دروب التوازن

بقلم: بسام سعيد عرار

بسام سعيد عرار
  • بسام سعيد عرار

لولوج معابر التوازن، فإن ذلك لا يقتصر على جانب معين أو طرف بعينه أو جزء من المعالجات دون النظر إلى الجوانب والأبعاد والأطراف المختلفة والمؤثرة في إحداث التوازن، بحيث لا يطغى جانب على آخر، مع أهمية الحرص على تكامل الأجزاء بما يضمن حالة الاستقرار وديمومة الحياة.

حريّ بنا التأمل والتبصّر في التوازن الكوني الدقيق كما أبدعه وأوجده الخالق، وتأمّل الحكمة من وجود الإنسان على كوكب الأرض بما حباه الله من سبل الحياة وسنن الكون الفسيح، وتأمّل دور الإنسان في إعمار الحياة مع التفكّر والتدبّر في الأنفس والآفاق، كذلك حريٌّ بنا التأمّل والتبصر في مدى الاستفادة من موارد الكون والإمكانيات والقدرات والوقوف على المتطلبات، وذلك لتقديم الأفضل والعمل على تجاوز الثغرات وتحقيق الإنجازات، مع ضرورة الحفاظ على مقومات وعناصر الحياة واستدامتها، وهذا يتطلّب بالضرورة تجنب التدخل السلبي بما يعرّض البيئة والحياة للخطر، إضافة إلى هذا فإنّ سعي الإنسان للتطور الإيجابي فكرياً وعاطفياً وروحياً مع أهمية الابتعاد عن الأنماط السلبية واتباع طرق وعادات إيجابية متوازنة مهمٌ جدًّا؛ مهمٌ بما يحقق الصحة البدنية والنفسية والاجتماعية والمعرفية... الخ.

عند إحراز التوازن الذي يحتاجه كل إنسان مع قدرته هو كإنسان على حفظ هذا التوازن وتنميته، عندها يمكنه أن يُحقّق التوازن الصحي المطلوب والانسجام بين جوانب حياته المتنوعة وأولوياته وأهدافه المختلفة.

كذلك وفي السّياق، نشير إلى أهمية التعرف على القدرات والإمكانيات الذاتية ومدى أهمية دور وإمكانيات الآخر بما يساهم في الإدارة المتوازنة للجهد والوقت والعلاقات، مع حسن الاختيار واتخاذ الخطوات في الاتجاه الصحيح والارتقاء على الصعيد الذاتي والعملي والحياتي.

إن التوازن لا يعني الاستكانة السلبية ومواكبة التيار بقدر ما يعني الاستعداد ووضع الخطط واستشراف المستقبل دون إغفال للمتغيرات والأبعاد المكانية والزمانية على صعيد الفرد والمجتمع، ما يتطلب تحمّل المسؤوليات والاهتمام بشؤون وجوانب الحياة المختلفة مع السعي للوصول إلى حالة التوازن وتبديد الحيرة بعيدا عن الجمود والاتكالية والغلو والتشتت.

التوازن في الحياة عطاء متجدد لا يقيم في المنطقة الرمادية، روح تفاعلية لا تشبه الحياد السلبي، وقع من حركية وازنة وموزونة، أوقات ومسافات لا تنتمي للأبعاد المختلّة، وازع من ضمير وقلب ووعي جمعي، إحساس بين الأنا والآخر لا انفصام، ينأى عن النمطية العمياء والمكوث العدمي، تجليات شفيفة واستغوار ممتد، نهج حياة شكلاً ومضموناً، نصاً وروحاً، فكراً وسلوكاً، من غير مغالاة أو هوان، دون شطط أو إهمال، توازن يتسربل بحلل الكرامة الإنسانية والانسجام الكوني، يحمل العدل والأمن وبما يبعث على الطمأنينة والسلام، يستدعي أمداء أرقى وأجمل.

بقلمي
بسام سعيد عرار

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت