غوتيريش: "الوضع في غزة سيء للغاية".. هل نكتفي فقط بتشخيص المرض دون علاجه؟

بقلم: زينب فياض

حماس تنظم مسيرة شمال غزة نصرة للضفة الغربية والقدس 8.jpg
  • زينب فياض

يعيش قطاع غزة في معاناة منذ عام 2007، بسبب الحصار الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، والذي أثر سلبياً على الاقتصاد الغزي، حيث ارتفعت نسبة الفقر والبطالة، وسيطر الاحتلال على المجال الجوي والبحري والبري، كما عانت غزة من ويلات الحروب التي أثرت على البنية التحتية والمرافق الزراعية والصناعية والتجارية.

الفلسطينيون يعيشون جحيماً وتهديداً لحياتهم، والربيع العربي تحول إلى شتاء.. هكذا صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لقناة الجزيرة، مؤكداً على أن الوضع في غزة هو وضع سئ للغاية. وأشار إلى أن حل الدولتين هو الخيار الوحيد وليس هناك خيار آخر، مضيفاً: "أعبر عن تضامني مع الصحفيين، وتعازي لكم في خسارتكم زميلتكم شيرين أبو عاقلة، داعياً لحماية الصحفيين في كل مكان في العالم".

جدير بالذكر أن الأمم المتحدة أقرت بأن حصار إسرائيل لقطاع غزة يعد انتهاكاً لالتزاماتها كدولة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، وأن هناك أدلة قوية على أن القوات الإسرائيلية في قطاع غزة ارتكبت مخالفات جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة، بما في ذلك : القتل العمد ، والتعذيب أو المعاملة اللا إنسانية ، تعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو الصحة ، والتدمير الواسع للممتلكات. وبما أنّها مخالفات جسيمة ، وأن هذه الأفعال تؤدي إلى المسؤولية الجنائية الفردية. واستخدام الدروع البشرية أيضا يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

على الرغم من هذا الدور الإيجابي إلا أنه لم يتحقق شئ على أرض الواقع، ويظل قطاع غزة يعاني إلى الآن، بل تزداد حجم المعاناة. ما تفعله الأمم المتحدة هو فقط تشخيصاً للمرض دون علاجه، فتكتفي برصد الانتهاكات والمعاناة التي يعيشها قطاع غزة مثل تدميرالمنازل والمصانع والمدارس والمستشفيات ومراكز للشرطة وغيرها من المباني العامة في غزة، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات جاءت نتيجة لسياسة متعمدة ومنهجية لجعل الحياة المعيشية اليومية والحياة الكريمة، وإذلال السكان ونزع الصفة الإنسانية عنهم والاعتداء على كرامة الشعب، دون أن تقدم حلول ونتائج فاعلية واقعية لحل المشكلة.

يستمر الاحتلال الإسرائيلي في منع الأجهزة الطبية التي تدخل قطاع غزة على الرغم من أن هناك نقص حاد في عدد الأجهزة، كما أن الأجهزة الموجودة في القطاع متهالكة بسبب مرور الزمن عليها، مما ينعكس سلبياً على الوضع الصحي في القطاع، ويعرض مرضى الأورام والقلب والجلطات والكسور المعقدة والعنايات المركزة لمخاطر صحية بسبب حرمانهم من الأجهزة التي تحدد المشكلات الصحية والتدخلات الطبية المطلوبة، مما يزيد من معاناة المرضى الذين يمنعهم الاحتلال أبسط حقوقهم العلاجية التي كفلها القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة.

كما يعاني اللاجئين الفلسطينيين بسبب الحصار، وتعرض الأونروا للعديد من الضغوط والتحديات التي تؤثر على فاعليتها مثل نقص التمويل والأزمات العالمية المتضاربة بعد الحرب الأوكرانية، والتضخم المالي والتشويشات في سلسلة التوريد والتغيرات الجيوسياسية، والارتفاع الهائل في مستويات الفقر والبطالة. وعلاوة على ذلك، تؤثر المستويات المرتفعة من العنف على قدرة الأونروا على تقديم الخدمات، في غزة، يعاني ما يقرب من نصف طلاب الأونروا من الصدمات النفسية بسبب دورات العنف المتكررة و15 عاما من الحصار الذي يحدّ من قدرتهم على النمو والانخراط مثل أقرانهم في أي مكان آخر. وتطلب الأونروا الحصول على 311.4 مليون دولار لغزة.

يتعرض الطفل في غزة لانتهاكات كثيرة في حقوقه بسبب الحصار وما خلفه من انتشار للفقر والبطالة، أثر بالسلب على الحالة النفسية التي يتواجد فيها أطفال القطاع بسبب غياب الدعم والعلاج النفسي وغياب مراكز الترفيه وهشاشة البنية التحتية للمؤسسات التربوية التي تعاني من قلة الإمكانيات.

في ظل هذه الانتهاكات، تظل الأمم المتحدة صامتة ولم تتخذ أي إجراء واقعي وخطوات فعلية لحل المشكلة، ولم توجه أي لوم لإسرائيل على قيامها بمضاعفة معاناة الغزيين، وبشكل عام يمكن القول أن الأمم المتحدة مسيسة، بمعنى أن المشكلة الأساسية في هذا الصمت هو وجود حماس في إدارة غزة.

بالنسبة إلى حل الدولتين الذي تحدث عنه الأمين العام للأمم المتحدة، يستحيل تطبيقه في ظل حصار غزة، والانقسام الفلسطيني، والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال مثل الاستيطان وفرض العقوبات، وخرق قواعد القانون الدولي، وبنود إتفاقية أوسلو.

على الأمم المتحدة ألا تكتفي برصد الانتهاكات والتنديد بها، وأن تقدم حلولاً على أرض الواقع، ينبغي أن تمارس ضغطاً على الاحتلال لرفع الحصار المفروض على غزة، تطبيقا لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان وقرار مجلس الأمن 1860(2009)، هناك ضرورة لتطوير البنى التحتية وزيادة الاستثمارات في الهياكل الأساسية، وزيادة الدعم المقدم من الدول المانحة من أجل انتعاش الاقتصاد وتخفيض معدلات البطالة في غزة، والتخلص من القيود التي يفرضها الاحتلال على المرور عبر المعابر الحدودية مع قطاع غزة ، وزيادة حصة القطاع الصحي في الموازنة.

ولابد من فتح تحقيق جنائي سريع ونزيه في جميع عمليات القتل والاصابات والاعتقالات التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، ومعاقبته على الجرائم التي مارسها ضد الشعب الفلسطيني، لأن الإفلات من العقاب يؤدي إلى استمرار الجرائم ومزيداً من العنف، حيث كفلت المواثيق الدولية حقوق المرأة والطفل في وقت السلم والنزاعات المسلحة، ومخالفة هذه القوانين يعاقب عليها القانون الدولي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت