب الكلي لفرنسا من بعض الدول، حيث دخلت كل من روسيا وتركيا وإيران والصين وأمريكا على خط الصراع الدولي لكسب معركة الوجود السياسي بها، وبالطبع ترغب إسرائيل وبغطاء دولي امريكي وإقليمي خليجي لبعض من الدول التي ترتبط بعلاقات معها في أن تحجز لذاتها موقع مهما في إفريقيا.
5- الزيارة التي قام بها الرئيس التشادي لإسرائيل ، سبقتها زيارة قام بها رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان إلى نجامينا ، وهناك أجتمع مع الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي ، ورافق البرهان، خلال الزياره وزير الخارجية المكلف علي الصادق، ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق إبراهيم علي مفضل، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية اللواء ركن محمد علي أحمد صبير، وقدم الرئيس السوداني لنظيره التشادي معلومات عن بعض الفصائل المعارضة ، في خطوة تأتي لرأب الصدع بين الدولتين مع الدعم الذي قدمته السودان مرارا لما يعرف ب"اتحاد قوى الديمقراطية والتنمية" التشادي الذي طالما دعمته السودان .
بالإضافة إلى معلومات عن بعض الفصائل المدعومة خارجيا والتي تتمركز بعضها في الجنوب الليبي ، مستغلة عدم استقرار الأوضاع هناك ، بعض من هذه المعلومات كان مصدره إسرائيل، وسبق أن قدمه شخصية إسرائيلية رفيعة إلى الرئيس ديبي ، الأمر الذي جعل تشاد تتأكد من مصداقية هذه المعلومات مع تأكيد البرهان في تقاريره التي سلمها الطاقم المرافق له للجانب التشادي على هذه المعلومات والتأكيد عليها ، وهو ما جعل تشاد:
أ- تثق في المعلومات التي وصلتها من إسرائيل في البداية
ب- شعور تشاد بأن إسرائيل ترى القارة السمراء افضل وأسرع من زي طرف أخر ، وهو ما دفع بالرئيس ديبي إلى شكر نتنياهو في الاجتماع المغلق معه الذي شم تساحي هنغبي وبرنيع.
تقدير استراتيجي
بات من الواضح أن إسرائيل تنتهج سياسة التطبيع مقابل المعلومات ، وهو ما سيتواصل في عهد نتنياهو بحسب التقديرات الأمنية والسياسية المختلفة التي تم نشرها بصورة علنية او حتى غير علنية خلال الفترة الأخيرة .
وتمنح الجهود الأمنية الإسرائيلية الأطراف التي تتفاوض لبناء إسرائيل لعلاقات معها معلومات دقيقة وسرية يحتاجها هذا الطرف ، وهو الدور الذي كان يلعبه في السابق يوسي كوهين رئيس جهاز الموساد ، والذي يلعبه الآن برنيع بكل وضوح.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت