- بقلم الاديب والكاتب العربي الفلسطيني د. رضوان عبد الله
كثيرا ما تتزركش الطرقات بالحفر و تغرق الشوارع شتاء بالماء حتى يخيل اليك انك تمشي على نهر بسيارتك او حافلتك او حتى دراجتك الهوائية او النارية ؛ و تنسى انك راكب بتوصيلة برية و ليست مائية او برمائية ؛ وتشعر مرارا انك تعيش في فينيسيا الشرق خصوصا في اﻻحياء المسماة احياءا شعيية و هي كثيرة في المدن و اﻻرياف ؛ بل هي كل احياء المخيمات اذ تحتاج في موسم الشتاء الى قارب يقلك من ضفة الى ضفة في مخيم او تجمع او حتى في حي شعبي ما...
و لحسن حظ اشقائنا من الشعب اللبناني ان هناك اتتخابات دورية تارة نيابية و طورا اختيارية و بلديات مما يدفع المنتخب ؛ بفتحة على الخاء و ايا كان ؛ الى محاولة تلميع صورته امام اهل المنطقة خاصته اما ببعض المساعدات العينية او لربما ببيعض الدريهمات المالية تنفيذا لوعود قديمة سابقة دون ان تسمى برشاوى طبعا ﻻنها مكرمات ﻻهل بلدته او ضيعته او مدينته و هو ملزم اخﻻقيا و ادبيا ووطنيا بهم ؛ و في كثير من اﻻحايين يتم تلميع صورة ذلك النائب او رئيس المجلس البلدي الذي هو عن التقصير بحق شعبه يبدوا قي وقتها كانه تائب ؛ او تلميع صورة النائب او المجلس البلدي او حتى المختار بقليل او كثير من اغﻻق للحفر المترامية اﻻطراف على طرقات البلدة او بين شوارع المدينة كما يحصل في مختلف اﻻيام؛ فيتم فرش السجاد اﻻسود على تلك الحفر بعد ان يتم تنظيفها بالبوب-كات و بالمكانس الكبرى ؛ و يخيل اليك بعد ان يتم تزفيت المنطقة انك تتمايل برقصات البامبو على سجادة سوداء لامعة تنافس في سماكتها السجاد اﻻحمر الذي يفرش امام الملوك و الرؤساء و الزعماء الكبار عموما حين يتم استقبالهم في اليلد المضيف....
عجيبة هي هذه السجادة؛ كم هو رونقها جميل المظهر و راقي اللون بمدته الزمنية كل اربع او ست سنوات؛ ولكنه لمعانه لا يستمر اﻻ ﻻشهر معدودات حيث سماكة السجادة ﻻ تتعدى السنتيمترات الثﻻثة او الخمسة كأسمك مدى ، رغم ان السجادات الحمراء ﻻ تقل سماكتها عن الخمسة الى ثمانية سنتميترات ، كي يرتاح الضيف العزيز حين يستعرض حرس الشرف وﻻ يشعر بحر (مع تشديد الراء) اﻻرض وﻻ ببردها حين يكمل اﻻستعراض حسب وقت وفصل و طقس الجو الذي يزور به البلد المعني.
و بعودتنا الى السحاة السوداء ؛ فان قيمتها المعنوية جيدة لسياراتنا و لعرباتنا عموما و حتى لدراجاتنا التي تستانس بالمشي قدما حين تتحسس رونق السواد اللامع تحت دواليبها حتى يشعر الدوﻻب انه محمول على اﻻكتاف في تظاهرة رباعية السنوات او سداسيتها.
كم هو جميل ان ﻻ يتم التمديد لممثلي الشعب انى كانوا واينما حلوا ؛ ﻻن التمديد يجعل السجادة السوداء القديمة المتعددة الحفر و التقرحات وكانها ممرا لحافلة مغامرة ممكن ان يفقع دوﻻبها في حفرة ليدوي صوته باﻻرجاء عاليا كانه انفجار تفزع بسببه اﻻطفال و النساء وكبار السن و بهائم و طيور و حشرات البلدة او المدينة او الريف.....او المخيم...
الملفت بالصدفة لهذا الموسم في هذا العام ان بعضا من مخيمات اللجوء يتم فرش السجاد اﻻسود على طرقاتها و زواريبها التي كانت تضج بالحفر و المجارير كالخنادق المكشوفة والتي في كثير من اﻻماكن تكون تلك المجاري بخيﻻء حشراتها و قوارضها تمر من امام روضة او عيادة او حتى مدرسة او مجمع طبي عريق . وفي اﻻغلب ﻻ يكون مرتاديها اﻻ من المعدومين او الفقراء او من متوسطي الدخل ؛ ان بقي هناك فئة تسمى متوسطة الدخل؛ و بكل اسف حتى مسؤولي الروضات و المؤسسات ﻻ يكون اطفالهم من ضمن منظومة تلك المؤسسات؛ فالقضية ليست مسؤولية حزببة بل مسؤولية مؤسساتية؛ وﻻ يتذكر احدا منهم مقولة لعمر لو تعثرت دابة في العراق لسئل عنها عمر ؛ او كما قال رضي الله عنه ، ﻻن المؤسسات المسماة بغير الحكومية مشاريعها محدودة ﻻن اهدافها بالاساس محددة ونتائج غالبيتها تطير على بساط يشبه بساط الريح الى سندباد بعيد المطال يفوق بتطلعاته و طموحاته كل سندبادات العرب .
تلك الفئات الفقيرة و المعوزة قد حرمت من اﻻساس من ان تعبر جسور الشقاء الى واحات الهناء ﻻ على سجاد احمر و ﻻ حتى اسود؛ ولم تﻻمس كعاب احذيتهم او جزماتهم الكاوتشوكية اﻻ شوارع اللجوء و الشقاء و العناد المستمر للبقاء.
فكم من سجادة قد تعثر على بقاياها رجال اشداء بالفخار كرماء بالنبل و العطاء ؛ رغم انه قد اكل عليهم دهر التعب و النضال من اجل كسب القوت العائلي ؛ و من اجل مقاومة الظلم و التعسف و الجور؛ وناضلوا من اجل البقاء وليس حبا بالبقاء بل بأمل العودة الى الديار و لو على نتاتيف بساط او (قياس - مداس كما يتنوع اسمه التراثي) او سجادة ذهبت عنها كل اﻻلوان وبقيت هي كما اتوها منذ ما يزيد عن سبعة عقود و نيف ؛ اي منذ ما يربو على ال75 عاما؛ فطريق فلسطين مهما كانت حجارتها قاسية تبقى احن و اجمل و احلى و اريح من سجادات فرشت للاجيال كي ينسوا من و ماذا و ما هي فلسطين...
اخيرا ﻻ بد من نصيحة لنا كلنا ؛ علموا ابناءكم المشي بعزة و كرامة على بقايا سجاد لم يتغير لونه افضل من ان يتمخطروا على ريش انعام تتمزق رويشاته من تحتهم عند اول هبة ريح باردة كانت ام ساخنة...فقل للعواصف ان تعصفا....!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت