قال عبد الناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت 17 ألف فلسطينية منذ العام 1967.
وأوضح فروانة عشية يوم المرأة العالمي لموقع "الغد" بينهن أمهات ونساء طاعنات في السن، وزوجات وحوامل ومريضات، ومن ذوي الحاجات الخاصة، وفتيات قاصرات، وطالبات في مراحل تعليمية متعددة، وكفاءات أكاديمية، وقيادات مجتمعية، ونواب منتخَبات في المجلس التشريعي.
وأضاف "يحفظ التاريخ أن الأسيرة الأولى في الثورة الفلسطينية المعاصرة هي المناضلة فاطمة برناوي، ابنة مدينة القدس، والتي اعتُقلت بتاريخ 14تشرين الأول/أكتوبر 1967، وأمضت 10 سنوات قبل أن تتحرر سنة 1977. فيما تُعتبر الأسيرة المحررة لينا الجربوني من المناطق المحتلة عام 1948 الأكثر قضاءً للسنوات في سجون الاحتلال، حيث اعتقلت في 18 نيسان/ابريل عام 2002، وأمضت 15 سنة متواصلة قبل أن يُطلق سراحها في نيسان/ابريل من العام 2017.
وبحسب فروانة "ولا تختلف الأشكال والأساليب التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي عند اعتقال المرأة الفلسطينية عنها عند اعتقال الرجال وكذلك ظروف الاحتجاز الصعبة، كما تفيد الشهادات بأنهن تعرضن جميعهن لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والمعاملة المهينة من دون مراعاة لحقوقهن في السلامة الجسدية والنفسية في محاولة لملاحقة المرأة وردعها وتحجيم دورها وتهميش فعلها أو بهدف انتزاع معلومات تتعلق بها أو بالآخرين وأحيانا يتم اعتقالها للضغط على أفراد أسرتها لدفعهم إلى الاعتراف أو لإجبار المطلوبين منهم على تسليم أنفسهم".
وخلال الأعوام الأخيرة، تفاقمت معاناة المرأة الفلسطينية وتصاعدت الانتهاكات بحقها بفعل الاعتقال وما يصاحبه وعلى مدار العام المنصرم 2022 تم رصد اعتقال نحو 172 فلسطينية، الأغلبية العظمى منهن من القدس.
وتعاني عدد من الأسيرات جراء أوضاع صحية صعبة، حيث وجود أسيرات جريحات أبرزهن: الأسيرة المقدسية إسراء الجعابيص التي تبلغ من العمر 36عاما، والمعتقلة بتاريخ 11 تشرين الأول/أكتوبر 2015، والتي حكم عليها بالسجن الفعلي مدة 11 عاما بتهمة ألصقت بها، وذلك حين انفجرت أسطوانة غاز كانت تنقلها في سيارتها بالقرب من حاجز عسكري نتيجة إطلاق قوات الاحتلال النار على سيارتها بذريعة اقترابها من الحاجز واتهامها بمحاولة تنفيذ عملية دهس. فتسبب الانفجار باشتعال النيران في سيارتها، وفي إثر ذلك، أصيبت بحروق من الدرجة الأولى والثانية والثالثة، أتت على أكثر من 60% من جسدها ووجهها، وهو ما أفقدها عددا من أصابع يديها وأصابها بتشوهات كبيرة في جسدها وأضرار تسببت بتغيير ملامحها كلياً، وهي بحاجة إلى رعاية صحية ومزيد من العمليات الجراحية، ومعاناتها تتفاقم في ظل استمرار سياسة الإهمال الطبي.
وعلى الرغم من قسوة الأوضاع وظروف الاحتجاز وسوء المعاملة التي تتعرض لها الأسيرة الفلسطينية، فإن التاريخ يؤكد أن المرأة الفلسطينية، وعلى مدار سني الكفاح الطويلة، لم تنكسر أمام سجانيها، ولم تتراجع عن أداء واجبها، بل بقيت متماسكة وخاضت مع إخوانها الرجال الكثير من الخطوات النضالية، بما فيها الإضرابات عن الطعام، ذودا عن كرامتها ودفاعاً عن حقوقها وحقوق شعبها، فحافظت على وجودها وبنت داخل السجن مؤسسة تنظيمية وثقافية وفكرية، وسطرت صورا رائعة من البطولة، وما زالت الأسيرات جزء من المعركة التي تخوضها الحركة الاسيرة في مواجهة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة وإجراءات "بن غفير" العنصرية على حد قول فروانة