تقدير موقف: ما وراء تعاظم التعاون "الدروني" بين إيران وروسيا

بقلم: معتز خليل

  • معتز خليل

في ساعات الصباح بتوقيت شرق العالم ، كشفت صحيفة وول ستريت غورنال الأمريكية الدولية عن نية  روسيا وإيران بناء مصنع جديد لإنتاج ما لا يقل عن 6 آلاف طائرة مسيّرة إيرانية.
المسؤولون ممن نقل تقرير الصحيفة تصريحاتهم بصورة غير مباشرة قالوا إنّ المصنع الجديد الذي سيبنى في روسيا سيمثل جزءا من التحالف العسكري الناشئ بين طهران وموسكو، مشيرين إلى أنّ “وفداً إيرانياً رفيع المستوى سافر إلى روسيا في أوائل كانون الثاني/يناير الماضي لزيارة الموقع المخطط لبناء المصنع فيه، والوقوف على تفاصيل كيفية بدء المشروع وتشغيله.
ما الذي يجري ؟
بات واضحا أن العالم يتجه وبقوه نحو تعظيم سلاحه من الطائرات الدرون او ما يعرف بالطائرات دون طيار المسيرة ، وهي الطائرات التي تكبد إيران كثيرا من الخسائر العسكرية ، خاصة مع الضربات التي تقوم بها جهات إقليميه وتحديدا إسرائيل ضد أهداف في العمق الإيراني ، وهي الأهداف النووية او الداعمة للسلاح النووي الذي تزعم تقارير دولية وإسرائيلية إن طهران تنتجه بانتظام ولا تتوقف عن القيام بتصنيعه.
صحيفة وول ستريت غورنال حصلت على معلومات بأسماء القادة الإيرانيين المشاركين في تدشين هذا المشروع ، وتحديدا :  
1-       العميد عبد الله محرابي، رئيس منظمة الجهاد لأبحاث سلاح الفضاء والاكتفاء الذاتي في حرس الثورة
2-    قاسم دماوانديان، الرئيس التنفيذي لمؤسسة صناعة طيران القدس الإيرانية
وتأتي دقة مؤسسة صناعة طيران القدس الإيرانية لكونها مؤسسة تصنيع دفاعية رئيسية لتطوير وإنتاج طائرات بدون طيار، وهو ما يمثل أمرا مركزيا ودقيقا لإيران لعدة اعتبارات أبرزها:
1-    تكرار الاعتداءات الإسرائيلية في العمق الإيراني.
2-    احتياج منظومة الدفاع الجوي الإيرانية لمنظومة طائرات درون دفاعية تساعد عناصر الدفاع الجوي على الأرض ، خاصة مع تكرار اختراقات الطائرات بدون طيار للعمق الاستراتيجي في إيران ، نظرا لتمركزها في عدد من الدول والمناطق المجاورة لإيران ، والتي تنطلق منها للقيام بعمليات عسكرية في العمق.
3-    توصلت القيادة العسكرية الإيرانية خلال الشهرين الماضيين إلى نتيجة واضحة تتمثل في ضرورة تدشين منظومة دفاع جوي من طائرات الدرون .
4-    من المنتظر أن ينتج هذا المصنع بعض من نوعيات الطائرات الدفاعية المتطورة ، والتي تحتاجها إيران بقوة هذه الأيام مع توالي الضربات الإسرائيلية على أراضيها.
5-    رفع الجيش الإيراني وبعض من المؤسسات التقنية المرتبطة به تقريرا عن مميزات الطائرات الإسرائيلية او  الغربية عموما التي قامت بتنفيذ ضربات في العمق الإيراني ، وحمل التقرير تقديرات ملفته منها:
أ‌-    الطائرات التي ضربت العمق الإيراني سريعة للغاية ومن الصعب تتبعها بأجهزة الرصد التقليدية من رادارات أو أجهزة تتبع تقني متطورة.    
ب‌-    الأفضل لمواجهة هذه الطائرات العمل على انتاج منظومة دفاع جوي في السماء لبعض من الطائرات الدفاعية التي تعمل على مدار الساعة لحمايه الأجواء الإيرانية ، مع تركيز نشاطها في المناطق الخطرة التي تكرر منها اختراق الحدود الإيرانية.
ج- علمت إسرائيل بتفاصيل هذا التعان ، ويبدو أن روسيا سربت هذه المعلومات بصورة مقصودة إلى تل أبيب ، الإمر الذي يفسر التشاحن الحاصل منذ عده أشهر بشأن نيه موسكو إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية على أرضيها .
د- تعلم إسرائيل تماما إن الخبرات التقنية الروسية قادرة على مساعدة إيران بقوة في حربها الغير مباشرة مع إسرائيل ، وهو ما يفسر هذه البرودة الحالية بالعلاقات بين تل آبيب وموسكو ، والتي لم يكسرها إلا الاتفاق بين الطرفين على تنسيق الأجواء والجهود بشأن الحرب في سوريا .   
تكلفة مادية  
تقرير أمني أميركي أشار إلى أن مصنع الطائرات المسيّرة الجديد يُعدّ جزءاً من صفقة قيمتها مليار دولار بين روسيا وإيران، وسيتم بالمصنع وضع بعض من الأسلحة التي اغتنمتها في ساحة المعركة في أوكرانيا ، وهي أسلحة تقنية متطورة للرصد ، وسيتم زرعها في بعض الطائرات الدرون الحديثة المتطورة  .
غير ان احد الأجهزة الأمنية في إسرائيل وبالتعاون مع المخابرات الأمريكية وضع تقرير مشترك ، أشار إنه يمكن لروسيا ومع هذا المصنع الجديد أن تزيد بشكلٍ كبير من مخزونها من أنظمة الأسلحة غير المكلفة نسبياً وشديدة التدمير التي غيّرت في الأسابيع الأخيرة طابع الأزمة في أوكرانيا.
ونبه التقرير إلى أن الولايات المتحدة فرضت مرّات عدّة عقوباتٍ جديدة على إيران، بناءاً على مزاعم مفادها أن طهران تزوّد موسكو بطائرات مسيّرة تُستخدم في الحرب في أوكرانيا.
لكن هذه الادعاءات نفتها طهران وموسكو مراراً، بحيث أكدت الخارجية الإيرانية أنّ هذه الاتهامات “لا أساس لها من الصحة”، مشددةً على أنها “جزء من حرب الدعاية الأميركية ضد طهران”.
وفي وقتٍ سابق، أبدت كل من واشنطن ولندن وإسرائيل قلقهم بشأن التعاون المتزايد بين روسيا وإيران، وأبدوا خشيتهم من أن يتطور ذلك في النهاية إلى شراكة دفاعية كاملة.
عموما فإن تقديرات الموقف الروسية التي وضعت وتطرقت لهذا التعاون ترى أن التجربة الإيرانية تشكل في الوقت الراهن أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، ولا سيما بعد أن برز المستوى العالي الذي تتمتع به في هذا المجال إثر تمكنها مثلا في 2011 من اعتراض طائرة "لوكهيد مارتن" الجوية المسيرة الأميركية عالية التقنية، والتي تسيطر عليها وكالة المخابرات المركزية، والتي لم ينجح الدفاع الجوي الإيراني في اكتشافها فحسب، بل وإنزالها في قاعدة جوية إيرانية ودراستها بعناية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت