- هند زيتوني| كاتبة سورية
أيتها الأرض
ثمّةَ من ينفخُ على أحلامنا الهشّة؟
ويدفنُ برعمَ السعادة الخجول
ثمّةَ من يرقصُ على جراحنا
يقطِّعُ أوتارَ النجاة
هكذا أطفأتِ جذوةَ الحياة
أيتها الأرضُ المجنونة
لماذا قرَّرتِ الرَّقصَ فجأة؟
البداياتُ غوصٌ في اللامجهول
وخوفٌ من زهرةِ التردُّد
يقولُ الميتون: لدينا فرقةٌ موسيقيَّة
تؤدِّي رقصةَ الموت بإتقان!
الرقصُ عبادتنا الخالصة
هكذا نتطهَّرُ من الإثم والأسرار
نهيلُ الرَّملَ على السّلوان والذكرى
وننشدُ بلا أفواهٍ للقادمين
ذاكرتنا شريطٌ سينمائيٌّ مهترئ
أيها التُّراب الجليل
متى اغتسلتَ آخرَ مرَّةٍ بدمِ الفقراء؟
متى غنَّيتَ لهم نشيدَ الحرِّيَّة لبيرسي شيللي؟
نرفعُ أكفَّناّ إلى السماء
لا نطلبُ شيئاً محدَّداً
ولا نرفضُ قدراً محتوماً
لا تبحثُ عن الحقيقة كاملة
اكتفِ بنصفِها فقط
يبزغُ القمرُ خفيةً
يخشخشُ بأساور الليل المسروقة
يجهِّزُ لنا شيئاً من الممكن تحمُّله
أو من الممكن تأويله
أخافُ أن أصبحَ شخصاً آخرَ
لا يستطيعُ الخروجَ من الأعماق الباردة
أحيانا، النهاياتُ حبلُ سرّة مقطوع
لا يستطيعُ حملَ أفكارنا الرجراجة
الموتُ دائمُ الخضرةِ مثل
شجرة الزنزلخت
للموتِ في بلادنا أكثرُ من طعم
لا أقولُ موتاً بطعمِ الشوكولا الداكنة
أو موتاً بطعم تفَّاحِ الخطيئة
أو موتاً بطعمِ البيضِ الفاسد
الموتُ الآن بنكهةِ الفقر والتراب
للاحتضار أكثر من مذاق
مذاقٌ حلو لاذعٌ
أو مذاقٌ بلا مذاق
الآن وأنا خلفَ النافذة
أستطيعُ أن أرى جثَّتي جيداً
زرقاءَ، مثقوبةً من كل الجهات
انتشلَها أحدُهم من تحتِ أحجار بيتي القديم
قالوا: جرعةٌ زائدةٌ من الشعر
أو ربما كأسٌ مليئةٌ بمورفين الكتابة
كيفَ أستعيدُ حياةً مرهونةً بالنكباتِ والحروب
الصَّدفةَ العمياء
والحظَّ الأسود؟
أستدعي اللغة
لتجفِّفَ دمَ الحروف
لتصبَّ النبيذَ في صدرِ الذبيحة
أيتها الأسفار
(احرقي كبدَ الحوت لينهزم الشيطان)
اسفحي دمَك وحبرَك وأساطيرَك
لتغطِّي جلودَ المنكوبين من ثلوج النكبة
الشعرُ يقفُ عارياً من كلِّ شيء
من المجازِ المهشَّم والصُّورِ الباهتة
يحاولُ أن يجمعَ أشلاءَ الغسق
يرمِّمَ أضلاعَ الماضي والمستقبل
ربما أستدعي فيرجينيا وولف لتقودَنا إلى الفنار
أو إلى الأمواجِ الدَّافئة
سننجو ذاتَ يوم من الوحدة
والعزلة والفراغ القاتل
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت