فهد سليمان: ندعو السلطة الفلسطينية للخروج من مأزق تفاهمات العقبة – شرم الشيخ بالتحرر من استحقاقات اتفاق أوسلو والتزاماته

(الكلمة الكاملة لفهد سليمان نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في مهرجان دمشق احتفالاً بالذكرى الـ54 لانطلاقتها)

ألقى فهد سليمان، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، كلمة في مهرجان انطلاقة الجبهة في دمشق، دعا فيه السلطة الفلسطينية لمغادرة مأزق تفاهمات العقبة – شرم الشيخ، بالتحرر من اتفاق أوسلو والتحرر من التزاماته واستحقاقاته، وتطبيق قرارات المجلس المركزي في دورته الـ31.

وفيما يلي النص الكامل للكلمة:

(I)

■ في اليوم الوطني الذي نحييه

بمناسبة الذكرى الـ 54 لانطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

نتوجه – بداية - إلى سوريا،

إلى رئيس البلاد، د. بشار الأسد

إلى الشعب السوري الشقيق،

بأحر التعازي، لما لحق بسوريا

من مآسٍ إنسانية، جراء الزلزال الذي ضرب بعض مناطقها،

ونجدها مناسبة، لكي نجدد النداء،

لكل من يعنيه الأمر في الحكومات العربية التي مازالت

رافضة، أو محجمة، أو مترددة؛

لكي تستعيد سوريا موقعها الطبيعي الطليعي، فسوريا في منهى المطاف هي عمود رئيسي من أعمدة النظام العربي الإقليمي من النظام الأمني العربي، ومن يتخذ موقف منها لا يفهم بالجيوسياسية ولا بالجغرافية

في جامعة الدول العربية،

فسوريا في نهاية المطاف، هي عامود رئيسي

من أعمدة النظام الإقليمي العربي، والتي بدونها لا يكتمل نصاب الحالة العربية بما تواجهه من تحديات بدون سوريا لا يكتمل نصاب الحالة العربية في ضوء التحديات الكبرى التي تواجه الأمة في هذه الأيام ■

 

 (II)

■ في هذا اليوم الوطني،

نودع عاماً حافلاً بالمآثر والتضحيات،

فعلى أرض الوطن، فلسطين،

قدم شعبنا على امتداد العام 2022،

230 شهيداً

و9335 جريحاً

وآلاف المعتقلين والأسرى.

ومنذ بداية هذا العام 2023

قدم شعبنا 66 شهيداً، آخرهم مساء البارحة في عزّون.

وأمام ذكرى هؤلاء الشهداء، وآلام الجرحى، وعذابات الأسرى، ومعاناة المشردين في بيوتهم المدمرة، نقف بإجلال وخشوع■

 

 (III)

■ كما نقف بإجلال وخشوع، أمام ذكرى شهداء الجبهة الديمقراطية، في صفوف المقاومتين الشعبية والمسلحة، الذين انضموا إلى موكب شهداء الشعب الفلسطيني على امتداد العام 2022، وهم:

من القدس: يامن نافذ جفَال

           وفايز خالد دمدوم

من سلفيت: علي حسن حرب

من رام الله: مهدي محمد لداودة

من يعبد/ جنين: محمد توفيق بدارنة

من مخيم جباليا/ غزة: حسن منصور

■ نقف أمام ذكرى جميع هؤلاء، مجددين العهد على مواصلة النضال، مهما غلت التضحيات من أجل إنجاز الحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا، في العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة، الحرة السيدة، بعاصمتها القدس■

 

(IV)

الرفيقات والرفاق

■ نلتقي اليوم، وأمامنا مشهد حافل بالتطورات العاصفة والمتلاحقة، مشهد يضعنا أمام تغييرات حقيقية في معادلات القوة، وأمام خيارات مفصلية، نفتتحها بثلاثة أسئلة:

  • إسرائيل إلى أين؟ الكيان الغاصب
  • الحالة العربية الرسمية إلى أين؟
  • السلطة الفلسطينية إلى أين؟■

 

 (V)

■ في الإجابة على السؤال الأول، نقول مايلي:

نحن أمام حكومة إسرائيلية تعلن جهاراً نهاراً،

أنها تسعى لإقامة دولة إسرائيل الكبرى، أي تلك الدولة التي تقوم على كامل مساحة فلسطين التاريخية، فلسطين الـ 27.500 كم2 + الجولان ... هذه بالنسبة لإسرائيل إسرائيل الكبرى.

وفي سبيل ذلك تعمل هذه الحكومة على 3 خطوط: الاستيطان+ الضم+ الترحيل.

■ إن أياً من هذه الخطوط ليس جديداً على ممارسات الحكومات الإسرائيلية عليها، لا الاستيطان الذي تضاعف مرات عدة منذ الشروع بتطبيقات اتفاقية أوسلو،

ولا الضم، الذي أعلنت حكومة نتنياهو - غانتس في 17/5/2020، الشروع بتطبيقه في شهر تموز من نفس العام،

ولا الترحيل، الذي هو تحصيل حاصل عاملي الاستيطان والضم.

■ أما الجديد فيما ترمي إليه الحكومة الصهيونية، فهو مضاعفة وتيرة التقدم والإسراع بها، وهناك كلام عن الاستيطان التوربيدي على عكس الاستيطان المتسارع نحو إنجاز هذا الحل التصفوي، الحل النهائي «للمسألة الفلسطينية»، إذا ما استعرنا مصطلحات النازية في تعاطيها مع «المسألة اليهودية»■

 

(VI)

الرفيقات والرفاق

الحالة الرسمية العربية وأين تتوجه

■ في الإجابة على السؤال الثاني حول منحى تطور الأمور على المستوى الرسمي العربي، نشير إلى انخراط عدد من الأنظمة، وليس من بين أقلها أهمية، في مسار «السلام الإبراهيمي»، وهو الصيغة المحدثة لما كان يُسمى بمشروع «الشرق الأوسط الجديد» في تسعينيات القرن العشرين الماضي، والذي انقطعت ريحه بسبب من تمتع محصلة الوضع العربي الرسمي- في حينه - بما يكفي من التماسك والقوة لقطع الطريق أمام مسار التطبيع المجاني، الأمر الذي أدى لصالح «مبادرة السلام» الصادرة عن قمة بيروت العربية عام 2002، التي علقت التطبيع على الانسحاب من كامل الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة عام 67، وبإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.

■ أما الآن، فقد باتت الحالة العربية الرسمية أكثر مطواعيه واستجابة لمتطلبات «السلام الإبراهيمي» التي تساوي الانصياع لأولويات الاستراتيجية الأمريكية - الإسرائيلية في إقليمنا.

 إن هذه الاستجابة تعود إلى ما أصاب الحالة العربية من إنهاك بنيوي جراء تضافر عوامل عدة،

بدءاً من احتلال العراق 2003، مروراً بمرحلة «الفوضى الخلاقة» التي إستهدفت مكانة «الدولة الوطنية»، والتي أنتجت حروب ما يسمى بالربيع العربي، التي مازالت تداعياتها متلاحقة حتى يومنا.

■ إن الحالة العربية الرسمية الموصوفة هي التي تسمح لنتنياهو أن يؤثر بقوانين الحالة الإقليمية الكارثية السلبية، وافتتحت في سعيه لأن تسوسها القاعدة التالية: السلام مع الدول العربية، يسبق الحل مع الفلسطينيين، الذي لن يتجاوز-في أفضل الحالات-الحدود المطاطة والسقف الهابط لما يسمى بـ «السلام الاقتصادي»■

 

(VII)

■ على خلفية بيئة ملتبسة في هذا الإقليم يؤمنها «السلام الابراهيمي»، فإن التغول الإسرائيلي المتأصل فاشية على يد الحكومة الحالية، سيضع السلطة الفلسطينية أمام أحد إستحقاقيين، إما التفكك أو التفكيك:

  • التفكك سيكون مصير السلطة، إن لَبَّت الوظيفة الأمنية بصيغة مسار العقبة - شرم الشيخ القاضية استشهاد بالنص «بتشكيل لجنة أمنية مشتركة لبحث تجديد التنسيق الأمني واختبار استعداد الفلسطينيين وقدرتهم على تحمل المسؤولية بمكافحة «الإرهاب» - أي المقاومة - في أراضي السلطة الفلسطينية»،

فإن السلطة ستصطدم بصخرة المقاومة، لا سيما أن هذه المهمة القذرة، لن يُقيّض لها النجاح إلا بمشاركة الاحتلال أمنياً وعسكرياً.

  • وبالمقابل، فإن التفكيك سيكون مصير السلطة على يد الاحتلال، إن رفضت الانصياع لضغط إسرائيل، التي ستأخذ عندها موضوع قمع المقاومة على عاتقها.

 

■ من ناحيتنا، نجزم بأن السلطة لن تخرج عن الإطار الوطني، وليس بمقدورها أن تخرج أصلاً عن هذا الإطار لاعتبارات عدة تتصل بالتكوين، والتاريخ، الخ... 

وعليه، فإن السلطة لن تقع في محذور الخيار الذي يقود إلى تفككها، وفي الوقت نفسه على السلطة أن تقاوم مخطط تفكيكها،

لكن المسألة ليست هنا- لا تقع على مستوى - فالسؤال المطروح على السلطة هو: ليس هل ستقاوم؟ بل كيف ستقاوم؟

وعلى هذا نجيب، إنطلاقاً من التجربة المعاشة مع السلطة على امتداد عقدين من الزمن، ومن بين محطاتها كيف تم التعامل مع تقرير غولدستون، الغني عن التعريف،

وعلى هذا نجيب بما يلي مرة أخرى:

إن السلطة، إذ تعي ما الذي يجري إعداده لها وللشعب الفلسطيني عموماً، فإنها تفتقد إلى الإرادة السياسية التي تحول عناصر القوة الفلسطينية، إلى معطيات مؤثرة في معادلة الصراع■

 

 (VIII)

■ السلطة الفلسطينية تعي تماماً ماذا يُحاك ضد الشعب الفلسطيني، فهي ليست ساذجة، لكنها سلطة عاجزة بدليل حشد من الوقائع السابقة، آخرها ما شهدناه في الأيام الأخيرة، بدءاً من سحب مشروع القرار المقدم إلى مجلس الأمن- 20/2/2023 مقابل وعود بمكاسب، ترجمت بنقيضها دموياً في مجزرة نابلس (22/2)، وانتهاءً بالمشاركة في مسار أمني صرف- 26/2، مسار العقبة وشرم الشيخ، تم الرد عليه بعد ساعات، بعد ساعات من اختتام أعماله، بمحرقة/ هولوكوست حوارة، والتنكيل بمخيم عقبة جبر ومحاصرة أريحا.

■ إن السلطة الفلسطينية تبذل جهداً إستثنائياً للترويج لخطاب سياسي يقوم على أربعة عناصر يمثل فيها الادعاء موقع الصدارة ومحو الخطاب يقوم على الترويج:

1- الادعاء بموافقة إسرائيل على وقف الإجراءات أحادية الجانب، بما يشمل وقف الاستيطان على سبيل المثال وغيرها من الأعمال العدوانية الإجرامية، الأمر الذي تنفيه إسرائيل، لا بل يستحيل أن توافق عليه، ما لم تضع المقاومة حداً مادياً لهذا الإجرام.

 

وإلى هذا نضيف:

حتى أن المطالبة بوقف الإجراءات أحادية الجانب، خطأ من حيث المبدأ، لأنها تساوي بين الجرائم التي يقترفها الاحتلال يومياً، وساعة بعد ساعة، وبين حق شعبنا المشروع في مقاومة الاحتلال.

2- الادعاء بأن إسرائيل جددت إلتزامها بالاتفاقيات الموقعة، الأمر الذي تدحضه الوقائع المتواترة، منذ أن تم التوقيع على اتفاقات أوسلو على امتداد 30 سنة. إسرائيل لم تلتزم بما انعقد عليه.

3- الادعاء بأن إسرائيل وافقت «الذهاب إلى أفق سياسي».

وبهذا التعبير الملتبس تحاول السلطة الإيحاء بموافقة إسرائيل الدخول في عملية تفاوضية سياسية، وهو ما تنفيه إسرائيل بالمطلق، وتؤكده حقيقة انقطاع العملية السياسية – الفاشلة أصلاً - منذ نيسان 2014.

4- والادعاء، أخيراً، بأن هذا الأفق السياسي المزعوم سوف «ينهي الاحتلال ويقود إلى الاستقلال»، وهو ما يلتقي مع مقولة «بيع جلد الدب قبل اصطياده»، وهي مقولة تؤكدها حقيقة عدم وجود دب أصلاً في مهداف بندقية محشوة بذخيرة خُلَّبيه■

 

 (IX)

أمام كل هذا ما العمل؟!...

■ بوسع القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية أن تخرج نفسها من المأزق الذي تتخبط فيه، إذا ما تسلحت بنظرة علمية وجدلية، أي واقعية، إلى الحالة الدولية،

التي تشهد تنامياً لدور ونفوذ الإتجاهات المناهضة للهيمنة الأميركية على شئون العالم، وبما ينبيء بكسر المرجعية القطبية الحصرية للولايات المتحدة الأميركية.

■ وبوسع القيادة السياسية للسلطة أن تخرج نفسها من المأزق السياسي الذي تتخبط فيه، إذا ما وعت ما يمور في عمق وجدان الشعوب في مختلف البلدان،

وكذا الأمر في نظرتها إلى الحالة الإقليمية التي تشهد تعاظماً في قدرات قوى الصمود والمقاومة،

على مستوى الدول وحركات التحرر.

■ أما على المستوى الفلسطيني، وهذا هو الأساس بالنسبة لنا،

فبوسع القيادة السياسية أن تخرج نفسها من المأزق الذي تتخبط فيه، باعتماد خيار المقاومة كخيار إستراتيجي بأفق مفتوح، والزخ بكل الطاقات والتحالفات التي يملكها الشعب الفلسطيني، واستنهاض الحركة الجماهيرية، لمواجهة الخيار الآخر التصفوي الذي تسعى واشنطن أن تحتوي أعمالها ومواقفها من خلاله الحركة الوطنية الفلسطينية، بخفض سقف توقعاتها، وتحجيم مطالبها، تكيفاً مع أولويات السياسة الإسرائيلية، وهذا هو الخيار الذي تعتمده أميركا يستند إلى آليتين لا يجوز التقليل من قدرتهما على التأثير في مجرى الأحداث:

  • آلية التطبيع في المدى الإقليمي في إطار ديناميكية «السلام الإبراهيمي» التي تعتمد على «منتدى النقب» السداسي، مع السعي لتوسيعه ليضم الأردن والسلطة الفلسطينية. هذا من جهة؛
  • ومن جهة أخرى، آلية مسار العقبة – شرم الشيخ للترتيبات الأمنية، لأن شرم الشيخ والعقبة لا يوجد أي بعد سياسي أو قضايا وطنية متعلقة بالحقوق الوطنية.

■ ومع ذلك، تبقى المقاومة بكل أشكالها على أرض الوطن، والحركة الجماهيرية المناهضة للاحتلال في الوطن والشتات، هي الأساس في مواجهة المشروع الأمريكي الإسرائيلي، وفي مواجهة هذا المشروع، الأمر الذي يلقى على عاتق القيادة السياسية للسلطة وجميع القوى السياسية أن تسخر جهدها على أمرين متلازمين:

  • الأول هو تسخير كل الإمكانيات المتوفرة خدمة لصمود المجتمع في حرب الشعب التي يخوض، إنتصاراً لأهداف هذه الحرب الوطنية  
  • والثاني هو إعادة التموضع في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية دون إضاعة وقت ودون اجتهادات تذهب يميناً ويساراً، والعمل الجاد بدون حسابات صغيرة لتضم الكل الفلسطيني، تكريساً للوحدة الداخلية، الوحدة المؤسسية، على قاعدة البرنامج المشترك.

■ وإلى أن ينعقد شرط تحقيق هذه الأمور، لا بل تسريعاً لانعقاد هذا الشرط، نقول للقيمين على القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية؛ لا بل نستصرخهم:

  • أوقفوا التنسيق الأمني
  • أخرجوا من بروتوكول باريس الاقتصادي
  • إسحبوا الاعتراف بدولة إسرائيل
  • قرروا إنتهاء العمل بالمرحلة الانتقالية
  • قرروا بسط سيادة دولة فلسطين على كامل أراضيها بعاصمتها القدس على حدود حزيران (يونيو) 67 ■

 

■■■

 

عاشت الذكرى ال 54 لانطلاقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

عاشت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا

عاشت فلسطين ■

 

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - دمشق