- د. طلال الشريف
كنا نتحدث عبر الماسينجر كما هو دارج هذه الايام مع إبني محمد في كندا وبنسترجع مواقف حفيدي طلال ذو الثلاث سنوات وعن شطارته وكيف بتصرف وحركة عينيه وجسمه وإيديه المعبرة بجمالية عن مضمون ما يفعل ويتصرف ...
قلت له، لإبني محمد، هذا إبنك طلال شاطر وذكي لكنه مصلحجي من يوم ماولد، ومن اكتشفت ذلك هي سته ام شادي، لإنو طلال ولد بمعيتنا أنا وجدته حين سافر والده محمد لعمل اوراق السفر لإبنه وزوجته لكندا.
كان طلال الصغير يدوب يرضى يروح مع عمه فارس الذي كان يسكن معنا ولا عمته فاتن لما تيجي مع اولادها عندنا ولا حتى مع سته التي تقوم على تغذيته.
طلال عمل مقالب مع سته لما تجيبله الحليب والاكل يجلس بحضنهاعلى طول، وبمجرد يخلص اكل يتركها، وياتي لحضني، ومن يومه تعلق بي لاني كنت بلاعبه وبقضي معه وقت طويل ويرفض ان يتزحزح من عندي إلى أي حد حتى نفس الحركات كان يفعلها مع أمه، يعني خلاص بدو سيده وبس، صارت سته تقول عليه هذا الولد مصلحجي لما بجيبله الحليب والأكل بيجي معي بياكل وبيسيبني بسرعة لحضن سيده.
غادر طلال مع والدته إلى كندا لأبيه ونتواصل يوميا طوال الوقت منذ عامين ولا نترك الماسينجر انا وهو طوال اليوم إلا اذا كان نايم،
يعني طول الثلاث سنوات بيحكي معي ومرتبط بي ارتباط غريب، طبعا هيك الاحفاد وصار عنده ثلاث سنوات لم نره منذ سافر قبل عامين ..
هناك أصبح لهم جيران وأطفال صحاب بالروضة وعائلات تزورهم بالبيت وهو يرتبط ببعضهم وببلعب معهم عادي وبمجرد عودته من الروضة للبيت يرن عالماسينجر وين سيدي، واستمرت العلاقة قوية جدا، وانا مبسوط وهو مبسوط.
الاطفال الصغار الحلوين في هذا العمر يشعرونك بالسعادة لما يسالوا عنك ويلعبوا معاك.
بالأمس كان عندهم احد الذين يحبهم طلال شاب ذهب للدراسة في كندا قبل عام وحفظ اسمه وكلما جاء هذا الشاب يزورهم يكون طلال مبسوط عالآخر.
امس على موعد افطارهم هناك في كندا اتصلت عليه لنتحدث زي كل يوم، وما ان فتح الكاميرا وجدته مبسوط عالآخر بيقلي عنا عبد الجبار عنا عبد الجبار عنا عبد الجبار وابتسامته غامرة كما تخبرك حركة عينيه، قلتله طيب يا سيد أسكر، قلي أه عندنا عبد الجبار ، ولأنها المرة الاولى التي لم يرفض تسكير الاتصال معي لأنه كنا نتحايل عليه ساعة لما اتعب وبدي اسكر، وطبعا ما بيرضى يسكر ولو سكرت بيرجع فورا يتصل، سكرنا بالأمس وللمفاجأة لم يرجع طلال يتصل كعادته، ستو قالت لي هذا ولد دواونجي ملوش بقا انا عارفاه ..
الصبح تاني يوم بنتحدث مع ابوه محمد وبنقلو والله يا محمد طلال من زمان ستو قالت عليه مصلحجي، قعد ابوه يضحك، قلت له والله انا خايف يا محمد ابنك يطلع نصاب قلي ياريت بيريحني وبطمن عليه في هالدنيا لانو الطيب والغلبان ملوش طريق في هذه الايام...
انتهى مشهد طلال اللي فاجاني على غير عادته انه وافق على تسكير الماسينجر.
تعالوا للنقاش في الاهم:
قلت لإبني محمد ما تخاف، إبنك، طلال، ولا عمره بيصير دواونجي وهو بيتصرف بلأ، لا ابوه، ولا أمه، ولا عيلتنا من هذا النوع ولا عيلتهم، كيف بدو يطلع طلال دواونجي؟ مستحيل ، احنا يا محمد معروف عنا الطيبة وبنعرفش إندوين زي بعض الناس. حتى كتير الطيبة تبعتنا وعملتلنا ضيق لما بيستغلوها اللؤماء ورغم هيك كنا بنمشي.
يا جماعة الخير انا لديا قناعة راسخة إنو اللي بيسموها "طيبة" هي في الجينات اي "الطيبة جينات" ومهما حاول الطيب ان يغير سلوكه بيظل طيب ولا يتغير، والناس شبه أهلها رغم المثل اللي بيقول " الناس أشبه بزمانهم من أهلهم"...
الناس الحقيقة اشبه باهلهم ولا يغيرهم الزمن لان الطيبة محمولة عالجينات... الطيبة مش هبل ديروا بالكم، الناس الانتهازيين بيستغلوا الطيبين صحيح، لكن بحياتي عمري ما شفت طيب بيخش بمشاكل خانقة تدمر حياته وحياة أولاده، لكن شوفوا غير الطيبيين بدناش نقول اللئيمين، وهي الكلمة المضادة للطيبة في مفهوم اهل غزة، خلينا نقول من خبرتنا الله يساعد الناس غير الطيبين على حياتهم وقصصهم ومشاكلهم ونظرة الناس إلهم وهم لا يشعرون ، ناهيك عن امراض تهجم عليهم مبكرا مثل الضغد والسكري .. هذا شفته بسنين عمري كتير وهو طبعا ثمن بلا تجني على الناس ، اللئيمين لم ارهم مرتاحين وسعدا زي الطيبين وبيدفعوا ثمن لؤمهم لان اللؤم مركب نقص وجهل واضطراب.
يتواصل انتاج الاجيال وتستمر الصفات تنتقل بالجينات فهناك الطيبون وهناك الحذرون وهناك المدبرون وهناك اللئيمون وهناك المصلحيون وهنا الدواونجية وهناك النكديون وهناك حاملون لجينات الامراض، وهناك اللي بيسموهم اهل غزة تيوس وكلها جينات، هيك الدنيا.
تستمر قصة الطيبة واللؤم مع الاجيال رغم اختلاط البشر ولكن تبقى الجينات تحمل نفسها من جيل لجيل ولاذنب للناس بما خلقوا عليه من شكل ومضمون رغم استمرار الناس في محاولة التغيير والظهور بمظاهر اخرى ثبت انها احيانا كثيرة هي عبارة عن ماسكات او أقنعة تلبسهم اياها الايام وتنكشف فجاة عن المحكات ..
أليس الطيبون للطيبات، مهما فسروها لكنها جينات، وقالوا الطيبين غلبوا الصالحين، فالأصل جينات لن تتغير اللي انخلق من جين طيب راح يظل طيب واللي انخلق من جين مش طيب راح يتكرر ، راجعوا مجموعات الناس بأثر رجعي ستجدون النماذج متكررة عبر الأجيال ..الطيبة وعي جيني وعدم الطيبة جهل جيني ولا ذنب للإنسان من اي جين خلق .
نأتي للخلاصة
حتى إن معنى "طيب" الأكثر دقة وجمالا هو الحي، والحي تضاد للموت، والطيبة تعني الحياة او السعي للبقاء وليس السعي للموت، رغم ان نهاية الحياة هي الموت.
لو ما كانت الطيبة جينات وعي لما وجدنا أن اللؤم جينات جهل تملأ سجون المجرمين وتملأ المستشفيات العقلية والنفسية والمحاكم.
خذ امثلة:
غالبية السياسيين والرؤساء لئيمين وحياتهم تعيسة وتجد 99% يقتلون على مر التاريخ أي انهم مركبات جهل.
التجار الجشعون وهم غالبية أيضا وهم في نزاعات وتهرب وخلافات مثل السياسيين لان مركبات الجشع في دمهم أي جينات جهل وليس جينات وعي.
السرقات، وجرائم القتل، والفساد هي جينات لؤم وليس ذكاءا كما يتصور ويتحدث الناس دائما،
القاتل واللص والذي يسعى بين الناس بالفساد والضغينة وتاجر المخدرات الذي يفسد المجتمع وحتى متعاطيها هي مركبات نقص أي جهل يتورط فيها الأقل حذرا والاقل ذكاءا..
الطيبون أطول اعمارا لأنهم لا يجازفون ولا يقامرون وهم مسالمون ،واللؤم يقتل صاحبه كما يقول المثل، واللؤم يوردك الحتفا.
قلما تجد في السجن طيبون، وقلما تجد في مسشتفى المجانين طيبون، وقلما تجد في ملفات القضاء طيبون ...
ملاحظة :
يجب عدم الحكم على الجسد
يجب أن يقبل الجسد دون شروط
مثل الحب، هو الجسد، يقبل دون شروط.
المهم :
لا يتقبل معظم الناس أجسادهم، لكن كل الناس تتقبل عقولهم .. هذا محزن !! وهذه قصة أخرى نتحدث عنها لاحقا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت