"بن غفير" يخيم على قمة العقبة

بقلم: خالد معالي

خالد معالي.jpg
  • د. خالد معالي

يهدد ويتوعد وينفذ، دون معرفة العواقب، فقد تربع اسم "ايتمار بن غفير" على أكثر الأسماء ترددا في المنطقة، منذ مطلع العام 2023، وقد يبقى لفترة أخرى، وخلال حياته السياسية قدم ضده خمسون لائحة اتهام؛ ثمانية منها جنائية، ويشترك مع "نتنياهو" في أن الاثنين يعتبرون الأردن هو وطن الفلسطينيين، وان عليهم الرحيل.

شُبع، وشُحن منذ صغره بأفكار متطرفة لا يقبلها عقل ولا ضمير، ويريد تطبيقها في المسجد الأقصى بالقدس المحتلة، وعلى الضفة الغربية لاحقا، كخاصرة ضعيفة يضرب فيها متى شاء، معلنا عن مخطط ب7000 وحدة استيطانية دفعة واحدة، معتقدا انه بذلك يجلب المزيد من الانصار وزيادة لرصيده، وشعبيته بين جمهوره، هكذا يظن ويتصور ويخطط.

 "بن غفير " كان عضوا في حزب «كاخ» القومي المتطرف الذي تزعَّمه الحاخام المتطرف «مائير كاهانا»، وهو ما يعني غلو وتطرف ما بعده تطرف، واشعال للمنطقة التي هي اصلا مشتعلة، ويريد تفجير برميل البارود، وليكن ما يكن، معتقدا أن الفلسطينيين ضعفاء إلى حد كبير، وان افعاله لن تلقى رد فلسطينيأ أو عربيا واسلاميا، وان الكل سيكتفوا كعادتهم ببيانات الشجب والاستنكار.

رئيس كيان الاحتلال "إسحاق هرتسوغ"  كان قد صرح عن مشاكل قد تواجهها الحكومة المقبلة بشأن المسجد الأقصى بسبب "بن غفير" قائلًا إنّ «العالم كله يخاف منه»، وهو ما يشير الى اهداف "بن غفير" ليست سياسية فقط بل تأخذ أبعادا دينية، وتحديدا المسجد الاقصى الذي قد يتم هدمه وبناء خرافة "هيكل سليمان" مكانه، فقد سبق وان احرقه المستوطنون.

قمة العقبة القادمة سيخيم ويتربع على قمتها "بن غفير" حتى ولو لم يحضرها شخصيا، فافعاله وقراراته دفعت الاحداث دفعا، ولعقدها، وتخشى دول الاقليم من انتفاضة ثالثة، جراء ما يقوم به، وامتدادها اقليما، ودوليا، خاصة في شهر رمضان القادم بعد اقل من شهر، ف"بن غفير" مشبع بافكار دينية توراتية، ويعتقد انه بامكانه تطبيقها وانه حان الوقت لتنفيذها، وانها ارادة الرب وليس البشر، كما وردت في التوراة المحرفة.

ما لا يدركه "بن غفير" ان غزة يمكنها الرد عليه، وتقصف تل ابيب، وتوجعه، عندها سيخرج جمهوره ويقول له انك افقدتنا الامن بدل ان توفره لنا، وهو ما قد يدفعه للقيام باكثر مما قام به في نابلس وجنين من قتل واستش.هاد العشرات، عندها الاحداث تتصاعد وقد تفلت الامور، خاصة ان دول الطوق هشة وضعيفة وقد تنهار بفعل قرب انتهاء صلاحيتها، وقدرتها على ضبط الامور لدى شعوب التي قد تثور لحظتها، واسباب ثورتها حاضرة ووجيهة، من غلاء وانعدام الافق السياسي وانسداده، واستبداد دون انجازات تذكر، سوى القمع والسجون لكل من يعارضها ويخالفها.

"نتنياهو" يحاول السيطرة على جموح "بن غفير" ، لكن حبل ومشنقة الفساد تلتف حول عنقه، ولذلك يبتزه "بن غفير"، لتمرير سياساته، ولحد الان وبعمر شهرين تقريبا من عمر حكومة "بن غفير نتنياهو"، استطاع "بن غفير" تمرير جزء من برنامجه الانتخابي وسياساته، ومرشح لتطبيق المزيد منها في ظل الاجواء الحالية، ما لم يطرأ  أمر جديد يقلب المعادلات، وليس بالحسبان.

ما يهم امريكا ان تبقى الاوضاع كما هي ومصالحها لا تتعرض للخطر، دون توترات او تداعيات مرشحة لمزيد من تدهور الاوضاع، ولذلك نراها تضغط بشكل اكبر على الجزء الضعيف في المعادلة، وتكتفي بالكلام والتصريحات باتجاه حكومة "نتنياهو"، دون ضغط حقيقي للجم سياسات "بن غفير".

ما العمل فلسطينيا لتجنب ارهاصات وتداعيات افعال "بن غفير" والتي يعلنها جهارا نهارا؟ كيف يمكن لجمه والرد على تصعيده؟ كيف يمكن حماية المسجد الاقصى من تدنيسه بمئات والاف المستوطنين الذين يقتحمونه ويؤدون طقوس دينية في باحاته؟!

الرد الفلسطيني ان بقي في دائرة بيانات الشجب والاستنكار، والتعويل على التغيرات الاقليمية والدولية، والمؤسسات الدولية، فان هذا يعني رسالة طمأنة ل"بن غفير" وسيمضي قدما في مخططاته، وبرنامجه الانتخابي وتحقيق ميوله الدينية وهرطقاته وخزعبلاته، وسيسعد بالمزيد من المؤيدين لأفكاره.

بالمقابل ان كان الرد الفلسطيني هو سرعة ترتيب البيت الفلسطيني، ووحدة فلسطينية شاملة تقوم على برنامج وطني موحد ولو بالحد الادنى، واستنهاض الطاقات الخلاقة للشعب الفلسطيني، عندها سيكف "بن غفير" عن المسجد الاقصى والضفة الغربية، وسيتقدم خطوة للأمام ويرجع خطوتين للخلف، فهل نحن فاعلون؟!

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت