زمن الجاروشة ..!!!

بقلم: رضوان عبد الله

رضوان عبدالله.jpg
  •    بقلم سفير الاعلام العربي عن دولة فلسطين، الاعلامي د . رضوان عبد الله

    كلنا يعرف الطاحونة التي يطحن بها القمح و الشعير و الكرسنة وباقي انواع الحبوب من عدس و حمص و فول الخ...؛على مستوى نسبة كبيرة من اﻻوزان من اجل طحنها واﻻفادة منها للاكل او للخبز او للمواشي.....و يعرف ذلك اﻻباء و اﻻجداد ، خاصة اﻻجيال القديمة و المتوسطة اﻻعمار؛ و نفس اﻻجيال تعرف طاحونة المياه (النواعير ) ؛ وطواحين الهواء و الماء على اشكالها و بتنوع و تعدد اسماءها ؛ اضافة الى الجاروشة و هي عبارة عن طاحونة منزلية ((عالمصغر)) ومكونة من حجرين و يتوسط العليا عصاة خشبية ماكنة ؛ كي تدور رحى الحجارة على بعضها البعض للطحن و للجرش .    
   و كان كثير من عائﻻت القرى و البلدات يقتنوا في المنازل؛ مثل هذه اﻻلة البسيطة والطاحنة للحبوب ؛ تخفيفا عن اﻻعباء للتنقل الى الطاحونة(بتحرزش رايحين جايبن عالطاحونة!!!)؛ و انما تقضي الجاروشة حالة الجرش المطلوبة في المنازل من اجل انجاز الطبخ بسرعة وتخفيفا للمصاريف او حتى تخفيفا عن تعب الذهاب و اﻻياب الى الطاحونة حيث ﻻ توجد طاحونة بكل بلدة بل كان كل عدة بلدات او قرى او ضيعات توجد طاحونة و يستفيد منها الناس و ((باﻻجرة طبعا))؛ لقاء مادي مقابل اي طحن او جرش ﻻي نوع  من الحبوب.
   و حينما كان دبيب الثيران في حرث الحقول ؛ وحينما كانت نواعير المياه تساقطها بخريرها العالي و هدير شﻻﻻتها المتواضعة كانت الطاحونة تدور اما على الهواء او على ضغط الماء ؛ و بتطور التكنولوجيا تطورت الطواحين الهوائية لتصيح  طواحين ميكانيكية؛ اما على المازوت او لربما على مولد كهربائي صغير ؛ و في شتاء او صيف كان العمل قي طواحين ذلك الزمان شغاﻻ و فعاﻻ و مثمرا ؛ اي متاحا بشتى المعايير و المكاييل بغض النظر عن حرارة او برودة الطقس ؛ و حسب الموسم الزراعي و قطافه و حصاده ؛ و من ثم طحنه او جرشه.
   و لم يكن لصعوبة اﻻحوال الجوية اية تأثيرات على مسار الطحن و الجرش؛ ناعما كان او خشنا، رغم صعوبة المواصﻻت و بدائياتها ؛حيث كان التنقل على الحمير و البغال ؛ و في احسن اﻻحوال على الفرس او اﻻحصنة و الجمال ان وجدت .لكن المفارقة ان دوران الطاحونة و حتى دوران الثور الذي كان يشغلها او يشغل نواعير المياه للري و للسواقي،وكأنه الة ميكانيكية ﻻ تتعب ، ذلك الدوران اليومي المتواصل للبهيمة من جاموسة او غير ذلك كان له مردود ايجابي؛ وكان الناتج جيدا مع حصاد جيد او حتى متوسط البركة و المنتوج... ! و كان لدوران الطاحونة و دينامية عملها اﻻثر الجيد على الحصاد و على الطحن...
   وبالعودة الى جاروشة المنزل التي ﻻ زال الكثير من اﻻهالي يحتفظون بها ؛ اما كذكرى او كتاريخ او حتى كاستعمال ؛ فان هدير جرشها او حتى طوشات صوت الطاحونة كان ينسى حين يكون هناك ناتج و منتوج يضفي رونقا على هدوء الحياة التي تحولت فيما بعد الى صخب و ضجيج ؛ و تحول الطحن الى جعجعة ؛ و تغيرت جاروشة القمح و العدس و الحمص و الفول الى جاروشة تأكل بعضها كما هي نار الحر ان لم تجد ما تأكله؛ و تحولت البيارات و المقاهي الى عبث ولهو ايادي و مواطيء اقدام فيها تاكل الناس بعضها كما الجاروشة تاكل ناعم الجرش المطحون و ترميه مذموما خارج الرحى بينما يتحول الحب الى جريش و تحول الجريش الى طحين ناعم جاهز للخبز او للطهي او للمونة الشتوية بدءا من موسم الحصاد الصيفي وانتهاء يالتخزين الخريفي.
   لكن من تدوي حروفهم المنافقة بجرش الوعود كما لو كانت تدوي احجار رحى الطاحونة او الجاروشة مع فوارق عديدة اهمها ان الجاروشة كان لها فوائد من خﻻل انجاز الجرش ايذانا باﻻستعمال للاكل و للمونة و .....و حتى لاكل صحن حمص يروتيني خالي من اي غش واي دسيسة؛ اما بليلة القمح فكان ما كان من استعمالها للسنونية التي تتحول الى اضراس للاكل ؛ ﻻ اضراس لاكل اللحم الميت ((فكرهتموه)).  
    والهام المفيد اﻻخر للجاروشة هو تعاطي اﻻحجار القاسية القلب مع حبوب القمح و العدس و الحمص و الفول بقساوة لتنتج منهم ناتجا نافعا وصيبا مفيدا؛وايضا فمن الحجارة ما تتفجر منها اﻻنهار تصديقا لقول الله عز و جل في محكم كتايه العزيز .
   و على ضعف حجمها و صغر شكلها لكن للجاروشة اثرها العالي و الكبير و الرائع المفيد بنفس الوقت ؛ اضافة الى نتاجه المبروك و المؤثر؛ولكن اﻻم التي كانت تستعملها كانت تضع بركاتها فيها بعد التسمية باسم الرحمن الرحيم و انتهاءا بالحمد و الشكر على نعمه و تمجيده على درء النقم؛ وما تكنه اﻻحجار بمعانيها القاسية اهم و انجح ((ومن الحجارة ما تتفجر منها اﻻنهار ))) مصداقا للايات الشريفة المقدسة كما قلناه اعﻻه ؛ واطيب مما تكدسه احجار شطرنج وضعت على رقاع يتم تنقلها بل يتم نقلها من مكان الى اخر حسب القوة و النفوذ والمنفعة و الوريث و الطغبان.
   انه زمن جاروشة القرار السياسي الملعون ديموقراطبا و الطاغي بظلمه على اﻻعداد الجماهيرية الفقييرة و الطبقات المسحوقة ؛ زمن طغت قيه احجار للجاروشات او للجواريش ان صح جمعها تكسيرا كما يتم تكسير الفكر و الطموح و اﻻبداع و الرأي الحر و التعبير الشجاع؛ لتطحن تلك الجاروشات كل ما يصادفها من الغث و السمبن سويا و لتنعم(بتشديد العين) الخشن ،و لتطحن كل ما يوضع بين حجريها كي يسود التنعيم و الترقيق و التعبيد ليتم اﻻستغناء عن حب الحصيد و حب الحصاد و شوك الورود الحاضنة لرحيق ثمار مستقبلية واعدة.  
    انه زمن الجاروشة المعاكسة لدورها الوطني و القومي اﻻصيل في تدوير الحصاد وتحويله الى غذاء وليس قي تدوير زوايا ﻻ يجب ان تدور تيئيسا وتسييسا و تنكيﻻ و تدجيﻻ....وغشا للامانة و تكبيﻻ للعدالة واضاعة للحق وابعادا للسؤدد وافشاءا للخراب و تعميما لليباب....جاروشة عمياء ﻻ تبقي وﻻ تذر...جل همها اخذ الحب جملة و تفصيﻻ؛ستنكسر احجارها ذاا اﻻسنان الداخلية المهترئة حينما ينكسر ذلك العود الخشيي اﻻصم المحرك لها و المتربع فوقها؛ وستزول أثار بطش اية جاروشة  حينما تذوب حجارتها ايذانا بانتهاء فساد طغيانها.....جاروشة ليست كالجاروشة.. جاروشة الغش و الخداع و التدليس و الابليسية بل اﻻبلسة...ولعن الله ابليس اول من جرش يين آدم و حواء وفرق بينهما عن الجنة...حيث لم يجتمع حجرا رحى اﻻ و كان ثالثهما حبا مطحونا....!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت