- محمود خضر
- ماجستير علوم سياسية
أعرب السيد وينسلاند عن قلقه العميق إزاء أعمال العنف والتحريض الأخيرة، ولا سيما المواجهات العنيفة داخل المسجد الأقصى في القدس، وحث الجانبين ودول المنطقة والمجتمع الدولي وإعادة الانخراط والعمل من أجل السلام ورؤية الحل القائم على وجود دولتين، وشدد على أنه "لا بد من وضع حد للإجراءات الأحادية والاستفزازات والتحريض التي تمكن من العنف ومنع التقدم نحو حل هذا الصراع وإنهاء الاحتلال".
وأعلن عن مقتل 17 فلسطينيًا، وإصابة 200 على يد القوات الإسرائيلية خلال المظاهرات والاشتباكات وعمليات البحث والاعتقال والهجمات المزعومة ضد الإسرائيليين وغيرها من الحوادث. وإصابة 39 فلسطينيا آخر على أيدي مستوطنين إسرائيليين أو مدنيين آخرين في هجمات إطلاق نار وإلقاء حجارة وحوادث أخرى، واستشهد اربعة مدنيين اسرائيليين واصيب 31 اخرون برصاص فلسطينيين في عمليات اطلاق نار ودهس واشتباكات وإلقاء حجارة وزجاجات حارقة وغيرها من الحوادث. كما قتل مواطن أجنبي وأصيب سبعة آخرون. وأضاف أنه ظلت مستويات العنف المرتبط بالمستوطنين في الضفة الغربية مرتفعة، في حين ظلت عمليات الهدم والاستيلاء على الممتلكات المملوكة للفلسطينيين تشكل مصدر قلق بالغ.
يُعتبر عام 2022 الأكثر دموية وعنفاً في فلسطين، حيث شهد هذا العام انتهاكات كثيرة لحقوق الشعب الفلسطيني، ومنها حقوق الطفل باستشهاد عدداً كبيراً من الأطفال، كما تعرضت المرأة إلى انتهاكات عديدة كان أبرزها استشهاد الصحفية شيرين أبوعاقلة. وارتفع عدد الشهداء والمصابين والمعتقلين في فلسطين ارتفاعاً كبيراً لم تشهده فلسطين منذ عام 2005، حيث وصل عدد الشهداء إلى 230 شهيداً، بينهم 171 في الضفة الغربية، و53 من غزة، و6 من فلسطينيي 48، و9335 إصابة و6500 حالة اعتقال، و 833 مبنى فلسطينياً هدمه الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها مناطق شرقي القدس. و793 هجوما للمستوطنين، و13130 شجرة زيتون تم إتلافها أو اقتطاعها. وقامت إسرائيل بالتصديق على 116 مخططاً استيطانيا، تستهدف 9700 دونم من الأراضي الفلسطينية بأكثر من 13 ألف وحدة استيطانية، منذ بداية 2022 حتى نهاية أكتوبر.
في ظل هذه الانتهاكات، تظل الأمم المتحدة صامتة، وتغض النظر عن من يتسبب في العنف (الاحتلال الإسرائيلي)، ولم تتخذ أي إجراء واقعي وخطوات فعلية لحل المشكلة، ولم توجه أي لوم على مضاعفة معاناة الفلسطينيين.
وعلى الرغم من إقرار الأمم المتحدة بانتهاكات الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة مثل القتل العمد والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والتدمير الواسع للمتلكات، وأن هذه الأفعال تؤدي إلى المسؤولية الجنائية الفردية. واستخدام الدروع البشرية أيضا يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
إلا أنه لم يتحقق شئ على أرض الواقع، وتظل فلسطين تعاني إلى الآن، بل تزداد حجم المعاناة. ما تفعله الأمم المتحدة هو فقط تشخيصاً للمرض دون علاجه، فتكتفي برصد الانتهاكات والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني مثل جرائم القتل و تدميرالمنازل والمصانع والمدارس والمستشفيات ومراكز للشرطة وغيرها من المباني العامة ، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات جاءت نتيجة لسياسة متعمدة ومنهجية، دون أن تقدم حلول ونتائج فاعلية واقعية لحل المشكلة.
دعا السيد وينسلاند الأطراف والمجتمع الدولي إلى تعزيز المؤسسات الفلسطينية وتحسين الحكم وتعزيز الصحة المالية للسلطة الفلسطينية، وسط تدهور الوضع على الأرض، حيث تواجه السلطة الفلسطينية تحديات مالية ومؤسسية كبيرة، مشيراً إلى أن كيانات الأمم المتحدة التي تقدم الدعم للشعب الفلسطيني تواجه نقصًا كبيرًا في التمويل، مما يؤثر على تقديم الخدمات الأساسية.
بالإضافة إلى نقص التمويل، يعد السبب الرئيسي في هذه المشكلة هو تقييد فلسطين بسياسات الاحتلال والحصار الإسرائيلي، لاسيما في ظل حكومة بن غفير، التي تقوم بمصادرة أموال السلطة الفلسطينية.
وفي ختام ملاحظاته، حث السيد وينسلاند الإسرائيليين والفلسطينيين ودول المنطقة والمجتمع الدولي على إظهار القيادة وإعادة الانخراط والعمل معًا من أجل تحقيق السلام، مشيراً إلى أن الهدف هو إنهاء الاحتلال وحل النزاع وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والاتفاقيات السابقة لتحقيق حل الدولتين.
بالنسبة إلى حل الدولتين الذي تحدث عنه الأمين العام للأمم المتحدة، يستحيل تطبيقه في ظل حصار غزة، والانقسام الفلسطيني، والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال مثل الاستيطان وفرض العقوبات، وخرق قواعد القانون الدولي، وبنود إتفاقية أوسلو.
على الأمم المتحدة ألا تكتفي برصد الانتهاكات والتنديد بها، وأن تقدم حلولاً على أرض الواقع، ينبغي أن تمارس ضغطاً على الاحتلال لرفع الحصار المفروض على غزة، تطبيقا لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان وقرار مجلس الأمن 1860(2009)، هناك ضرورة لتطوير البنى التحتية وزيادة الاستثمارات في الهياكل الأساسية، وزيادة الدعم المقدم من الدول المانحة من أجل انتعاش الاقتصاد وتخفيض معدلات البطالة.
ولابد من فتح تحقيق جنائي سريع ونزيه في جميع عمليات القتل والاصابات والاعتقالات التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، ومعاقبته على الجرائم التي مارسها ضد الشعب الفلسطيني، لأن الإفلات من العقاب يؤدي إلى استمرار الجرائم ومزيداً من العنف، حيث كفلت المواثيق الدولية حقوق المرأة والطفل في وقت السلم والنزاعات المسلحة، ومخالفة هذه القوانين يعاقب عليها القانون الدولي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت