- بقلم رئيس الاتحاد العام للاعلاميين العرب ، الكاتب والاديب العربي الفلسطيني الاعلامي د. رضوان عبد الله
قرات هذه الجملة العظيمة على صفحة احد الزملاء كما نقلها هو...((في هذا الفجر المظلم لم يعد يهم سوى ما كتب على باب ذاك القبر الفينيقي في متحف بيروت والمنقوش عليه: " كن شجاعًا .. لا أحد خالد "
فبين ان تغمرك الدكتاتورية وتطمس معالم وجودك او ان تحضنك الديموقراطية وتستوعب همتك ونشاطك شعرة واحدة ؛ هي شعرة معاوية ؛ فاما ان تتسم صفاتك بالمرونة او ان يصفوك ﻻعمالك بالرعونة ، فكن ما شئت لما تشاء دويلة لك ؛ وليست لغيرك؛ كربان سفينة شهم صاحب نخوة و مرونة شاءت بسفينته اﻻقدار ان تكون للعواصف رهينة ؛ وتتخبطها اﻻمواج الى الشواطئ اﻻمينة حتى ارتطمت حبال المتن بالصخور عند الموانيء الحزينة ؛ وتملكتك الاقزام الوضيعة لتتهالك عليك بالشباك المتينة ؛ فتمتشق سيفك مدافعا و ترنو اليك اﻻماني الجميلة لتغدو ربانا عريقا شامخا ابيا بالعزة مستعينا ؛ وتهيم بالهيجاء مصارعا قديرا لتسقط لهم كل قلنسوة تغطي الرؤوس المستكينة وتكون قد سخرت للحياة بل حققت لدويلتك الآمال المستحيلة.
ففي فترة ما بعد حرب المخيمات السيئة الذكر انطلقت العديد من الانشطة الفلسطينية و على مدى اكثر من عشرين عام و بمبادرات فردية و جماعية كانت تحاكي العمل الوطني الفلسطيني في الداخل و الخارج ، و هذا ما لمسناه جميعا من انشطة طلابية و هندسية و حقوقية و فنية و طبية و اكاديمية مهنية متعددة ، ورغم الواقع الفلسطيني الصعب القائم من تحت ركام حرب مؤلمة فلسطينية ، لبنانية جاءت بعد اجتياح صهيوني كبير زلزل لبنان و الشرق الاوسط معا ، الا ان مبادرات عديدة فلسطينية من اجل لحم و ترميم ما تم تحطيمه او تكسره او تشرذمه من علاقات فلسطينية - فلسطينية او فلسطينية - لبنانية ، و من بين تلك المبادرات كانت مبادرات طلابية و شبابية وحقوقية في معظم المناطق اللبنانية و تحت مسميات فلسطينية واضحة و بتنسيق مع اطر لبنانية متعددة و متنوعة المشارب و المذاهب و الافكار ، لكنه كان يصب في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني الكبير ، وصولا الى مبادرات و ورش عمل و لقاءات و اجتماعات حثيثة في لبنان وخارجه من اجل احقاق حقوق مدنية للفلسطينيين المتواجدين في لبنان من باب حق اللاجئ حسب قوانين و اعراف دولية عامة اضافة الى بروتوكول الدار البيضاء للجامعة العربية و الذي ينظم استضافة و عيش الوجود الفلسطيني في الدول المضيفة و يحق له حق العيش بكرامة لحين عودته الى دياره ... وصولا الى اعلان فلسطين في لبنان و الذي خاض غماره المفوض السابق لحركة فتح في لبنان عضو اللجنة المركزية للحركة عباس زكي ، مشكورا ، حيث ارسى قواعد لعلاقات جديدة مع المجتمع اللبناني كله بمن فيه اليمين الذي كان في السابق رأس حربة بمواجهة الوجود الفلسطيني اثناء حرب السنتين الدموية و ما تلاهما خوفا من محاولات توطين او تمدد كما كان يذكر دوما في خطابات ذلك الجناح اللبناني المتوتّر سابقا ضد اي وجود فلسطيني في لبنان حتى انه بعض ريش ذلك الجناح كان يطالب بتهجير الفلسطينيين الى خارج لبنان ، مما استدعى عدة تحركات فلسطينية و لبنانية معا من اجل ازالة تخوفات بعض الفئات اللبنانية من الوجود الفلسطيني اضافة الى تحركات اخرى لبنانية تطمئن حلفائها و شركائها في الوطن من ان الفلسطينيين لم يعد لهم مشروعا في لبنان ان كان يظن من قبل ان لهم مشروعا معينا على وجه الخطأ ، حيث ان المشروع الفلسطيني هو فلسطين ولا شي سوى فلسطين .
هذا يدعونا ان نتذكر كل من سعى وعمل و ابدع في اي نشاط تربوي او ثقافي ، اجتماعي او فني، رياضي او سياسي ، او حتى نشاط فكاهي ....ونستطيع ان نخص بالذكر زملاءنا الذين غادرونا ، حيث توفاهم الله بأحلك الظروف وامسنا بالحاجة اليهما ، وكانت تتملكهما الشجاعة في انجاح اي نشاط واي فاعلية ، وكانت ميزتهم القيادية ومراسهم باثبات الوجود تجعلهم يتشجعون ويشجعون على ان تكون...حيث كان التحدي الفلسطيني ميدانيا ان تكون او لا تكون...فلا بد ان نذكر اخوين غاليين على قلوب من عرفهم وعاصرهم في فترة الثمانينات من القرن الماضي ، الكمالين شحرور وسليم ، رحمهما الله تعالى ، اللذين جمعتنا بهما ليس فقط العملية الثقافية التربوية النقابية بالاتحاد العام لطلبة فلسطين بل بصداقة واخوة وثبات بكل مبادىء وركائز العمل الوطني الفلسطيني ، كجزء من لجنة تحضيرية كان تضم نحو احد عشر اخا ورفيقا من كافة الطيف الفلسطيني في لبنان ، اطال الله بعمر الاحياء من الاخوة والرفاق باللجنة التحضيرية الذين لم يكلوا ولم يملوا يوما ، وكان ان زرنا احد رفاق الدرب والنضال مهنئينه باحدى المناسبات فبادرنا بعد الترحيب بنا بأن قال لنا مؤكدا علينا ان ( اعملوا بنفس وطني ولا تعملوا بنفس تنظيمي....) ، وهذا فعلا ما كنا نعمل به ومن خلاله نجحنا حيث كنا نقارع اباطيل الاونروا ، وكنا نناضل لنيل حقوق الطلاب بكافة مراحلهم ومع كل المرجعيات التربوية المعنية ، وعلى كل الجبهات....
كان الانتماء الوطني هو الحافز والدافع لاي عمل ، وكانت الشجاعة والجراة تجعل القيادة تتقبل الفكرة والراي والمشورة والتوصية حتى لو لم تكن تعجبهم او تلائم رايهم او فكرتهم لان الهم الوطني ، النقابي التربوي الثقافي ، هو الاولوية لديهم....وهو الهدف الذي نسعى من خلالهم كقيادة الى تحقيقه ويستدعي ان نتكاتف بتشجيعهم لنا كي نصل بالعمل الى بر الأمان...وكانت صغائر الامور ترمى خلف ظهورنا لان الامر الاهم هو الاساس....وشجاعة القائد وصوابية القرار جعلت الخلود ليس للشخص فقط بل وللعمل وللاهداف التي تحققت بنجاح.....فكما كان يوم المراة العالمي ويوم المعلم يجمعنا كانت ايضا ايام الكرامة والارض ونكبة ايار تحثنا اكثر على العمل سويا، وكما كان آذار شهر كي تزهوهر الانشطة كان ايضا حزيران يدفعنا بالرد العملي ميدانيا على كل هزيمة عربية ، واذا كان ايلول شهر نصر به ان نتذكر مخيماتنا في الاردن فكان قبله آب يجعلنا نتذكر تل الزعتر وضبية والكرنتينا ، ومع البقعة وجرش وعجلون ايضا اخوتهم مخيمي صبرا وشاتيلا ، واذا كانت مجزرة فردان بحق القادة الشhهداء الكمالين والنجار تدفع انتماءنا دفعا كي نحيي ذكراهم الوطنية وفكرهم الثوري ، فان عملية دير ياسين ، في الحادي عشر من شعر اللوز ،تقودنا الى رفع العلم الفلسطيني فوق رؤوسنا واسطح منازلنا للاستمر باعلان الجمهورية الفلسطينية اقتداء" بالشهhيدة دلال المغربي ورفاقها الابطال.... والتزاما بالاسس الثورية التي خطها القادة الشهhداء المؤسسون ياسر عرفات وخليل الوزير ومعهم ثلة العمل الوطني الفلسطيني برمته .
واذا لم يكن من النشاط بد فمن الاولوية ان نحتفل بتأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين ...الذي جاء ردا عمليا على مؤامرة تقسيم فلسطين....ونحتفل ايضا بانطلاقة الثورة ويوم الشهيد والاسير والاننتفاضة واعلان الاستقلال و كل ايام فلسطين ، التي هي بحاجة لموسوعات للحديث عنها والتوسع بذكها والتكلم عن احياءها وتسطيرها.... وايضا لا ننسى احياء ذكرى شهhداء الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية ، كما التزاور مع رفاق النضال من فصاىل واحزاب الحركة الوطنية اللبنانية ، لتعزيز اللحمة الوطنية ، مع رفاق الدم والشهادة والخندق الواحد ، ولم تكن روزنامتنا الفلسطينية تخلو من اي يوم من ذكرى او نشاط او فاعلية او بيان او مفكرة طلابية رمزية او حتى امساكية رمضانية لمثل هذه الايام المباركة ، حتى قال لنا الشهhيد القائد معين شبايطة ، في احدى زياراتنا له ، انا اكبر منكم سنا لكني حين اراكم او التقيكم اشعر بفخر واعتزاز ان الثورة يملؤها النفس النضالي بكم وبامثالكم.....
الحديث يطول والمناسبات الغالية كثيرة ، والذكريات لا تنتهي...فكن شجاعا فلا احد خالد ....الا بعمله وذكره الطيب وسيرته التي خطها بعمله وبقيت آثارها محفورة بالقلوب والعقول والارواح الى اليوم....
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت