- بقلم الاديب والكاتب العربي الفلسطيني ، الاعلامي د. رضوان عبدالله
رئيس الهيئة التنفيذية للاتحاد العام للاعلاميين العرب
هناك قول ماثور عن الامام علي ، كرم الله وجهه و رضي عنه وارضاه ، يقول فيه : احسن الى من اساء اليك ، ليس كما يشاع على لسانه مقولة غير مؤكدة : اتق شر من احسنت اليه ، لان عليا باب مدينة العلم التي اكدها رسول الله صلوات الله عليه وتسليمه ، وبالتالي لا يمكن للخليفة الرابع و احد المبشرين بالجنة وفاتح حصون خيبر ان يقول مقولة كهذه. وهو المتغاضي عن اساءات الكثيرين من البشر ، وهو ايضا المنبه النصوح للخليفة العادل عمر بن خطاب في كثير من مواقع حصلت حيث قالها عمر رضي الله عنه، وبجراة وشجاعة لم تحصل بكل دول الحكم الاسلامية وغير الاسلامية ( لولا علي لهلك عمر) .
موضوعنا اليوم لا يتعلق بالامامين ، الخليفتين الراشدين، عمر وعلي رضي الله عنهما، ولا بالعدل ولا بالنصح و لا حتى بالجراة او الشجاعة.موضوعنا يتعلق بالاحسان،والذي هو ركن اساسي من اركان الاسلام و الايمان معا ، ولب العقيدة الاسلامية كما بين لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين ساله جبريل عليه السلام عن الاحسان فاجابه ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك.
وبكل تواضع وبمسؤولية فردية عن نفسي ، ذاتي وعقلي وروحي، فانه من الضروري ان نحسن الى من اساء الينا وان نتركه فالله هو المحاسب والحسيب والرقيب ، ودوما نتسلح بحسبنا الله ونعم الوكيل،ونفوض امرنا الى الله ، ونترك امر المسيئ والمذنب لرب العالمين ليقتص لنا منه مهما علا شانه ،وخاصة اننا حين عملنا على علو شأنه ابتغينا وجه الله وليس ضدا باحد ولا نكاية بآخرين...وكنا ادآملين ان يكون من شأنه الخير ولو قليلا ولكن..... !!!
نستطيع ان ندعو عليه بظهر الغيب والله هو العزيز الجبار والمستجيب من عليائه المقدسة لمن يشاء ، ويقتص للمظلوم من الظالم ولو بعد حين ، وطبعا هذا المعيار لا ينطبق على العدو،فان للعدو طرق اخرى لمواجهته بها، بل هذا ينطبق على المنافس والخصم ووعلى الحسود اللدود الحقود....وحتى المغتاب لك والنمام عنك وعليك وعلى غيرك ،وفي ميازين العدالة تستطيع ان تلجا الى القضاء ليقتص لك ان احببت و ذلك يعود اليك....وايضا ذلك موضوع اخر لا داعي للمناقشة اليوم ولا التحدث به.
وما يجعلنا ان نترك الخلق للخالق وننام مرتاحي البال غير حاقدين على احد ولا بمثقال ذرة حتى نكسب جنات الخلد،صدقية الرواية التي حصلت في مرحلة بدء الرسالة الاسلامية،والقصة معروفة عن الصحابي الذي قال عنه رسولنا الكريم لصحابته في احد مجالسه ان من يقبل علينا الان هو من اهل الجنة...وباخر الرواية تبين ان ذلك الصحابي الجليل رضي الله عنه كان ينام وليس في قلبه مثقال ذرة من غل او حقد وحسد تجاه احد حسب التفاسير الصحيحة للرواية .
نحن نسامح ولا نخاف، نرفض الغيرة والحسد والحقد ولا نبغض ،ايضا نبتعد عن الحقد والغل والكيدية،ولا نرغب ان نعامل المخطئ بخطا مثله والا اصبحنا سواسية،وكلانا ربما ستتلحفنا النار بسبب تراكم وتعدد الاخطاء،ولسنا بملائكة لكن بمعيار العدل فان خير الخطائين التوابون، وهذا الحديث النبوي الشريف قاله احد الزملاء الافاضل عن شخص اخر في مناسبة معينة حين تاخر عن مناسبة كنا مدعوين اليها معا منذ اكثر من عشرين عاما، وزميلنا فهم ان ذلك المتاخر تاخر لسبب غير مقنع فاورد على مسامعنا هذا الحديث الشريف ( لطشة منه ) بحق ذلك المتغيب.....!!!
الاهم من ذلك فان من يعمل يخطئ،ومن لا يعمل لا يخطئ ولكن هناك فرق لاي عمل عن اي عمل اخر،وهناك فروقات فردية لكل شخص عن الاخر ، لذا فان العمل يختلف بتقنياته وبالتالي فان الخطا يختلف نسبيا بين شخص واخر.
ايضا عن رسولنا الكريم انه قال ( ان الله يحب احدكم اذا عمل عملا ان يتقنه)، وبالتالي فان الضرورة تقتضي الاحسان بالعمل وعدم التراخي او التقاعس او التقوقع وان يعمله باعلى درجات الاتقان اي يعمله على احسن ما يرام،والا فلن يحبه الله عز وجل ولن يحب عمله لانه غير متقن،لربما سيكون هناك غش او تقليل من الجودة او اقلال بالاهتمام الخ...،وربما غير معرفة اي (غشمنة)، كما يقال باللغة العامية.
ومن غشنا فليس منا،او من غش فليس منا، حسب روايات الحديث الشريف،و بالتالي فان المحرض هو يغش المعلومات بنقل ما لم يكن به عن الشخص المحرض عليه،ومن لا يتقن عمله فانه لا يعمل بالحسنى بل يعمل باقل منها وربما الى الدرجة الاسوا على الاطلاق.
ومن يطلق عنان لسانه بالنميمة او الاستغابة او حتى بالقول السيء وجاهة فانه يصل لاعلى درجات الاختلال السلوكي (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا.......ولا تنابذوا بالالقاب....)،صدق الله العظيم، ومن يكذب بوعده ويحنث به وصل الى درجة النفاق وهذه واضحة بالادبيات الاسلامية كلها، اما المؤمن فانه ربما يعصي بغالبية انواع المعاصي الا الكذب، لكنه لا يكذب،لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون )،والرائد لا يكذب، وهذه فيها تخصصية بالحديث الشريف،اي من عنده مسؤولية ومرتبة بقومه او بموقعه لدرجة انه رائدا بينهم فانه من المتوجب عليه انه لا يكذب،فكيف اذا تخطى كل هذه المعاصي والذنوب؟؟!!!.
سارق مثلا ...حرامي ....لص.....ذليل لكنه منتحل درجات نضالية او كفاحية او جهادية....اين هي الامانة عنده والمسؤولية....اين هي السرقة واللصوصية والحرمنة لاتعاب الناس نضاليا ومعنويا...وان لا تبخس الناس اشياءهم ، واكل مال الايتام والارامل واكل اموال الربى والسحت ؟والتلفظ بأقوال مشينة عن اعراض الناس واتهامهم بالباطل وكأنهم اعداء لانهم بحسب زعمه ( .........) ، ومنها قذف المحصنات الغافلات....اين كل ذلك من العمالة والخيانة....!!! اليست صنوان؟؟!!!.فالذليل بفضل الله لن يهزمني لاني بالدنيا متسلح بحسبي الله ونعم الوكيل ومفوضا امري الى الله، وبالاخرة اخذ من حسناته التي تاامر بها علي وعلى امثالي واقران مثلي في الدنيا كثيرون ،وهو (متشلح) من كلها ابدا.....فحسبنا الله ونعم الوكيل....حسبنا الله ونعم الوكيل ....حسبنا الله ونعم الوكيل.....!!!...اما الاذناب الذليلة الاخرى فلا تستحق ان نذكر عنها شيئا...ويكفيها انها اذناب....وما ادراك ما اذناب.....!!!...ورمضان مبارك عليكم جميعا.....
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت