غرفة العمليات المشتركة.. الوحدة في زمن الإنقسام

بقلم: أشرف صالح

أشرف صالح.jpg
  • أشرف صالح

 لم يشهد الشعب الفلسطيني منذ تاريخ الإنقسام الأسود حتى يومنا هذا يوماً يبكي عليه , ولم يسمع جملة مفيدة يستطيع أن يراهن عليها , ولم يتحقق وعداً من الوعود , ولم يرى أملاً ولا نوراً , فكل المستويات الرسمية في الساحة الفلسطينية فشلت أن تعطي نتائج حقيقية , سواء على المستوى السياسي أو الإقتصادي أو العسكري , أو حتى الإجتماعي ,  فما بقي للشعب الفلسطيني إلا أن يسمع شعارات وأكاذيب , وهو مرغم على تصديقها , ولا يمتلك أن يغير فيها شيئ أو يعارضها , ومن هذه الشعارات الكاذبة والتي ضللت الشعب الفلسطيني لعدة سنوات "حصار غزة , إنتصارنا في كل الحروب , إسرائيل هي سبب الإنقسام , خيانة العرب... إلخ" وهناك الكثير والكثير من الأكاذيب والشعارات والتي بات الشعب يسمعها في الصباح والمساء , فهي لا تغني من جوع , ولا تغير في الحقيقة شيئ ,  والغريب في الأمر أننا نسمع دائماً شعاراً يتربع على عرش الشعارات وهو" مرمغنا أنف إسرائيل بالتراب" إذاً لماذا لا زلنا تحت الإحتلال طالما أننا بهذه القوة...

إن المقاومة الفلسطينية في تعريفها الصحيح , هي حالة من الإشتباك الدائم مع الإحتلال حتى تحرير فلسطين من البحر الى النهر كما كنا نسمع منذ زمان بعيد , أو على الأقل تحرير فلسطين على حدود 67 كما نسمع اليوم , وهذه بالطبع ليس بالموضوع السهل , ولكن يجب أن يكون صعباً ايضاً بالنسبة للإحتلال , فالمقاومة تعني تكليف الإحتلال خسائر طالما أنه لا زال على أرضنا , وإستنزافه بشكل مستمر , وإرغامه على الجلوس معنا للإعتراف بحقوقنا , وإرغامه على تسهيل حياتنا اليومية كشعب أو كدولة لا زالت تحت الإحتلال , ولكن كيف هذا سيحدث في زمن الإنقسام , وهنا لا أعني فقط بالإنقسام المزمن بين مؤسسات الدولة , بل الإنقسام في المواقف والبرامج السياسية , وكيفية المقاومة وتوقيتها المناسب , فنحن نعاني من الإنقسام في كل شيئ في حياتنا , وأهم نقطة في هذا الموضوع هي نقطة الخلاف بين سلوكنا كدولة , والمتمثل في السلطة الوطنية الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير , وبين سلوكنا كفصائل مقاومة , والتي نصفها يميل الى منظمة التحرير , والنصف الآخر يميل الى ما يسمى بمحور المقاومة , سوريا وإيران وحزب الله...إلخ , ويحاول أن يصنع جسماً موازياً لمنظمة التحرير , والغريب في الأمر والجميل أيضاً أن حركة فتح وهي كبرى الفصائل الفلسطينية تمارس سلوك الدولة من جهة , ومن جهة آخرى تمارس سلوك المقاومة وعلى جميع المستويات , فوجود حركة فتح في الغرفة المشتركة في غزة , هو إستكمال لمشهد وجودها وهي تتربع على عرش العمليات النوعية في الضفة الغربية , وإستكمال لمشهد وجودها في مؤسسات الدولة...

إن غرفة العمليات المشتركة في غزة والتي يعمل تحت سقفها أكثر من إثني عشر جناحاً مسلحاً , عبرت عن أجمل ظاهره فلسطينية على مر التاريخ  , فهي لا تعكس الوحدة الوطنية والفصائلية فقط , بل تعكس فلسفة جميلة قد يصعب تفسيرها في بعض الأحيان , ولكن لمن يدقق ويتابع فيجد أنها لا تجمع فصائل فقط , بل تجمع أفكاراً راقية وجميلة , فمثلاُ وجود حركة فتح كجناح مسلح في هذه الغرفة بجانب باقي الفصائل يعني أن العمل في الكفاح المسلح لم يتوقف , حتى لو كان هناك مفاوضات أو تسهيلات أو إتفاقيات أو معاهدات دوليه تلتزم بها الدولة , وأيضاً حركة حماس تمارس نفس السلوك وإن كنت لا أتفق معها في كثير من الأمور , ولكن هذا السلوك يعطي إنطباعاً بأن متطلبات مؤسسات الدولة قد تتعارض مع العمل المسلح , ولكن التوقيت هو الذي يحدد متى وكيف , فغرفة العمليات المشتركة يأتي دورها المناسب في التوقيت المناسب , وينتهي دورها عندما يبدأ دور الدولة كؤسسات حكومة , ورغم أننا في زمن الإنقسام , إلا أن غرفة العمليات المشتركة شكلت نمذجاً مشرفاً نستطيع من خلاله أن نشعر بالوحدة الوطنية والكفاحية , ونتمنى أن تتطور هذه الغرفة على المستوى الجغرافي والمستوى السياسى والمستوى الفكري , حتى نستطيع أن نخرج من زمن الإنقسام الأسود وندخل زمن جديد يكون عنوانه غرفة العمليات المشتركة .

أشرف صالح – فلسطين

كاتب وإعلامي وسياسي

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت