- محمد سيف الدولة
- [email protected]
من الحرية كل الحرية للشعب .. الى الحرية فقط لأعداء الشعب!!
***
تشعر الغالبية العظمى من المصريين اليوم بعجز شديد امام الغلاء الرهيب فى الاسعار وكل الاحتياجات الاساسية للحياة، مع الانخفاض الهائل فى قيمة الجنيه وبالتالي فى قيمة الاجور والرواتب والمدخرات. فلا توجد عائلة فى مصر الا ومعيشتها قد تأثرت تأثرا شديدا بالسياسات والقرارات الاقتصادية الاخيرة التى اتخذتها السلطات المصرية تنفيذا وخضوعا لتعليمات صندوق النقد الدولى.
ولا يجد المصريون اى ملاذ او منفذ يلجأون اليه او يستنجدون به فى مواجهة هذه المخاطر الاقتصادية والمعيشية الجمة.
ففى كل بلاد العالم ينظم ويتيح الدستور والنظام السياسى آليات وقنوات وأدوات تمكن طبقات الشعب وفئاته المختلفة من الدفاع عن نفسها والتعبير عن آرائها ومخاوفها فى مواجهة أى قرارات أو سياسات حكومية تمس حقوقها أو مصالحها.
الا فى مصر وبلادنا العربية، فلقد تم تجريد الشعوب من أى وسيلة تستطيع بها أن تفعل ذلك.
· فالبرلمان بسلطته التشريعية تابع بشكل مطلق للسلطة التنفيذية.
· والنقابات العمالية والمهنية بعد تدجينها الكامل من السلطة، توقفت عن القيام بأى دور للدفاع عن حقوق ومصالح الملايين من منتسبيها
· والاحزاب السياسية المعارضة والمستقلة محاصرة ومحبوسة فى مقراتها ومحظور عليها اقامة اى تواصل جماهيرى.
· وهو الحظر المفروض ايضا على تأسيس أى لجان شعبية أو تنظيم أى أنشطة وفاعليات تتعلق بمطالب اقتصادية او اجتماعية فى مجال الاجور والاسعار والضرائب وكل اشكال الجباية.
· والمنابر الاعلامية من صحف وفضائيات مغلقة فى وجه اى راى آخر.
· وبطبيعة الحال فان الاضرابات والاعتصامات والوقفات محظورة ومجرمة.
· حتى القضاء الادارى (مجلس الدولة) الذي كان يمثل الملاذ الأخير للطعن فى قرارات السلطة ومؤسساتها، تم اغلاقه فى وجوهنا بعد صدور قانون تحسن صفقات الدولة من الطعن عليها الا من طرفيها الذي صدر عام 2014.
· وهكذا
***
أما على الجانب الآخر؛ جانب أثرياء مصر من الطبقة الرأسمالية ورجال الاعمال، فلديهم كل الآليات والمؤسسات والأدوات الممكنة للمشاركة فى صناعة القرار والتواصل مع الحكومة بل والضغط عليها، مثل الغرف التجارية واتحادات المستثمرين والمصدرين والمستوردين واتحاد الصناعات وجمعيات رجال الاعمال..الخ، ولديهم من الملاءة المالية ما يمكنهم من شراء او ترشيح ممثلين لهم فى البرلمان لفرض مطالبهم واجنداتهم الاقتصادية التشريعية. بل انهم كثيرا ما يحرضون أصدقاءهم وشركاءهم الدوليين من شركات ومؤسسات دولية للضغط على الدولة لتلبية مطالبهم الاقتصادية والمالية، وهو ما نراه طوال الوقت فى الضغط من أجل ريادة وقيادة القطاع الخاص للاقتصاد المصرى.
***
اما رؤوس الاموال الاجنبية من مستثمرين وشركات عابرة القومية .. الخ فحدث ولا حرج، فهم السادة الحقيقيون المهيمنون على الاقتصاد المصرى، تمثلهم وتدعمهم وتقف ورائهم كل مؤسسات الشر الاقتصادية الدولية من الصندوق والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية والدائنون فى نادى باريس، يضغطون بكل الطرق والادوات على الدولة المصرية لفتح الاسواق امام المنتجات الاجنبية ومنع اى حماية جمركية للمنتجات الوطنية وتصفية شركات القطاع العام واعطاء التسهيلات والاعفاءات الضريبية واباحة اخراج الارباح وتحويلها للخارج وتخفيض قيمة العملة الوطنية ..الخ.
***
خلاصة المشهد الاقتصادى والمعيشى والسياسى اليوم فى مصر، هو ان الناس تشعر بخطر شديد، ولكنها محظور عليها كل أدوات المشاركة والتعبير والضغط دفاعا عن حياتها وحقوقها ومصالحها، محظور عليها الحق فى الدفاع الشرعى عن النفس.
بينما خصومها من اصحاب رؤوس الاموال الاجنبية والمحلية، يهيمنون ويصولون ويجولون ويعبثون كيفا شاءوا بمقدرات البلاد وحياة الناس.
*****
القاهرة فى 14 فبراير 2023
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت