الاتفاق السعودي الإيراني بمواكبة صينية إعادة خلط للأوراق وإخلال بموازين القوى

بقلم: علي ابوحبله

(شينخوا).jpg
  • المحامي علي ابوحبله

الاتفاق الذي وقعته إيران والسعودية، برعاية صينية، على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما خلال فترة شهرين، يتم خلالها  فتح السفارات بين البلدين وتبادل السفراء   بين البلدين ، لم يكن بمثابة " صفعه  في وجه إسرائيل"، كما وصفته صحيفة "يديعوت احرنوت"، بل هي " ضربه " صينية قوية وذكية  للدور الذي  تمارسه أمريكا  في المنطقة ، لصالح "إسرائيل"، والذي لم يجلب سوى الخراب والدمار  لشعوب المنطقة من خلال إذكاء نيران الحروب وإذكاء الفتنه المذهبية والطائفية  بين شعوبها  .

استعادة العلاقات  السعودية الايرانيه  تحمل أبعاد إقليميه وفرمله لعملية الهرولة للتطبيع مع " إسرائيل " وإعادة  لتصويب أولوية  الصراع مع الكيان الصهيوني بعد أن حرفته أمريكا وإسرائيل ووجهته إيران .

تداعيات الاتفاق على الكيان الصهيوني كانت سريعة وغاضبه  فقد اتهمت المعارضة الإسرائيلية، الجمعة، حكومة بنيامين نتانياهو بإهمال الدبلوماسية للتركيز على الإصلاح القضائي المثير للجدل، عقب إعلان استئناف العلاقات بين السعودية وإيران.

اعتبر الكثير من المعارضين الإسرائيليين أن الإعلان المشترك الصادر عن طهران والرياض، الجمعة، بشأن رغبتهما في استعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ عام 2016، بمثابة نكسة شخصية لنتانياهو.، وترى الطبقة السياسية "  الإسرائيلية "  بأكملها في الجمهورية الإسلامية وبرنامجها النووي المثير للجدل تهديدا وجوديا لإسرائيل.

من جهته، قال زعيم المعارضة في الكيان الصهيوني "  يائير لبيد "  عبر تويتر إن "الاتفاق السعودي الإيراني هو فشل تام وخطر لسياسة الحكومة الإسرائيلية الخارجية" وأضاف "إنه انهيار للجدار الدفاعي الإقليمي الذي بدأنا ببنائه ضد إيران. وهذا ما يحدث عندما تكون مشغولا طوال اليوم بمشروع قانون مجنون بدلا من الاهتمام بإيران".

واعتبر وزير الحرب السابق بيني غانتس وزعيم حزب أزرق-أبيض أن "التحديات الأمنية الهائلة التي تواجه دولة " إسرائيل "  في تزايد، ورئيس الوزراء وحكومته مشغولان بتنفيذ انقلاب".أما رئيس الوزراء اليميني السابق نفتالي بينيت، فقد ووصف الاتفاق بأنه "نصر سياسي لإيران" و"ضربة قاضية لجهود بناء تحالف إقليمي ضد إيران" و"فشل ذريع لحكومة نتانياهو".

الخشية الامريكيه والتخوف من تداعيات الاتفاق السعودي الإيراني وتداعياته على اتفاقات أبراهام  ، حيث امتنعت السعودية لغاية اليوم الانخراط في اتفاقات أبراهام والتطبيع مع الكيان الصهيوني مع ما حمله الاتفاق من مضامين مهمة ببعده الجيواستراتيجي لإيران؛ والثاني، بالنظر إلى الثقل النفطي والاقتصادي للمملكة العربية السعودية ؛ والثالث، وهو الأهم  أخذاً في الاعتبار تقدّم الصين نحو تكريس نفسها كلاعب فاعل في الدبلوماسية العالمية، التي كانت حتى الآن حكراً على الأميركيين، ولا سيما في الشرق الأوسط الذي كان منطقة نفوذ للولايات المتحدة طوال العقود الماضية.

 من دون استباق الأحداث، المؤكد أن ما شهدته بكين كان  خطوة  على طريق تغير موازين القوى وتعدد القوى القطبية منذ الربيع العربي واندلاع الحرب  في اليمن ، والتحرك الصيني يأتي في وقت تخوض فيها الولايات المتحدة حرباً كونية ضد روسيا في أوكرانيا ، ويشهد فيها الكيان الصهيوني صراع داخلي ، وفي وقت كان يأمل فيه رئيس حكومة اليمين الفاشية نتنياهو  الانخراط السريع للرياض في خطة التطبيع مع الاحتلال والانضمام لاتفاقات أبراهام . كما يأتي الاتفاق  في مرحله مفصلية لبنانياً يتوقع أن تكون لها انعكاساتها على الملف الرئاسي المعلّق، وكذلك سورياً بما قد يساعد على تخفيف الحصار على سوريا بفعل قانون القيصر  .

ما جرى في الصين لم يكن وليد الساعة، وإنّما له مقدّمات طويلة مستمرّة منذ أكثر من عامَين، قامت بدور كبير في التحضير لها، إلى جانب العراق، سلطنة عمان التي كان دورها بعيداً عن الإعلام، وإنما تكمن أهميته في أنه يضع هذا التطوّر في سياق أوسع لترتيبات تشمل اليمن وتعيد رسم التحالفات ومواقع القوى داخل «مجلس التعاون الخليجي»، وغير ذلك. ويشي تزامُن إعادة العلاقات مع تقدّم المفاوضات التي تَجري بوساطة عُمانية لإنهاء الحرب اليمنية التي مثّلت المأزق الأكبر  للعرب جميعا

.ان استضافة بكين للمباحثات السعودية الإيرانية جاءت استجابة لمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، بدعم الصين لتطوير علاقات حسن الجوار بين إيران والسعودية، فالصين ترى، كما قال كبير دبلوماسييها وانغ يي، في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران نصر للحوار والسلام، ونبأ عظيم في العالم المضطرب حاليا. وشدد على أن الصين ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع القضايا الشائكة في عالم اليوم وستظهر تحليها بالمسؤولية بصفتها دولة كبرى.

الدور الذي اضطلعت به الصين، يأتي متناقضا مع الدور الأمريكي في المنطقة  ومخططاتها للشرق الأوسط الجديد الذي تنشده وتسعى من خلاله  تسييد الكيان الصهيوني وانخراطه في المنظومة الامنيه الاقليميه والعربية  بعد غزو أمريكا للعراق واحتلاله وثورات الربيع العربي وعرفته كوندليزا رايس بالفوضى ألخلاقه بهدف تدمير مقومات وقدرات ألامه العربية وجعلها مجتمعه عاجزة عن مواجهة الكيان الصهيوني

هذا النجاح الكبير للدبلوماسية الصينية، هو الذي دفع المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، ان يعلق بغضب وحنق واضحين، على الاتفاق الايراني السعودي الذي رعته الصين، عبر التشكيك فيه، والطعن في الصين، حيث قال: "نحن نرحب بالاتفاق.. إلا انه ينبغي رؤية ما إذا كانت إيران ستفي بالتزاماتها"!.

كيربي وردا على سؤال حول الدور الصيني في المساعدة على جمع السعودية وإيران، قال "نحن بالتأكيد نواصل مراقبة الصين فيما تحاول كسب نفوذ وإيجاد موطئ قدم لها في أماكن أخرى في العالم من أجل مصلحتها الضيقة"!، ا إن رد كيربي لا يحمل سوى اعتراف أمريكي  بفشل سياستها وأنها لم تعد القوه الاحاديه القطبية في العالم وتدرك إدارة البيت الأبيض والدولة العميقة حجم التغيرات في المنطقة وما حمله الاتفاق السعودي الإيراني  بمواكبة صينية  من إعادة خلط للأوراق وإخلال بموازين القوى

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت