(نبش في الذاكرة) السياسة مثل قشرة الباذنجانة

بقلم: علي بدوان

علي بدوان
  • بقلم علي بدوان

في دورة بمعسكر معلولا عام في النصف الثاني من العام 1979، وفي جلسة تثقيفية مسائية، تحدث عضو المكتب السياسي عصام عبد اللطيف (ابو العبد)، فقال : السياسة متل قشرة الباذنجان، تتدرج من الأسود الغامق الى البنفسجي الى الأبيض تقريباً عند حواف رأس الباذنجانه، وهكذا علينا أن نتعاطى بالسياسة ببراغماتية، دون أن نفقد المبادىء والأهداف ... 

قلت له : هل يعني أننا في خانة الرماديين ...؟

فأجاب أبو العبد عصام عبد اللطيف : لا لا لا يارفيق ...!

تشجّعت، وبوعيٍ كان يتشكّل في دواخلي، وانطلاقاً من وسطيتي واعتدالي، الصفتين اللتين مازالتا تلازماني حتى اليوم، وقلت للرفيق أبو العبد عصام، بما معناه :

يارفيق، ولكن اللون الرمادي جميل أيضاً، لأنه طبيعي ... الرمادي لون الحقيقة. والأصل في الألوان هو الرمادي وليس أي لون آخر. الألوان الطبيعية التي تتلون بها صور هذه الأيام ما هي إلا غزو للحقيقة واعتداء عليها. فالألوان المصطنعة تبالغ في فقاعتها، وفي النهاية تُصبح متعبة للعين التي سرعان ما تلجأ إلى الرمادي ترتاح في حضنه البارد.

على كلِ حال، في تلك الدورة التي ترافقت مع البرنامج التثقيفي والتنظيمي، والسهرات الجميلة التي كان يُغالبها أداء بعض الأغاني الوطنية والتراثية، ولا أنسى في هذا المقام، الرفيق (كاتيوشا) من مخيم اليرموك، وهذا أسمه الحركي، وهو يُردد بعض الأغاني التي كُنت قد سمعتها لأول مرة، من وحي التجربة الكوبية، وتجربة جيفارا ، ومنها أغنية (نعم قد نموت ولكننا سنقتلع الموت من أرضنا)، والأغنية التالية ايضاً :

قسماً بالورد بالسنابل

بالعيون السود بالرضيع

سنقاتل كلنا نقاتل

لنصون السلم والربيع

**

في غدٍ سنزرع الفيافي

خضرة والسهل والجبال

ونغني كلنا نغني

للهوى والسلم والجمال

**

قدسنا كانت هي الضحية

قدسنا كانت هي النجيع

حملت جروحها الندية

ومشت لفجرها السطيع

**

يا رفاقي اصرخوا جهارا

لن يعيق دربنا استعمار

هتلرٌ من قبل قد توارى

مجرماً مسربلاً بالعار

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت